نزلت هذه السورة فی المدینة، وادّعى البعض الإجماع على ذلک، لذا فإنّ خصائصها هی نفس خصائص السور المدنیة، فإنّها بالإضافة إلى تحکیم الضوابط العقائدیة فإنّها تستعرض تعلیمات عملیة عدیدة خصوصاً فی المجالات الاجتماعیة والحکومیة، کما نشاهد نماذج لذلک فی الآیات 10، 11 و25 من هذه السورة.
ونستطیع أن نقسّم موضوعات هذه السورة إلى سبعة أقسام:
الأوّل: الآیات الاُولى من هذه السورة لها بحث جامع ولطیف حول التوحید وصفات الله تعالى، وتذکر ما یقرب من عشرین صفة من الصفات الإلهیّة، حیث تجعل الإنسان المدرک لها فی مستوى عال من المعرفة الإلهیّة.
الثانی: یتحدّث عن عظمة القرآن، هذا النور الإلهی الذی أشرق فی ظلمات الشرک.
الثالث: یستعرض وضع المؤمنین والمنافقین فی یوم القیامة، حیث إنّ القسم الأوّل یأخذ طریقه إلى الجنّة فی ظلّ نور إیمانهم، والقسم الثانی یبقى فی ظلمات الشرک والکفر، وبهذا تعکس السورة فی أبحاثها الاُصول الإسلامیة الثلاثة: التوحید والنبوّة والمعاد.
الرابع: تتحدّث الآیات فیه عن الدعوى إلى الإیمان والخروج من الشرک، وعن مصیر الأقوام الضالّة من الاُمم السابقة.
الخامس: جزء مهمّ من هذه السورة یتحدّث حول الإنفاق فی سبیل الله، وخصوصاً فی تقویة اُسس الجهاد فی سبیل الله، وأنّ مال الدنیا لیس له وزن وقیمة.
السادس: فی قسم قصیر من الآیات ـ إلاّ أنّه واف ومستدلّ ـ یأتی الحدیث عن العدالة الاجتماعیة والتی هی إحدى الأهداف الأساسیة للأنبیاء.
السابع: وفیه تتحدّث الآیات عن سلبیة الرهبانیة والإنزواء الاجتماعی وأنّ ذلک یمثّل إبتعاداً عن الخطّ الإسلامی.
ومن الطبیعی أنّ بین ثنایا هذه البحوث وردت نقاط اُخرى متناسبة شکلت فی النهایة مجموعة إتّجاهات بنّاءة فی مجال الإیقاظ والهدایة.
وبالضمن فإنّ تسمیة هذه السورة بـ (سورة الحدید) هو لما جاء فی الآیة 25 من السورة من ذکر کلمة الحدید.
