من یملک الشفاعة؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 12
سورة الزّخرف / الآیة 86 ـ 89 محتوى سورة الدّخان

لا زال الحدیث فی هذه الآیات ـ وهی آخر آیات سورة الزخرف ـ حول إبطال عقیدة الشرک وتفنیدها، وعاقبة المشرکین المُرّة، وهی توضح بطلان عقیدتهم بدلائل اُخرى.

تقول الآیة الأولى: (ولا یملک الّذین یدعون من دونه الشّفاعة) فلا تقام الشفاعة عند الله إلاّ بإذنه، ولم یأذن الله الحکیم بها لهذه الأحجار والأخشاب التی لا قیمة لها، والفاقدة للعقل والشعور والإدراک مطلقاً.

لکن لما کانت الملائکة وأمثالها من بین آلهة هؤلاء، فقد استثنوا فی ذیل الآیة، فقالت: (إلاّ من شهد بالحقّ) وهم الذین أسلموا لوحدانیة الله سبحانه فی جمیع المراحل، وأذعنوا لها، نعم، هؤلاء هم الذین یشفعون بإذن الله تعالى.

لکن لیس الأمر کما تتوهمون أنّهم یشفعون لأی کان، حتى وإن کان وثنیاً ومشرکاً ومنحرفاً عن طریق التوحید وضالاً عن الصراط المستقیم، بل (وهم یعلمون) جیداً لمن یشفعون.

وعلى هذا فإنّهم یقطعون الأمل من شفاعة الملائکة لسببین:

الأوّل: أنّها کانت بنفسها تقرّ بوحدانیة الله وتشهد بها، ولذلک حصلت على إذن الشفاعة.

والآخر: أنهم یعرفون جیداً من له أهلیة الشفاعة ومستحقه(1).

واعتبر البعض جملة (وهم یعلمون) مکملة لجملة (إلاّ من شهد بالحق) وعلى هذا یصبح معنى الآیة: إنّ الذین یشهدون بالتوحید ویعلمون حقیقته هم الذین یملکون حق الشفاعة فقط. إلاّ أنّ التّفسیر الأوّل هو الأنسب.

وعلى أیة حال، فإنّ هذه الآیة تبیّن الشرط الأساس الذی ینبغی توفّره فی الشفعاء عند الله تعالى، وهم الشاهدون بالحق، والعالمون به على الدوام والمحیطون بروح التوحید جیداً، وهم کذلک عالمون بأحوال المشفوع لهم وأوضاعهم.

ثمّ تدین المشرکین من أفواههم، وتجیبهم جواباً قاطعاً، فتقول: (ولئن سألتهم من خلقهم لیقولنّ الله).

لقد قلنا مراراً إن من النادر أن یوجد من بین مشرکی العرب وغیرهم من یعتقد أنّ الأصنام هی الخالقة لهم، فإنّ الأعم الأغلب منهم یعتبرون الأصنام وسائط وشفعاء یقربونهم إلى الله زلفى، أو أنّها دلائل وعلامات لأولیاء الله المقدسین، ثمّ یضمون إلیها ذریعة أن معبودنا یجب أن یکون موجوداً ملموساً ومحسوساً لنأنس به، فیعبدونها، ولذا فإنّهم متى ما سئلوا عن خالقهم فسیقولون: الله.

وقد ذکّر القرآن مراراً بحقیقة أن العبادة لا تلیق إلاّ بخالق هذا الکون ومدبره، وإذا کنتم تعلمون أنّ الله هو الخالق والمدبر، فلم یبق لکم إلاّ أن تقصروا عبادتکم علیه، وتخصوه بها.

ولذلک فإنّ الآیة تقول فی نهایتها (فأنّى تؤفکون) وهو لوم وتوبیخ لهم... فإنّکم إذا علمتم حقیقة الأمر فلم تعرضون عن الله وتعبدون غیره؟

وتحدثت الآیة التالیة عن شکوى النّبی(صلى الله علیه وآله) إلى الله سبحانه من هؤلاء القوم المتعصبین الذین لا منطق لدیهم، فقالت: (وقیله یا ربّ إنّ هؤلاء قوم لا یؤمنون).

إنّه یقول: لقد تحدثت مع هؤلاء القوم لیلاً ونهاراً، فأتیتهم من طریق التبشیر والإنذار، وذکرت لهم قصص الأقوام الماضین المؤلمة، وحذرتهم من عذابک، ورغبتهم فی رحمتک إن هم رجعوا عن طریق الضلال، وخلاصة القول: إنّی أبلغتهم الأمر ما استطعت إلى ذلک سبیلاً، وقلت کل ما ینبغی أن یقال، إلاّ أن حرارة کلامی لم تؤثر فی برودة قلوبهم، فهی کالحجارة أو أشدّ قسوة، فلم یؤمنو(2).

ویأمر الله سبحانه نبیّه فی آخر آیة أن (فاصفح عنهم)ولا یکن إعراضک عنهم إعراض افتراق وغضب وأذى وجرح للمشاعر، بل أعرض عنهم (وقل سلام) لا سلام تحیة ومحبّة، بل سلام وداع وافتراق.

إنّ هذا السلام یشبه ذلک السلام الذی ورد فی الآیة 63 من سورة الفرقان: (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلام) سلام هو علامة اللامبالاة بهم ممتزجةً بالعلوّ والعزة.

ومع ذلک فإنّه تعالى یهددهم ویحذرهم بجملة عمیقة المعنى، لئلا یتصوروا أنّ الله تارکهم بعد هذا الفراق والوداع، فیقول: (فسوف یعلمون).

نعم، سوف یعلمون أی نار محرقة قد أوقدوها لأنفسهم بعنادهم، وأی عذاب ألیم قد هیأوا أسبابه لیطالهم فیما بعد؟

وقد ذکر البعض سبب نزول الآیة (ولا یملک الّذین یدعون...) وهو : أنّ «النضر بن الحارث» ونفراً من قریش قالوا: إن کان ما یقوله محمّد حقاً، فلا حاجة لنا بشفاعته، فإننا نحبّ الملائکة وهم أولیاؤنا، وهم أحق بالشفاعة، فنزلت هذه الآیة ونبهتهم على أنّ الملائکة لا تشفع یوم القیامة إلاّ لمن یشهدون بالحق، أی للمؤمنین.(3) (4)

وهنا تنتهی سورة الزخرف.

اللّهم، قربنا منک ومن أولیائک یوماً بعد یوم، وزدنا حباً لک ولهم حتى تنالنا شفاعتهم.

اللّهم، احفظنا من کل شرک خفی وجلی.

اللهم فعاملنا بفضلک فی ذلک الیوم ولا تعاملنا بعدلک، یا أرحم الراحمین.

نهایة سورة الزخرف


1. طبقاً لهذا التّفسیر فإنّ استثناء (إلاّ من شهد بالحقّ) استثناء متصل، لکنه یصبح منقطعاً فیما إذا کان المراد من جملة (الذین یدعون من دونه الشفاعة) خصوص الأصنام. لکن یبدو أنّ المعنى الأوّل هو الأنسب، خاصة بملاحظة (الذین) وهی للعاقل، أو التغلیب من العاقل وغیر العاقل.
2. هنا اختلاف کبیر بین المفسّرین فی أنّ (قیله) معطوفة على ماذا؟ فالبعض یعتقد أنّها معطوفة على الساعة التی مرت قبل ثلاث آیات، وعلى هذا یصبح معنى الجملة: إنّ الله عنده علم الساعة، وشکوى النّبی من الکفار.
والبعض الآخر اعتبرها معطوفة على (علم الساعة) بشرط أن تکون (علم) مقدرة قبل (قیله) کمضاف محذوف. وهو لا یختلف کثیراً عن التّفسیر الأول.
واعتبر جماعة الواو واو القسم. وهناک احتمالات اُخرى لو ذکرناها هنا لطال بنا المقام.
وهنا احتمال آخر لعله أفضل من کل ما قیل فی هذا الباب، وهو أنّها معطوفة على محذوف جملة: (انى یؤفکون)، وتقدیر ذلک: (أنى یؤفکون عن عبادته وعن قیله یارب إن هؤلاء قوم لا یؤمنون).
3. وفقاً لهذا التفسیر أنّ جملة (الاّ من شهد بالحقّ) توصیفٌ للمشفعین، لا للشّافعین.
4. تفسیر القرطبى، ج 9، ص 5942.
سورة الزّخرف / الآیة 86 ـ 89 محتوى سورة الدّخان
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma