أضل الناس

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 12
سورة الأحقاف / الآیة 4 ـ 6 سورة الأحقاف / الآیة 7 ـ 10

کان الکلام فی الآیات السابقة عن خلق السماوات والأرض وأنّها جمیعاً من صنع الله العزیز الحکیم، ولازم ذلک أن لا یکون فی الکون إله سواه، لأنّ من له أهلیة الاُلوهیة هو خالق العالم ومدبره، وهاتان الصفتان قد جمعتا فی الذات المقدسة.

ومن أجل تکملة هذا البحث، تخاطب هذه الآیات النّبی(صلى الله علیه وآله) وتقول: (قل أرأیتم ما تدعون من دون الله أرونی ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرک فی السماوات).

إذا کنتم تقرون بأنّ الأصنام لا دخل لها فی خلق الموجودات الأرضیة مطلقاً، ولا فی خلق الشمسِ والقمر والنجوم وموجودات العالم العلوی، وتقولون بصراحة بأن الله هو خالقها جمیع(1)، فعلام تمدون أکفکم إلى الأصنام التی لا تضرّ ولا تنفع، ولا تسمع ولا تعقل، تستمدون منها العون فی حلّ معضلاتکم، ودفع البلاء عنکم، واستجلاب البرکات إلیکم؟

وإذا قلتم ـ على سبیل الفرض ـ: إنّها شریکة فی أمر الخلق والتکوین  فـ (ائتونی بکتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن کنتم صادقین).

وخلاصة القول، فإنّ الدلیل إمّا أن یکون نقلیاً عن طریق الوحی السماوی، أو عقلیاً منطقیاً، أو بشهادة العلماء وتقریرهم، أمّا أنتم فلستم مستندین إلى الوحی والکتاب السماوی فی دعواکم حول الأصنام، وغیر قادرین من طریق العقل على إثبات اشتراکها فی خلق السماوات والأرض وبالتالی إثبات کونها آلهة، ولم یرد أثر من أقوال العلماء الماضین ما یؤید رأیکم ویدعم اعتقادکم، ومن هنا یتبیّن أنّ دینکم ومعتقدکم لا یعدو کونه حفنة من الخرافات المستهجنة، والأوهام الکاذبة.

بناءً على هذا، فإنّ جملة (أرونی ماذا خلقوا من الأرض...) إشارة إلى دلیل العقل، وجملة (ائتونی بکتاب من قبل هذ) إشارة إلى الوحی السماوی، والتعبیر بـ (أثارة من علم)إشارة إلى سنن الأنبیاء الماضین وأوصیائهم، أو آثار العلماء السابقین(2). وقد ذکر علماء اللغة والمفسّرون عدةّ معان لکلمة «أثارة» ـ على وزن حلاوة ـ فمنها: بقیة الشیء، الروایة، العلامة. لکنّ الظاهر أنّها تعود إلى معنى واحد، وهو الأثر الذی یبقى من الشیء ویدل على وجوده.

وقد وردت مثل هذه المناظرة والمحاکمة مع الوثنیین فی الآیة 40 من سورة فاطر، حیث تقول: (قل أرأیتم شرکاءکم الذین تدعون من دون الله أرونی ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرک فی السماوات أم آتیناهم کتاباً فهم على بیّنت منه بل إن یعد الظالمون بعضهم بعضاً إلاّ غرور).

وممّا یلفت النظر أنّه یقول فی مورد الأرض: (ماذا خلقوا من الأرض) أمّا فی مورد السماء فیقول: (أم لهم شرک فی السماوات) أی إنّ الکلام فی الموردین عن الإشتراک، لأنّ الشرک فی العبادة یجب أن ینشأ من الشرک فی الخالقیة وتدبیر النشأة.

سؤال: وهنا یطرح سؤال، وهو: إذا کان المشرکون یعتقدون ـ عادةً ـ أنّ أمر الخلق مختص بالله سبحانه، فلماذا یطالبون بأحد هذه الأدلة الثالثة؟

الجواب: ویمکن الإجابة بأنّ هذه المطالبة موجهة إلى فئة قلیلة من بین عبدة الأوثان، یحتمل أنّهم کانوا یقولون باشتراک الأصنام فی الخلق، أو أنّها طرحت على سبیل الفرض، أی إنّکم إذا ظننتم یوماً أنّ الأصنام شریکة فی خلق العالم، فاعلموا أن لا دلیل لکم على ذلک، لا من النقل ولا من العقل.

بعد ذلک تبیّن الآیة التالیة عمق ضلالة هؤلاء المشرکین وانحرافهم، فتقول: (ومن أضل ممن یدعوا من دون الله من لا یستجیب له إلى یوم القیامة) ولا یقف الأمر عند عدم إجابتهم وحسب، بل إنّهم لا یسمعون کلامهم: (وهم عن دعائهم غافلون).

ویرى بعض المفسّرین أنّ مرجع الضمیر فی هذه الآیة إلى الأصنام الجامدة المیتة، باعتبار أنّ أکثر آلهة مشرکی العرب کانت الأصنام، واعتبره البعض إشارة إلى الملائکة والبشر الذین عُبدوا من دون الله، لأنّ عبدة الملائکة والجن لم یکونوا قلّة بین العرب، والتعبیرات المختلفة لهذه الآیة، والمتناسبة مع ذوی العقول تؤید هذا المعنى.

لکن لا مانع من أن نفسر الآیة بمعناها الواسع، فتدخل فیه کلّ هذه المعبودات، سواء الحیة والمیتة، العاقلة وغیر العاقلة، فتکون التعابیر متناسبة مع ذوی العقول من باب التغلیب.

وعندما تقول الآیة: إنّهم لا یجیبونهم إلى یوم القیامة، فإنّ ذلک لا یعنی أنّهم سیجیبونهم یوم القیامة ـ کما ظن البعض ذلک ـ بل إنّ هذا التعبیر متداول فی النفی المؤکّد، کما نقول مثلاً: لو أصررت على فلان إلى یوم القیامة لما أقرضک، أی أنّه سوف لا یقوم بها العمل أبداً، لا أنّه سیلبی طلبک فی یوم القیامة.

وسبب ذلک معلوم أیضاً، لأنّ کلّ سعی وجهد وتلبیة طلب وقضاء حاجة نافع فی هذه الحیاة الدنیا، فإذا انتهت انتهى معها إمکان القیام بکلّ هذه الأعمال.

والأشد أسفاً من ذلک أنّه: (وإذا حشر الناس کانوا لهم أعداء وکانوا بعبادتهم کافرین).

أمّا المعبودات من العقلاء، فإنّهم سیهبّون لإظهار عدائهم لهؤلاء الضالین، فالمسیح (علیه السلام)یظهر اشمئزازه وتنفره من عابدیه، وتتبرأ الملائکة منهم، بل وحتى الشیاطین والجن تظهر عدم رضاها. وأمّا المعبودات التی لا عقل لها ولا حیاة، فإنّ الله سبحانه سمنحها العقل والحیاة لتنطق بالبراءة من هؤلاء العبدة وتبدی غضبها علیهم.

لقد ورد نظیر هذا المعنى فی آیات القرآن الاُخرى، ومن جملتها الآیة 14 من سورة فاطر، حیث تقول: (إن تدعوهم لا یسمعوا دعاءکم ولو سمعوا ما استجابوا لکم ویوم القیامة یکفرون بشرککم ولا ینبّئک مثل خبیر). وکررت فی الآیات مورد البحث کلّ هذه المسائل بتفاوت یسیر.

لکن کیف ینکر المعبودون عبادة عابدیهم، وهی ممّا لا ینکر؟

ربّما کان ذلک إشارة إلى أنّهم کانوا یعبدون أهواءهم فی الحقیقة، ولم یکونوا یعبدون تلک الآلهة، لأنّ أساس الوثنیة عبادة الهوى.

وهنا نکتة تستحق الإنتباه، وهی: إنّ عداء المعبودین لعبدتهم یوم القیامة لم یرد التأکید علیه هنا فقط، بل نقرأ ذلک أیضاً فی الآیة 25 من سورة العنکبوت على لسان إبراهیم (علیه السلام)بطل التوحید ومحطم الأصنام إذ یقول: (وقال إنّما اتخذتم من دون الله أوثاناً مودّةَ بینکم فی الحیاة الدنیا ثمّ یوم القیامة یکفر بعضکم ببعض ویلعن بعضکم بعض).

وجاء فی الآیة 82 من سورة مریم: (کلا سیکفرون بعبادتهم ویکونون علیهم ضد).


1. لقد ورد هذا المعنى فی أربع آیات من القرآن، وطالعوا تفصیلاً أکثر حول هذا المطلب فی ذیل الآیة 25 من سورة الزخرف من التّفسیر الأمثل.
2. نقرأ فی حدیث روی عن الإمام الباقر (علیه السلام) فی أصول الکافی فی تفسیر جملة (أو أثارة من علم) أنّه قال: «إنّما عنى بذلک علم أوصیاء الأنبیاء». تفسیر نورالثقلین، ج 5، ص 9.
سورة الأحقاف / الآیة 4 ـ 6 سورة الأحقاف / الآیة 7 ـ 10
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma