الدّخان القاتل

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 12
 سورة الدخان / الآیة 9 ـ 16 ما المراد من الدخان المبین؟

لما کان الکلام فی الآیات السابقة فی أنّ هؤلاء إن کانوا طلاّب یقین، فإنّ سبل تحصیله کثیرة، وتضیف أوّل آیة من هذه الآیات (بل هم فی شک یلعبون) فإنّ شک هؤلاء فی حقانیة هذا الکتاب السماوی وفی نبوّتک، لیس نابعاً من کون المسألة معقدة صعبة، بل من عدم جدیتهم فی التعامل معها، فهم یتعاملون معها بهزل، فیستهزئون ویسخرون تارة، ویصفون أنفسهم بعدم الاطلاع والإلمام وبالجهل تارة أخرى، ویشغلون أنفسهم کل یوم باُسلوب لعب جدید.

«یلعبون» من مادة «اللعاب» ـ على قول الراغب ـ وهو البزاق السائل، ولما لم یکن للإنسان هدف مهم من اللعب، فقد شبهه بالبزاق الذی یبصقه الفرد لا إرادیاً.

ومهما کان، فإن الحقیقة هی أن التعامل الجدی مع المسائل یعین الإنسان فی معرفة الحقائق، أمّا التعامل الهازل الفارغ فإنّه یلقی الحجب علیها ویمنعه من الوصول إلیها.

ثمّ انتقلت الآیة التالیة إلى تهدید هؤلاء المنکرین المعاندین المتعصبین، فی الوقت الذی وجهت الخطاب إلى النّبی(صلى الله علیه وآله) فقالت: (فارتقب یوم تأتی السماء بدخان مبین * یغشى الناس هذا عذاب ألیم).

عند ذلک سیعم الخوف والاضطراب کل وجودهم، وتزول الحجب من أمام أعینهم، فیقفون على خطئهم الکبیر، ویتجهون إلى الله تعالى بالقول: (ربّنا اکشف عنّا العذاب إنّا مؤمنون).

إلاّ أنّ الله عزَّوجلّ یرفض طلب هؤلاء ویقول: (أنّى لهم الذکرى وقد جاءهم رسول مبین) رسول کان واضحاً فی نفسه وتعلیماته وبرامجه وآیاته ومعجزاته، ومبیناً لها جمیعاً.

غیر أنّ هؤلاء بدل أن یذعنوا له، ویؤمنوا بالله الواحد الأحد، ویتقبلوا أوامره بکل وجودهم، أعرضوا عن النّبی(صلى الله علیه وآله) (ثمّ تولوا عنه وقالوا معلم مجنون).

فکانوا یقولون تارة: إنّ غلاماً رومیاً سمع قصص الأنبیاء وأخبارهم یعلمه إیاها، وهذه الآیات من اختراعه وإملائه على النّبی(صلى الله علیه وآله) (ولقد نعلم أنّهم یقولون إنّما یُعَلّمه بشر لسان الذی یلحدون إلیه أعجمىّ وهذا لسان عربىّ مبین)(1).

ویقولون تارة اُخرى: إنّه مصاب بالاختلال الفکری والعقلی، وهذه الکلمات ولیدة فقدانه التوازن الفکری.

ثمّ تضیف الآیة التالیة: (إنا کاشفوا العذاب قلیلا إنکم عائدون) ومن هنا یتّضح أنّهم عندما یقعون فی قبضة العذاب، یندمون على ما بدر منهم من أفعال، ویصممون على تعدیل سلوکهم وإصلاحه، إلاّ أنّ هذا الموقف الجدید مؤقت وسریع الزوال، فما أن تهدأ عاصفة الأحداث حتى یعودوا لما کانوا علیه من قبل.

ویقول سبحانه فی آخر آیة من هذه الآیات (یوم نبطش البطشة الکبرى إنا منتقمون).(2)

«البطش» هو تناول الشیء بصولة، وهنا بمعنى الأخذ للإنتقام الشدید، ووصف البطشة بالکبرى إشارة إلى العقوبة الشدیدة التی تنتظر هذه الفئة.

والخلاصة: أنّه على فرض تخفیف العقوبات المؤقتة فی حق هؤلاء، فإنّ العقوبات النهائیة العسیرة تنتظرهم، ولا مفرّ لهم منها.

«منتقمون» من مادة «الانتقام»، وکما قلنا سابقاً فإنّها تعنی العقوبة والجزاء، وإن کانت کلمة الإنتقام تعطی معنى آخر فی محادثاتنا الیومیة فی عصرنا الحاضر، حیث تعنی العقوبة المقترنة بإخماد نار الغضب وتفریغ ما فی القلب من انفعال وحبّ الإنتقام، إلاّ أنّ هذا الأمر لا وجود له فی المعنى اللغوی للکلمة.


1. النحل، 103.
2. احتمل المفسّرون فی ترکیب هذه الجملة احتمالات کثیرة، وأکثرها قبولا من قبل المفسّرین، وهو المناسب أیضاً لسیاق الآیة: إن (یوم) متعلق بفعل (ننتقم) الذی یفهم من جملة (إنا منتقمون) وعلى هذا یکون التقدیر: ننتقم منهم یوم نبطش البطشة الکبرى إنا منتقمون.
 سورة الدخان / الآیة 9 ـ 16 ما المراد من الدخان المبین؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma