رسمت الآیة أعلاه صورة وافیة ومفصّلة من وجهة النظر الإسلامیة فی مجال التربیة والتعلیم، وتوسعة دائرة العدل وإقامة القسط فی المجتمع الإنسانی.
ففی البدایة أکّدت الآیة على ضرورة الاستفادة من الدلائل والبیّنات والکتب السماویة، وضوابط القیم، وبیان الأحکام والقوانین... وذلک لترسی أساساً لثورة فکریة وثقافیة متینة مرتکزة على قاعدة من العقل والمنطق.
إلاّ أنّه فی حالة عدم جدوى تلک الوسائل والأسالیب، وحین الوصول إلى طریق مغلق فی الاستفادة من الاُسلوب المتقدّم بسبب تعنّت الطواغیت، ومواجهة الاستکبار لرسل الحقّ والقسط، والإعراض عن قیم وضوابط وأحکام (الکتاب والمیزان)... فهنا یأتی دور «الحدید»، الذی فیه «بأس شدید» حین یوجّه صفعة قویّة على رؤوس الجبابرة بهذا السلاح کی یستسلموا للقسط والعدل ودعوة الحقّ التی جاء بها الأنبیاء(علیهم السلام)، ومن الطبیعی أنّ نصرة المؤمنین أساسیّة فی هذا المجال.
وورد حدیث عن رسول الله(صلى الله علیه وآله) فی هذا الصدد حیث قال: «بعثت بالسیف بین یدیّ الساعة، حتى یعبد الله وحده لا شریک له، وجعل رزقی تحت ظلّ رمحی»(1).
وهذا الحدیث إشارة إلى أنّ الرّسول(صلى الله علیه وآله) مأمور بحمل السلاح أمام الکفر والاستکبار، ولکن لا بلحاظ أنّ هذا هو الأصل والأساس فی المنهج الإسلامی کما جاء ذلک صراحة فی الآیة الکریمة أعلاه.
ونقرأ فی حدیث آخر عن الإمام الباقر(علیه السلام) أنّه قال: «الخیر کلّه فی السیف، وتحت السیف، وفی ظلّ السیف»(2).
وجاء عن أمیر المؤمنین(علیه السلام) أنّه قال فی هذا الصدد: «إنّ الله عزّوجلّ فرض الجهاد وعظّمه وجعله نصره وناصره، والله ما صلحت دنیا ولا دین إلاّ به»(3).
ونختم حدیثنا بقول آخر لرسول الله(صلى الله علیه وآله): «لا یقیم الناس إلاّ بالسیف، والسیوف مقالید الجنّة والنار»(4).
وبناءً على هذا فإنّ القادة الإلهیین یحملون فی ید الکتب السماویة وهی مشعل الحقّ، وبالید الاُخرى السیف، یدعون الناس أوّلا بالعقل والمنطق إلى الحقّ والعدل، فإن أعرض الطواغیت عن المنطق، ورفض المستکبرون الإستجابة لنهج الحقّ والعقل عندئذ یأتی دور السیف والقوّة لتحقیق أهدافهم الإلهیّة.