على عرش القدرة دائماً:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 13
سورة الحدید / الآیة 4 ـ 6 آیات الاسم الأعظم:

تحدّثت الآیات السابقة عن إحدى عشرة صفة للذات الإلهیّة المقدّسة، وتبیّن الآیات أعلاه أوصافاً اُخرى حیث اُشیر فی الآیة الاُولى مورد البحث إلى خمسة أوصاف اُخرى من صفات جلاله وجماله.

ویبدأ الحدیث عن مسألة الخلقة حیث یقول سبحانه: (هو الّذی خلق السّماوات والأرض فی ستّة أیّام).

لقد ذکرت مسألة الخلقة فی (ستّة أیّام) سبع مرّات فی القرآن الکریم، المرّة الاُولى فی الآیة 54 من سورة الأعراف، والأخیرة هی هذه الآیة مورد البحث (الحدید، 4).

وکما قلنا سابقاً فإنّ المقصود من (الیوم) فی هذه الآیات لیس المعنى المتعارف (للیوم)، بل المقصود هو (الزمان) سواء کان هذا الزمان قصیراً أو طویلا حتى لو بلغ ملایین السنین، وهذا التعبیر یستعمل أیضاً فی لغة العرب واللغات المختلفة، کما یقال مثلا: الیوم یحکم فلان، وغداً سیکون لغیره، بمعنى الدورة الزمنیة.

وقد بیّنا هذا المعنى مع شرح وأمثلة فی نهایة الآیة 54 من سورة الأعراف.

وطبیعی أنّه لا یوجد أی مانع لله عزّوجلّ من خلق جمیع العالم فی لحظة واحدة، ولکن فی هذه الحالة سوف لا تتجلّى عظمة الله وقدرته وعلمه بشکل جیّد، وبعکس ذلک خلق هذه

العوالم خلال ملیاردات السنین وفی أزمنة وحالات مختلفة ووفقاً لبرامج منظّمة ومحسوبة سیدلل أکثر على قدرته وحکمته، بالإضافة إلى أنّ التدرّج فی الخلق سیکون نموذجاً للسیر التکاملی للإنسان، وعدم السرعة والاستعجال فی الوصول إلى الأهداف المختلفة.

ثمّ تتطرّق الآیات إلى مسألة الحکومة وتدبیر العالم حیث یقول سبحانه: (ثمّ استوى على العرش).

إنّ زمام حکومة وتدبیر العالم کانت دائماً بیده ولا زالت، وبدون شکّ فإنّ الله تعالى لیس جسماً، ولذا فلیس معنى «العرش» هنا هو عرش السلطة، والتعبیر کنایة لطیفة عن الحاکمیة المطلقة لله سبحانه ونفوذ تدبیره فی عالم الوجود.

«عرش» فی اللغة بمعنى الشیء المسقوف، وتطلق أحیاناً للسقف نفسه، ویعنی أیضاً التخوت العالیة (عرش السلاطین).

وتستعمل هذه اللفظة کنایة عن القدرة أیضاً کما یقال فی اللغة العربیة: (فلان ثلَّ عرشه)(1).

وعلى کلّ حال ـ وخلافاً لما یتصوّره البعض ممّن أعمى الله بصیرتهم أنّه سبحانه وتعالى قد خلق العالم وترکه وشأنه ـ فإنّ زمام تدبیر العالم وتسییر حکومته فی کفّ قدرته، وإرتباط أنظمة العالم، بل کلّ فرد من أفراد الوجود بذاته المقدّسة، بحیث إذا أعرض لحظة واحدة عن الکائنات وقطع فیضه عنهم فإنّ الوجود سینتهی.

والتوجّه إلى هذه الحقیقة یعطی للإنسان إدراکاً وبصیرة، وهی أنّ الله تعالى فی کلّ مکان ومع کلّ شیء، وهو یرى ویسمع ویراقب ویدیر الوجود بحکمته ولطفه.

ثمّ یستعرض نوعاً آخر من علمه اللا متناهی بقوله تعالى: (یعلم ما یلج فی الأرض وما یخرج منها وما ینزل من السّماء وما یعرج فیه).

وبالرغم من أنّ جمیع هذه الاُمور التی ذکرت فی الآیات السابقة قد جمعت فی تعبیر (وهو بکلّ شیء علیم) إلاّ أنّ توضیح هذه الاُمور یعطی للإنسان توجّهاً أکثر فی مجال سعة علم الله.

نعم، إنّ جمیع ما ینفذ فی الأرض یعلم به الله، سواء قطرات المطر والسیول.

ومن بذور النبات التی تنتشر فی الأرض بمساعدة الهواء والحشرات.

ومن جذور الأشجار التی تنفذ ـ بحثاً عن الماء والغذاء ـ إلى أعماق الأرض.

ومن أنواع المعادن والذخائر التی کانت یوماً على سطح الأرض ثمّ دفنت فیها.

من أجساد الموتى وأنواع الحشرات... نعم انّه یعلم بکلّ ذلک.

ثمّ انّه یعلم بالنباتات التی تخرج من الأرض.

وبالعیون التی تفور من أعماق التراب والصخور.

وبالمعادن والکنوز التی تظهر.

وبالبشر الذین ظهروا ثمّ ماتوا.

وبالبراکین التی تخرج من أعماقها.

وبالحشرات التی تخرج من بیوتها وجحورها.

وبالغازات التی تتصاعد منها.

وبأمواج الجاذبیة التی تصدر منها الجاذبیة... الله تعالى یعلم بذلک جزءاً جزءاً وذرّة ذرّة.

وکذلک ما ینزل من السماء من قطرات المطر إلى أشعّة الشمس الباعثة للحیاة.

ومن الأعداد العظیمة من الملائکة إلى أنوار الوحی والکتب السماویة.

ومن الأشعّة الکونیة إلى الشهب والنیازک المنجذبة نحو الأرض، إنّه عالم بأجزاء کلّ ذلک.

وکذلک ما یصعد إلى السماء، أعمّ من الملائکة، وأرواح البشر، وأعمال العباد، وأنواع الأدعیة، وأقسام الطیور، والأبخرة، والغیوم وغیر ذلک، ممّا نعلمه وممّا لا نعلمه، فإنّه واضح عند الله وفی دائرة علمه.

وإذا فکّرنا قلیلا بأنّ فی کلّ لحظة تدخل الأرض ملایین الملایین من الموجودات المختلفة، وملایین الملایین من الموجودات تخرج منها، وملایین الملایین تنزل من السماء أو تصعد إلیها، حیث تخرج عن العدّ والحصر والحدّ، ولا یستطیع أی مخلوق أن یحصیها... إذا فکّرنا بهذا الموضوع قلیلا فسنعرف مدى إتّساع علمه سبحانه.

وأخیراً فی رابع وخامس صفة له سبحانه یرکّز حول نقطة مهمّة حیث یقول: (وهو معکم أین ما کنتم والله بما تعملون بصیر).

وکیف لا یکون معنا فی الوقت الذی نعتمد علیه، لیس فی إیجادنا فحسب، بل فی البقاء

لحظة بلحظة ـ أیضاً ـ ونستمدّ منه العون، إنّه روح عالم الوجود، بل هو أعلى من ذلک وأسمى.

فالله معنا فی کلّ الحالات وفی کلّ الأوقات، فهو معنا یوم کنّا ذرّة تراب مهملة، وهو معنا یوم کنّا أجنّة فی بطون اُمّهاتنا، وهو معنا طیلة عمرنا، وفی عالم البرزخ... فهل بالإمکان ـ مع هذا ـ ألاّ یکون مطّلعاً علینا؟

الحقیقة أنّ الاحساس بأنّ الله معنا فی کلّ مکان یعطی للإنسان عظمة وجلالا من جهة، ومن جهة اُخرى یخلق فیه إعتماداً على النفس وشجاعة وشهامة، ومن جهة ثالثة فإنّه یثیر إحساساً شدیداً بالمسؤولیة، لأنّ الله حاضر معنا فی کلّ مکان، وناظر ومراقب لأعمالنا، وهذا أکبر درس تربوی لنا. وهذا الاعتقاد یمثّل دافعاً جدّیاً للتقوى والطهارة والعمل الصالح فی الإنسان، ویعتبر رمز عظمته وعزّته.

أجل: إنّ مسألة أنّ الله تعالى معنا دائماً وفی کلّ مکان هی حقیقة ولیست کنایة ومجازاً، حقیقة مقبولة للنفس ومربّیة للروح، ومولّدة للخوف والمسؤولیة.

ولذا ورد عن رسول الله(صلى الله علیه وآله) أنّه قال: «إنّ من أفضل إیمان المرء أن یعلم أنّ الله تعالى معه حیث کان»(2).

ونقرأ فی حدیث آخر أنّ موسى(علیه السلام) قال: «أین أجدک یاربّ، قال عزّوجلّ: یاموسى إذا قصدت إلیّ فقد وصلت إلیّ»(3).

وفی الأساس فإنّ هذه (المعیّة) أی کون الله عزّوجلّ مع عباده، ظریفة ودقیقة بحیث أنّ کلّ إنسان مؤمن متفکّر یدرکها بقدر فکره وإیمانه.

وبعد مسألة الحاکمیة والتدبیر یأتی الحدیث عن مسألة مالکیته سبحانه فی کلّ عالم الوجود، حیث یقول: (له ملک السّماوات والأرض).

وأخیراً یشیر إلى مسألة مرجعیّته فیقول تعالى: (وإلى الله ترجع الاُ مور).

نعم، عندما یکون الخالق والمالک والمدبّر معنا فی کلّ مکان، فمن البدیهی أن یکون رجوعنا ورجوع أعمالنا إلیه کذلک.

نحن سلکنا طریق عشقه ومحبّته، وبدأنا المسیر حاملین معنا الأمل من نقطة العدم باتّجاهه، وقد سلکنا شوطاً طویلا إلى أن وصلنا إلى مرتبة الوجودنحن من الله سبحانه، وإلیه نرجع، لماذا؟ لأنّه هو المبدىء وإلیه المنتهى.

والجدیر بالذکر أنّ الآیات الثلاث الآنفة الذکر قد جاء فیها مثل هذا الوصف أیضاً: (له ملک السّماوات والأرض).

ویمکن أن یکون التکرار هنا بلحاظ أنّ الحدیث کان ـ فقط ـ عن مسألة حیاة وموت الموجودات الحیّة، وهنا نلاحظ توسّع البحث وشمولیّته فی رجوع کلّ شیء لله سبحانه.

وفی تلک الآیات مقدّمة عن بیان قدرة الله عزّوجلّ على کلّ شیء، وهنا مقدّمة لرجوع کلّ شیء إلیه، وهاتان القضیّتان تستلزمان مالکیّة الله عزّوجلّ للأرض والسماء.

التعبیر بـ «الاُمور» جاء ـ هنا ـ بصیغة الجمع، أی: أنّ جمیع الموجودات ـ ولیس الإنسان فحسب ـ تتحرّک باتّجاهه حرکة دائمة وغیر قابلة للتوقّف.

وبناءً على هذا فإنّ معنى الآیة لا ینحصر ـ فقط ـ برجوع البشر إلیه فی الآخرة، بالرغم من أنّ موضوع المعاد من المصادیق البارزة لذلک الرجوع العامّ.

وفی آخر مورد للبحث یشیر إلى صفتین اُخریین بقوله تعالى: (یولج اللیل فی النّهار ویولج النّهار فی اللیل)(4).

نعم، بالتدریج ینقص أحد الوقتین (اللیل والنهار) لیضیف للآخر، وتبعاً لذلک یتغیّر طول النهار واللیل فی السنة، وهذا التغیّر یکون مصحوباً بالفصول الأربعة فی السنة مع کلّ البرکات التی تکون مختّصة فی هذه الفصول لبنی الإنسان.

وهناک تفسیر آخر لهذه الآیة وهو: إنّ شروق وغروب الشمس لن یحدثا فجأة ودون مقدّمات حتى لا تجلب هذه الحالة المشاکل للإنسان والموجودات الحیّة الاُخرى، بل یتمّ هذا التغییر بصورة تدریجیّة، وتنتقل الموجودات رویداً رویداً من عالم الضوء فی النهار إلى ظلمة اللیل، ومن ظلمة اللیل إلى ضوء النهار، ویعلن کلّ منهما وصولهما قبل مدّة حتى یتهیّأ الجمیع لذلک.

والجمع بین التّفسیرین لمفهوم الآیة ممکن أیضاً.

ویضیف سبحانه فی النهایة: (وهو علیم بذات الصّدور).

فکما أنّ أشعّة الشمس الباعثة للحیاة تنفذ فی أعماق ظلمات اللیل، وتضیء کلّ مکان، فإنّ الله عزّوجلّ ینفذ کذلک فی کلّ زوایا قلب وروح الإنسان، ویطّلع على کلّ أسراره.

والنقطة الجدیرة بالملاحظة فی الآیات السابقة أنّ الحدیث کان عن علم الله سبحانه بأعمالنا (والله بما تعملون بصیر) وهنا الکلام عن علم الله عزّوجلّ بأفکارنا وعقائدنا وما تکنّه صدورنا، (وهو علیم بذات الصّدور).

کلمة (ذات) فی الإصطلاح الفلسفی تعنی (عین الشیء وحقیقته) إلاّ أنّها فی اللغة بمعنى (صاحب الشیء) وبناءً على هذا فإنّ (ذات الصدور) إشارة إلى النیّات والاعتقادات التی إستولت على قلوب البشر.

وکم هو رائع أن یؤمن الإنسان بکلّ هذه الصفات الإلهیّة من أعماق نفسه، ویحسّ حضوره سبحانه فی کلّ أعماله ونیّاته وعقائده، احساساً لا یخرجه عن جادّة الطاعة وطریق العبودیة، احساساً یبعده عن طریق العصیان والسوء والانحراف...


1. لقد ذکرنا توضیحات أکثر حول حقیقة العرش فی نهایة الآیة 54 من سورة الأعراف، وفی نهایة الآیة 255 من سورة البقرة.
2. تفسیر الدرّالمنثور، ج 6، ص 171.
3. تفسیر روح البیان، ج 9، ص 351.
4. «یولج» من مادّة «إیلاج» وهی الاُخرى مأخوذة من مادّة «ولوج» والولوج بمعنى الدخول والنفوذ، والإیلاج بمعنى الإدخال والإنفاذ.
سورة الحدید / الآیة 4 ـ 6 آیات الاسم الأعظم:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma