هل أنتم الزارعون أم الله؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 13
سورة الواقعة / الآیة 63 ـ 67 سورة الواقعة / الآیة 68 ـ 74

استعرضنا لحدّ الآن أربعة أدلّة من الأدلّة السبعة التی جاء ذکرها فی هذه السورة حول المعاد، والآیات ـ مورد البحث واللاحقة لها ـ تستعرض الأدلّة الاُخرى المتبقّیة والتی کلّ منها مصداق لقدرة الله اللا متناهیة.

فالدلیل الأوّل یرتبط بخلق الحبوب الغذائیة، والثانی یرتبط بخلق الماء، والثالث یتعلّق بالنار، وهذه المحاور تشکّل الأرکان الأساسیّة فی الحیاة الإنسانیة، فالحبوب النباتیة أهمّ مادّة غذائیة للإنسان، والماء أهمّ عنصر للحیاة، والنار أهمّ وسیلة لإصلاح المواد الغذائیة وسائر اُمور الحیاة الاُخرى.

یقول سبحانه فی البدایة: (أفرأیتم ما تحرثون * أأنتم تزرعونه أم نحن الزّارعون).

الملفت للنظر هنا أنّ الآیة استعملت تعبیر (تحرثون) من مادّة (حرث) على وزن (درس) وهو یعنی الزراعة ونشر الحبوب وتهیئتها للإنبات، وفی الآیة الثانیة کان التعبیر بـ (تزرعونه) من مادّة «زراعة» بمعنى النمو والنضج.

ومن البدیهی أنّ عمل الإنسان هو الحرث فقط، أمّا النمو فهو من عمل الله سبحانه فقط، ولذا نقل فی حدیث عن رسول الله(صلى الله علیه وآله) أنّه قال: «لا یقولنّ أحدکم زرعت ولیقل حرثت، فإنّ الزارع هو الله»(1).

شرح هذا الدلیل هو أنّ عمل الإنسان فی الزرع کعمله فی الإنجاب حیث ینثر البذرة ویترکها، والله سبحانه هو الذی یخلق فی وسط هذه البذرة الحیاة، فعندما توضع البذرة فی محیط مهیّأ من حیث التربة والضوء والماء، فإنّها تستفید ابتداءاً من المواد الغذائیة المخزونة فیها إلى أن تصبح برعماً وتولّد جذراً، ثمّ تنمو بسرعة عجیبة مستفیدة من المواد الغذائیة الموجودة فی الأرض حیث تعمل أجهزة عظیمة وتحدث تغییرات عمیقة فی داخل النبات، تتمخّض عن أغصان وسیقان وأوراق وثمار... وأحیاناً تنتج البذرة الواحدة عدّة آلاف من البذور(2).

یقول العلماء: إنّ الترکیبات الموجودة فی بناء نبات واحد أعجب وأعقد بمراتب من التشکیلات الموجودة فی مدینة صناعیة عظیمة مع معاملها المتعدّدة.

هل أنّ القوّة التی لها مثل هذه القدرة تعجز عن إحیاء الموتى مرّة اُخرى؟

وفی الآیة اللاحقة یؤکّد الدور الهامشی للإنسان فی نمو ورشد النباتات فیقول: (لو نشاء لجعلناه حطاماً فظلتم تفکّهون).

نعم، یستطیع الباریء أن یرسل ریاحاً سامّة تقتل البذور قبل الإنبات وتحطّمها، أو یسلّط علیها آفة تتلفها بعد الإنبات کالجراد، أو تنزل علیها صاعقة کبیرة بحیث لا تبقی ولا تذر إلاّ شیئاً من التبن الیابس، وعند ذلک تضطربون وتندمون عند مشاهدتکم لمنظرها.

هل کان بالإمکان حدوث مثل هذه الاُمور إذا کنتم أنتم الزارعون الحقیقیون؟ إذاً فاعلموا أنّ کلّ هذه البرکات من مصدر آخر.

«حطام»: من مادّة (حطم) على وزن (حتم) تعنی فی الأصل کسر الشیء، وغالباً ما تطلق على کسر الأشیاء الیابسة کالعظام النخرة وسیقان النباتات الجافّة، والمقصود هنا هو التبن.

ویحتمل أیضاً أنّ المقصود بالحطام هنا هو فساد البذور فی التربة وعدم نموّه(3).

«تفکّهون»: من مادّة (فاکهة) بمعناها المتعارف، کما تطلق فکاهة على المزاح وذکر الطرائف التی هی فاکهة جلسات الاُنس، ویأتی هذا المصطلح أحیاناً للتعجّب والحیرة، والآیة مورد البحث من هذا القبیل.

فی بعض الأحیان یضحک الإنسان فی الحالة العصبیة وتسمّى هذه الضحکة بـ (ضحکة الغضب) کما فی المزاح الذی یکون عند الظروف الصعبة والمصائب الثقیلة، وبناءً على هذا فالمقصود: بالفکاهة ـ أحیاناً ـ هو المزاح المقترن بالألم.

نعم تتعجّبون وتغمرکم الحیرة وتقولون (إنّا لمغرمون(4) (5) * بل نحن محرومون).

وإذا کنتم أنتم الزارعین الحقیقیین، فهل بإمکانکم أن تمنعوا وتدفعوا عن زرعکم الأضرار والمصیر المدمّر والنتیجة البائسة؟ وهذا التحدّی یؤکّد لنا أنّ جمیع اُمور الخلق من الله سبحانه، وکذلک فإنّه هو الذی ینبت من بذرة لا قیمة لها نباتات طریّة وأحیاناً مئات أو آلاف البذور منها، تلک النباتات التی یتغذّى علیها الإنسان بشکل أساسی ویستفید من أغصانها وأوراقها وأحیاناً جذورها وبقیّة أجزائها غذاء للحیوان ودواء للأمراض والأسقام.


1. القسم الأوّل من الحدیث جاء فی تفسیر مجمع البیان، ذیل الآیة مورد البحث، ونقل القسم الثانی فی تفسیر روح البیان کإضافة علیه.
2. بالرغم من أنّ الحبّة الواحدة من الحنطة لا تنبت سوى عدّة مئات من الحبوب، إلاّ أنّه کما قلنا فی ج2 من هذا التّفسیر: أنّه قد وجد فی بعض مزارع القمح فی إحدى المحافظات الجنوبیة لإیران أنّ سنبلة واحدة تحوی على أربعة آلاف حبّة وذلک طبقاً لما أعلنته منشورات صحفیة.
3. تفسیر روح الجنان، ذیل الآیة مورد البحث.
4. لجملة (إنّا لمغرمون) محذوف، تقدیره: (وتقولون إنّا لمغرمون).
5. «مغرمون» من مادّة «غرامة» بمعنى الضرر وفقدان الوقت والمال.
سورة الواقعة / الآیة 63 ـ 67 سورة الواقعة / الآیة 68 ـ 74
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma