ذرهم فی خوضهم یلعبون

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 12
 سورة الزّخرف / الآیة 81 ـ 85 بحوث

لما کان البحث فی الآیات السابقة ـ وخاصة فی بدایة السورة ـ عن مشرکی العرب واعتقادهم بأنّ لله ولداً، وأنّهم کانوا یظنون الملائکة بنات الله، ولما مر البحث فی عدة آیات مضت عن المسیح(علیه السلام) ودعوته إلى الوحدانیة الخالصة والعبودیة لله وحده، فقد ورد البحث فی هذه الآیات فی نفی هذه العقائد الفاسدة عن طریق آخر.

تقول الآیة: (قل إن کان للرحمن ولد فأنا أول العابدین) لأنّ إیمانی بالله أقوى من إیمانکم جمیعاً، ومعرفتی به أکبر، وعلیه فیجب أن أعظّم ولده وأطیعه قبلکم.

وبالرغم من أنّ مضمون هذه الآیة بدأ معقداً لجماعة من المفسّرین، فذکروا توجیهات مختلفة له کان بعضها عجیباً جدّ(1)، لکن لا یوجد فی الواقع أی تعقید فی محتوى الآیة، وهذا الأسلوب الرائع یستعمل مع الأفراد العنودین المتعصبین، کما لو قال شخص: إنّ فلاناً أعلم من الجمیع، فی حین أنّه لا یعلم شیئاً، فیقال له: إذا کان هو الأعلم فأنا أوّل من یتبعه، وذلک لیبذل القائل جهده فی البحث عن دلیل یدعم به مدعاه، وعندما یصطدم بصخرة الواقع یستیقظ من غفلته.

غایة ما فی الأمر أنّ هناک نکتتین یجب الإلتفات إلیهما:

الأولى: أنّ العبادة لا تعنی العبادة فی کل الموارد، فقد تأتی أحیاناً بمعنى الطاعة والتعظیم والإحترام، وهی هنا بهذا المعنى، فعلى فرض أنّ لله ولداً ـ وهو فرض محال ـ فلا دلیل على عبادته، لکنّه لما کان ـ طبقاً لهذا الفرض ـ ابن الله فیجب أن یکون مورد احترام وتقدیر وطاعة.

والاُخرى: أنّ (لو) تستعمل بدل (أن) فی مثل هذه الموارد عادة فی أدب العرب، وهی تدل على کون الشیء مستحیلاً، وإنّما لم تستعمل فی الآیة ـ مورد البحث ـ مماشاة وانسجاماً فی الکلام مع الطرف المقابل.

وعلى هذا، فإنّ النّبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) یقول: لو کان لله ولد لبادرت قبلکم إلى احترامه وتعظیمه، لیطمئن هؤلاء من إستحالة أن یکون لله ولد.

بعد هذا الکلام ذکرت الآیة دلیلاً واضحاً على نفی هذه الإدعاءات، فقالت: (سبحان ربّ السّماوات والأرض ربّ العرش عمّا یصفون) فإنّ من کان مالکاً للسماوات والأرض ومدبراً لها، وربّاً للعرش العظیم، لا یحتاج إلى الولد، فهو الوجود اللامتناهی، والمحیط بکل عالم الوجود، ومربی کل عالم الخلقة، بل یحتاج الولد من یموت، ولا یستمر وجوده إلاّ عن طریق الولد.

الولد لازم لمن یحتاج العون والأنس فی وقت العجز والوحدة.

وأخیراً فإنّ وجود الولد دلیل على الجسمانیة والانحصار فی حیّز الزمان والمکان.

إنّ ربّ العرش، والسماء والأرض، والمنزّه عن کل هذه الاُمور، غنی عن الولد.

والتعبیر ب(ربّ العرش) بعد (ربّ السّماوات والأرض) من قبیل ذکر العام بعد الخاص، لأنّ العرش ـ وکما قلنا سابقاً ـ یقال لمجموع عالم الوجود، والذی هو عرش حکومة الله عزَّ وجلّ.

ویحتمل أیضاً أن یکون العرش إشارة إلى عالم ما وراء الطبیعة، فیکون فی مقابل السماوات والأرض التی تشیر إلى عالم المادة.

لمزید الإطلاع على معنى العرش، راجع التّفسیر الأمثل ذیل الآیة 255 من سورة البقرة، وأوسع منه ما جاء فی ذیل الآیة 7 من سورة المؤمن.

ثمّ تضیف الآیة الاُخرى کاحتقار لهؤلاء المعاندین وتهدید لهم، وهو بحد ذاته أسلوب آخر من أسالیب البحث مع أمثال هؤلاء الأفراد (فذرهم یخوضوا ویلعبوا حتى یلاقوا یومهم الذی یوعدون) لیجنوا عاقبة أعمالهم، ولیذوقوا وبال أمرهم.

من الواضح أن المراد من هذا الیوم الموعود هو یوم القیامة، وما احتمله البعض من أنّ المراد هو لحظة الموت فیبدو بعیداً جدّاً، لأنّ الجزاء على الأعمال یکون فی یوم القیامة لا فی لحظة الموت.

إنّه نفس الیوم الموعود الذی أقسمَ الله تعالى به فی الآیة 2 من سورة البروج، حیث تقول الآیة: (والیوم الموعود).

وتواصل الآیتان التالیتان البحث حول مسألة التوحید، وهما تشکلان نتیجة للآیات السابقة من جهة، ومن جهة اُخرى دلیلاً لتکملتها وإثباتها، وفیهما سبع من صفات الله سبحانه، ولجمیعها أثر فی تحکیم وتقویة مبانی التوحید.

فتقف الآیة الأولى بوجه المشرکین الذین کانوا یعتقدون بانفصال إله السماء عن إله الأرض، بل ابتدعوا للبحر إلهاً، وللصحراء إلهاً وآخر للحرب، ورابعاً للصلح والسلم، وآلهة مختلفة ومتعددة بتعدد الموجودات، فتقول: (وهو الّذی فی السّماء إله وفی الأرض إله) لأنّ کونه إلهاً فی السماء والأرض یثبت کونه ربّاً ومعبوداً فیهما ـ وقد مرّ ذلک فی الآیات السابقة ـ لأنّ المعبود الحقیقی هو ربّ العالم ومدبره، لا الأرباب المختلفة، ولا الملائکة، ولا المسیح ولا الأصنام، فکلها لیست أهلاً لأن تکون أرباباً وآلهة، إذ لیس لها مقام الربوبیة، فکلها مخلوقة فی أنفسها ومربوبة، وتتمتع بأرزاق الله، وکلها تعبده سبحانه.

وتقول فی الصفتین الثّانیة والثّالثة (وهو الحکیم العلیم) فکل أعماله تقوم على أساس الدقّة والحساب والنظم، وهو علیم بکل شیء ومحیط به، وبذلک فإنّه یعلم أعمال العباد جیداً، ویجازیهم علیها طبقاً لحکمته.

وتتحدث الآیة الثانیة فی الصفتین الرابعة والخامسة، برکات وجوده الدائمة الوفیرة، وعن امتلاکه السماء والأرض وما بینهما، فتقول: (تبارک الّذی له ملک السّماوات والأرض وما بینهم).

«تبارک» من مادة «برکة»، وتعنی امتلاک النعمة الوفیرة، أو الثبات والبقاء، أو کلیهما، وکلاهما یصدقان فی شأن الله تعالى، فإنّ وجوده باق وخالد، وهو مصدر النعم الکثیرة.

ولیس للخیر الکثیر کمال المعنى إذا لم یکن ثابتاً وباقیاً، فإنّ الخیرات مهما کانت کثیرة، فهی تعد قلیلة إذا کانت مؤقتة وسریعة الزوال.

وتضیف فی الصفتین السّادسة والسّابعة: (وعنده علم السّاعة وإلیه ترجعون) وعلى هذا فإذا أردتم الخیر والبرکة فاطلبوها منه لا من الأصنام، فإنّ مصائرکم إلیه یوم القیامة، وهو المرجع الوحید لکم، وبیده کل شیء، ولیس للأصنام والآلهة أی دور فی هذه الاُمور.


1. فمثلاً: نرى بعض المفسّرین قد فسّر (إن) هنا بمعنى النفی، و(أنا أول العابدین) بمعنى أول من عبد الله، وعلى هذا التّفسیر فإن معنى الآیة یصبح: لا ولد لله أبداً، وأنا أوّل من عبد لله!
وفسر البعض الآخر (العابدین) بالذی یأبى العبادة، وعلى هذا یکون المعنى: إن کان لله ولد فإنی سوف لا أعبد مثل هذا الرب أبداً، لأنه بأبوته لا یمکن أن یکون رباً.
وواضح أن مثل هذه التفاسیر لا تنسجم مع ظاهر الآیة بأی وجه من الوجوه.
 سورة الزّخرف / الآیة 81 ـ 85 بحوث
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma