یوم تبدو السیئات

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 12
سورة الجاثیة / الآیة 32 ـ 37 محتوى السورة

الآیة الأولى من هذه الآیات توضیح لما ذکر فی الآیات السابقة بصورة مجملة، توضیح لمسألة استکبار الکافرین على آیات الله ودعوة الأنبیاء، فتقول: (وإذا قیل إنّ وعد الله حقّ والسّاعة لا ریب فیها قلتم ما ندری ما السّاعة إنّ نظنّ إلاّ ظّناً وما نحن بمستیقنین).

التعبیر بـ (ما ندری ما الساعة) فی حین أنّ معنى القیامة لم یکن غامضاً علیهم أو مبهماً، وإن کان شک لدیهم ففی وجودها، ممّا یوحی بأنّهم کانوا فی موضع تکبر وعدم اهتمام، ولو کانت لدى هؤلاء روح تتبع الحق وطلبه لرأوا أنّ ماهیة یوم القیامة أمر واضح، کما أنّ الدلیل علیها بیّن جلی، ومن هنا یتّضح الجواب عن سؤال طرح هنا، وهو: أنّ هؤلاء إن کانوا ـ حقاً ـ فی شکّ من الأمر، فلا تثریب علیهم ولا إثم، لکن الشک لم یکن ناشئاً من عدم وضوح الحق، بل ناتج عن الکبر والغرور والعناد التعصب.

ویحتمل أیضاً أن یکون هدفهم من تهافت کلامهم وتناقضه السخریة والإستهزاء.

وتتحدث الآیة التالیة عن جزاء هؤلاء وعقابهم، ذلک الجزاء الذی لا یشبه عقوبات

المحاکم الدنیویة، فتقول: (وبدالهم سیّئات ما عملو) فستتجسد القبائح والسیئات أمام أعینهم، وتتّضح لهم، وتکون لهم قریناً دائماً یتأذون من وجوده إلى جانبهم ویتعذبون من صحبته: (وحاق بهم ما کانوا به یستهزئون)(1).

والأشد ألماً من کلّ ذلک هو الخطاب الذی یخاطبهم به الله الرحمن الرحیم، فیقول سبحانه: (وقیل الیوم ننساکم کما نسیتم لقاء یومکم هذ).

لقد ورد هذا التعبیر بصیغ مختلفة فی القرآن الکریم مراراً، ففی الآیة 51 من سورة الأعراف: (فالیوم ننساهم کما نسوا لقاء یومهم هذ).

وجاء هذا المعنى أیضاً باُسلوب آخر فی الآیة 14 من سورة ألم السجدة.

لاشک أنّ النسیان لا معنى له بالنسبة إلى الله سبحانه الذی یحیط علمه بکلّ عالم الوجود، لکنّه هنا کنایة لطیفة عن احتقار الإنسان المجرم العاصی وعدم الإهتمام به، ویلاحظ هذا التعبیر حتى فی محادثاتنا الیومیة، فنقول: انسَ فلاناً الذی لا وفاء له، أی عامله کإنسان منسی، ولا تمنحه المحبة والعطف والوداد، واترک تفقد أحواله، ولا تذهب إلیه أبداً.

ثمّ إنّ هذا التعبیر تأکید آخر ـ بصورة ضمنیة ـ على مسألة تجسم الأعمال، وتناسب الجریمة والعقاب، لأنّ نسیانهم لیوم القیامة فی الدنیا یؤدّی إلى أن ینساهم الله یوم القیامة، وما أعظم مصیبة نسیان الله الرحمن الرحیم لفرد من الأفراد، وحرمانه من جمیع ألطافه ومننه.

وذکر المفسّرون هنا تفاسیر مختلفة للنسیان تتلخص جمیعاً فی المعنى المذکور أعلاه، ولذلک لا نرى حاجة لتکرارها.

ثمّ إنّ المراد من نسیان لقاء یوم القیامة، نسیان لقاء کلّ المسائل والحوادث التی تقع فی ذلک الیوم، سواء الحساب أم غیره، حیث کانوا ینکرونها.

ویحتمل أیضاً أن یکون المراد نسیان لقاء الله سبحانه فی ذلک الیوم، لأنّ یوم القیامة قد وصف فی القرآن المجید بیوم لقاء الله، والمراد منه الشهود الباطنی.

وتتابع الآیة الحدیث، فتقول: (ومأواکم النّار) وإذا کنتم تظنون أنّ أحداً سیهبّ لنصرتکم وغوثکم، فاقطعوا الأمل من ذلک، واعلموا أنّه (وما لکم من ناصرین).

أمّا لماذا ابتلیتم بمثل هذا المصیر؟ ف(ذلکم بأنّکم اتّخذتم آیات الله هزواً وغرّتکم الحیاة الدّنی).

وأساساً فإنّ «الغرور» و«الاستهزاء» لا ینفصلان عن بعضهما عادة، فإنّ الأفراد المغرورین والمتکبرین الذین ینظرون إلى الآخرین بعین الإحتقار یتخذونهم هزواً ویسخرون منهم، ومصدر الغرور فی الواقع هو متاع الدنیا وقدرتها وثروتها الزائلة المؤقتة، والتی تدع الأفراد الضیقی الصدور فی غفلة تامة لا یعیرون معها لدعوة رسل الله أدنى اهتمام، ولا یکلفون أنفسهم حتى النظر فیها للوقوف على صوابها من عدمه.

وتکرر الآیة ما ورد فی الآیة السابقة وتؤکّده باُسلوب آخر، فتقول: (فالیوم لا یخرجون منها ولا هم یستعتبون)(2)، فقد کان الکلام هناک عن مأواهم ومقرهم الثابت، والکلام هنا عن عدم خروجهم من النّار... حیث قال هناک: ما لهم من ناصرین، وهنا یقول: لا یقبل منهم عذر، والنتیجة هی أنّ لا سبیل لنجاتهم.

وفی نهایة هذه السورة، ولإکمال بحث التوحید والمعاد، والذی کان یشکل أکثر مباحث هذه السورة، تبیّن الآیتان الأخیرتان وحدة ربوبیة الله وعظمته، وقدرته وحکمته، وتذکر خمس صفات من صفات الله سبحانه فی هذا الجانب، فتقول أولاً: (فلله الحمد) لأنّه (ربّ السّماوات وربّ الأرض ربّ العالمین).

«الرّب» بمعنى المالک والمدبر، والحاکم والمصلح، وبناء على هذا فکلّ خیر وبرکة تأتی منه سبحانه ولذلک، ترجع إلیه کلّ المحامد والثناء، فحتى الثناء على الورد، وصفاء العیون، وعذوبة النسیم، وجمال النجوم، حمد له وثناء علیه، فإنّها جمیعاً تصدر عنه، وتنمو بفضله ورعایته.

والطریف أنّه یقول مرّة: ربّ السماوات، واُخرى: ربّ الأرض، وثالثة: ربّ عالم الوجود والعالمین، لیفند الإعتقاد بالآلهة المتعددة التی جعلوها للموجودات المختلفة، ویدعو الجمیع إلى توحید الله سبحانه والإعتقاد بأحدیته.

وبعد وصف ذاته المقدسة بمقام الحمد والربوبیة، تضیف الآیة فی الصفة الثالثة: (وله الکبریاء فی السّماوات والأرض) لأنّ آثار عظمته ظاهرة فی السماء المترامیة الأطراف، والأرض الواسعة الفضاء، وفی کلّ زاویة من زوایا العالم.

لقد کان الکلام فی الآیة السابقة عن مقام الربوبیة، أی کونه تعالى مالکاً لاُمور عالم الوجود ومدبراً لها، والکلام هنا عن عظمته، فکلما دققنا النظر فی خلق السماء والأرض وتأملناه، سنزداد معرفة بهذه الحقیقة، وتزداد بصیرتنا بها.

وأخیراً تقول الآیة فی الوصفین الرابع والخامس: (وهو العزیز الحکیم) وبذلک تکمل مجموعة العلم والقدرة والعظمة والربوبیة والمحمودیة، والتی هی مجموعة من أهم صفات الله، وأسمائه الحسنى.

ولعلها تشیر إلى أنّ: له الحمد فاحمدوه، وهو الرب فاشکروا له، وله الکبریاء فکبروه، وهو العزیز الحکیم فأطیعوه.

وبوصف الله سبحانه بالعزیز والحکیم تنتهی سورة الجاثیة کما بدأت بهما، وکل محتواها وما تضمنته شاهد على عزّة الله سبحانه وحکمته السامیة.

اللّهمَّ، إنا نقسم علیک بکبریائک وعظمتک، وبمقام ربوبیتک، وعزتک وحکمتک، أن تثبت أقدامنا فی طریق طاعة أوامرک.

اللّهمَّ، إنّ کلّ حمد وثناء نؤدّیه فبتوفیق منک، وکلّ ما لدینا من برکاتک وألطافک، فأدم اللّهمَّ هذه النعم وزدها علینا.

إلهنا: نحن غارقون فی بحر إحسانک وکرمک، فوفقنا لأداء شکرک.


1. «حاق» من مادة «حوق»، وهی فی الأصل بمعنى الورود، والنّزول، والإصابة، والإحاطة. وقال البعض: إنّ أصلها (حق) ـ بمعنى التحقیق ـ فأبدلت القاف الأولى إلى واو، ثمّ إلى ألف.
2. أعطینا التوضیح اللازم حول معنى (یستعتبون) وأصلها فی ذیل الآیة 57 من سورة الروم.

 

آمین یا ربّ العالمین.

نهایة سورة الجاثیة

سورة الجاثیة / الآیة 32 ـ 37 محتوى السورة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma