الجنّة بإنتظار المقرّبین:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 13
سورة الواقعة / الآیة 15 ـ 26 سورة الواقعة / الآیة 27 ـ 40

هذه الآیات تتحدّث عن أنواع نعم الجنّة التی أعدّها الله سبحانه للقسم الثالث من عباده المقرّبین، والتی کلّ واحدة منها أعظم من اُختها وأکرم ..

وقد لخّصت هذه النعم بسبعة أقسام:

یقول تعالى فی البدایة: (على سرر موضونة * متّکئین علیها متقابلین).

«سرر» جمع سریر من مادّة (سرور) بمعنى التخت الذی یجلس علیه المنعّمین فی مجالس الاُنس والسرور(1).

(موضون) من مادّة (وضن) على وزن (وزن) وهی فی الأصل بمعنى نسج الدرع، ثمّ اُطلقت على کلّ منسوج محکم الخیوط والنسیج، والمقصود هنا هی الأسرّة الموضوعة جنباً إلى جنب بصورة متراصّة، أو أنّ لهذه الأسرة حیاکة مخصوصة من اللؤلؤ والیاقوت وما إلى ذلک، کما قال بعض المفسّرین.

وعلى کلّ حال، فإنّ بناء هذه الأسرّة وکیفیة وضعها، ومجلس الاُنس الذی یتشکّل علیها، وأجواء السرور والفرح التی تغمرها، لا نستطیع وصفه بأی بیان.

ونلاحظ استمرار الأوصاف الرائعة فی القرآن الکریم لسرر الجنّة، ومجالس أهلها، ومنتدیات أحبّتها ممّا یدلّ على أنّ من أهم نعم وملذّات هؤلاء هی جلسات الاُنس هذه ..

أمّا أحادیثهم وما یدور فی حفلاتهم فلیس هنالک أحد یعلم حقیقتها، فهل هی عن أسرار الخلق وعجائب الکون؟ أو عن اُصول المعرفة وأسماء الله وصفاته الحسنى؟ أو عن الحوادث التی حدثت فی هذا العالم؟ أو عن الراحة التی هم علیها بعد التعب والعناء؟ أو عن اُمور اُخرى لا نستطیع إدراکها...؟ هذا هو سرّ لا یعلمه إلاّ الله.

ثمّ یتحدث سبحانه عن نعمة اُخرى لهم حیث یقول: (یطوف علیهم ولدان مخلّدون).

التعبیر بـ «یطوف» من مادّة (طواف) إشارة إلى استمرار خدمة هؤلاء (الطوافین) لضیوفهم.

والتعبیر بـ «مخلّدون» إشارة إلى خلود شبابهم ونشاطهم وجمالهم وطراوتهم، والأصل أنّ جمیع أهل الجنّة مخلّدون وباقون.

أمّا من هم هؤلاء الولدان؟

قال البعض: إنّهم أبناء البشر من هذه الدنیا الذین توفّوا قبل البلوغ، وصحیفة أعمالهم بیضاء لم تدنّس بعد، فقد بلغوا هذه المرتبة بلطف الله سبحانه، وخدمتهم للمقرّبین تقترن بإرتیاح عظیم ورغبة عمیقة ولذّة من أفضل اللذّات، لأنّهم فی خدمة المقرّبین من الحضرة الإلهیّة.

وقد ورد فی هذا المعنى حدیث للإمام علی (علیه السلام).

إلاّ أنّنا نقرأ فی تفسیر آخر أنّهم أطفال المشرکین ولأنّهم لم یرتکبوا ذنباً فقد حصلوا على هذه المرتبة; وأطفال المؤمنین یلتحقون بآبائهم واُمّهاتهم.

ونقرأ فی تفسیر ثالث أنّهم خدّام الجنّة، حیث إنّ الله سبحانه قد أعدّهم لهذه المهمّة بشکل خاصّ.

ویضیف القرآن أنّ هؤلاء الولدان یقدّمون لأصحاب الجنّة أقداح الخمر وکؤوس الشراب المأخوذ من أنهار الجنّة (بأکواب وأباریق وکأس من معین)(2) وشرابهم هذا لیس من النوع الذی یأخذ لباب العقل والفکر، حیث یقول تعالى: (لا یصدّعون عنها ولا ینزفون)(3).

إنّ الحالة التی تنتابهم من النشوة الروحیة حین تناولهم لهذا الشراب لا یمکن أن توصف، إذ تغمر کلّ وجودهم بلذّة لیس لها مثیل.

ثمّ یشیر سبحانه إلى رابع وخامس قسم من النعم المادیة التی وهبها الله للمقرّبین فی الجنّة، حیث یقول سبحانه: (وفاکهة ممّا یتخیّرون * ولحم طیر ممّا یشتهون)(4).

إنّ تقدیم الفاکهة على اللحم بلحاظ کون الفاکهة أفضل من الناحیة الغذائیة بالإضافة إلى نکهتها الخاصّة عند أکلها قبل الطعام.

والذی یستفاد من بعض الرّوایات أنّ غصون أشجار الجنّة تکون فی متناول أیدی أهل الجنّة، بحیث یستطیعون بکلّ سهولة أن یتناولوا أی نوع من الفاکهة مباشرة، وهکذا الحال بالنسبة لبقیّة الأغذیة الموجودة فی الجنّة، إلاّ أنّ ممّا لا شکّ فیه أنّ تقدیم الغذاء من قبل (الولدان المخلّدین) له صفاء خاصّ ولطف متمیّز حیث إنّ تقدیم الطعام یعبّر عن مزید الإحترام والإکرام لأهل الجنّة، وتضفی رونقاً وبهاءً أکثر على مجالس اُنسهم، ومن المتعارف علیه اجتماعیاً بیننا أنّ تقدیم الفاکهة وتقریبها من الضیوف من قبل المضیف نفسه یعبّر عن التقدیر والمحبّة والإحترام.

وخصّت لحوم الطیور بالذکر هنا لفضلها على بقیّة أنواع اللحوم، لذا فقد تکرّر ذکرها.

إنّ استعمال تعبیر «یتخیّرون» بالنسبة لـ (الفاکهة) ویشتهون بالنسبة لـ (اللحوم) لا یدلّل على وجود اختلاف بین التعبیرین کما ذهب إلیه بعض المفسّرین، بل هما بمعنى واحد بعبارتین مختلفتین، والمقصود بهما أنّ أی غذاء یشتهیه أهل الجنّة یوضع باختیارهم من قبل (الولدان المخلّدین).

ثمّ یشیر سبحانه إلى سادس نعمة وهی الزوجات الطاهرات الجمیلات حیث یقول سبحانه: (وحور عین)(5) (کأمثال اللّؤلؤ المکنون).

«حور» کما قلنا سابقاً جمع حوراء وأحور، ویقال للشخص الذی یکون سواد عینه شدیداً وبیاضها شفافاً، و(عین) جمع (عیناء) وأعین، بمعنى العین الواسعة، لأنّ أکثر جمال الإنسان فی عیونه، فقد ذکر هذا الوصف خصوصاً.

وقال البعض: إنّ «حور» اُخذت من مادّة (حیرة) یعنی أنّهنّ جمیلات إلى حدّ تصاب العیون بالحیرة عند رؤیتهنّ(6).

«مکنون» بمعنى مستور، والمقصود هنا الاستتار فی الصدف، لأنّ اللؤلؤ عندما یکون مختفیاً فی الصدف وبعیداً عن لمس الأیدی یکون شفّافاً وناصعاً أکثر من أی وقت، وبالإضافة إلى ذلک قد یکون المقصود أنهنّ مستورات عن أعین الآخرین بصورة تامّة، لا ید تصل إلیهنّ ولا عین تقع علیهنّ.

وبعد الحدیث عن هذه المنح، والعطایا المادیة الستّة، یضیف سبحانه: (جزاءً بما کانوا یعملون) کی لا یتصوّر أحد أنّ هذه النعم تعطى جزافاً، بل إنّ الإیمان والعمل الصالح هو السبیل لنیلها والحصول علیها، حیث یلزم للإنسان العمل المستمرّ الخالص حتى تکون هذه الألطاف الإلهیّة من نصیبه.

«ویلاحظ بأنّ (یعملون) فعل مضارع یعطی معنى الإستمرار».

ویتحدّث القرآن الکریم عن سابع نعمة من نعم أهل الجنّة، وهی التی تتسّم بالطابع الروحی المعنوی حیث یقول تعالى: (لا یسمعون فیها لغواً ولا تأثیم).

فالجوّ هناک جوّ نزیه خالص بعید عن الدنس، فلا کذب، ولا تهم، ولا إفتراءات، ولا استهزاء ولا غیبة ولا ألفاظ نابیة وعبارات لاذعة... ولیس هنالک لغو ولا کلام فارغ... بل الموجود هناک هو اللطف والصفاء والجمال والمتعة والأدب والطهارة، وکم هو طاهر ذلک المحیط البعید عن الأحادیث المدنّسة التی هی السبب فی أکثر إنزعاجنا وعدم إرتیاحنا فی هذه الدنیا، حیث اللغو والثرثرة والکلام اللا مسؤول والتعبیرات الجارحة!

ثمّ یضیف سبحانه: (إلاّ قیلا سلاماً سلام)(7).

السؤال: ویسأل هنا: هل أنّ هذا السلام من قبل الله تعالى؟ أو أنّه من قبل الملائکة؟ أو هو سلام متبادل بین أهل الجنّة، أو کلّ هذه الاُمور؟

الجواب: الظاهر أنّ الرأی الأخیر هو الأنسب، کما أشارت الآیات القرآنیة الاُخرى إلى ذلک(8).

نعم إنّهم لا یسمعون شیئاً إلاّ السلام، سلام وتحیّة من الله، ومن الملائکة المقرّبین، وسلامهم وتحیّتهم لبعضهم البعض فی تلک المجالس العامرة المملوءة بالصفاء والتی تفیض بالودّ والاُخوّة والصدق.

إنّ محیطهم وأجواءهم المغمورة بالسلام والسلامة تسیطر على وجودهم، وإنّ أحادیثهم وحواراتهم المختلفة تنتهی إلى السلام والاُخوّة والصفاء، وأساساً فإنّ الجنّة هی دار السلام وبیت السلامة والأمن والأمان، کما نقرأ فی قوله تعالى فی الآیة 127 من سورة الأنعام: (لهم دار السّلام عند ربّهم)(9).


1. مفردات الراغب، مادّة سر.
2. «أکواب» جمع «کوب» بمعنى القدح أو الإناء الذی لا عروة له، «وأباریق» جمع «إبریق» وهی فی الأصل أُخذت من الفارسیة (آبریز) بمعنى الأوانی ذات الید من جهة، ومن الاُخرى ذات أنبوب لصبّ السائل، وکلمة کأس تقال للإناء المملوء بالسائل لدرجة یفیض من جوانبه، ومعین من مادّة (معن) على وزن (صحن) بمعنى الجاری.
3. (یصدّعون) من مادّة «صداع» على وزن «حباب»، بمعنى وجع الرأس، وهذا المصطلح فی الأصل من «صدع» بمعنى الإنفلاق لأنّ الإنسان عندما یصاب بوجع رأس شدید فکأنّ رأسه یرید أن ینفلق من شدّة الألم، لذا فإنّ هذه الکلمة قد استعملت فی هذا المعنى. «وینزفون» من أصل «نزف» على وزن «حذف» بمعنى سحب جمیع میاه البئر بصورة تدریجیّة، وتستعمل أیضاً حول (السُکْرُ) وفقدان العقل.
4. «فاکهة ولحم» کلاهما معطوف على أکواب وهذه الأشیاء تهدى من قبل (الولدان المخلّدون) إلى المقرّبین.
5. بالرغم من تصوّر البعض أنّ (حور عین) عطف على (الولدان المخلّدون) وعلى هذا الرأی فإنّ الـ «حور عین» یطفن أیضاً حول أصحاب الجنّة، ونظراً لعدم تناسب هذا المعنى خصوصاً فی المجالس الجماعیة لأهل الجنّة، لذا فالظاهر أنّه مبتدأ لخبر محذوف، والتقدیر هکذا: (ولهم حور عین).
6. تفسیر روح الجنان، ج 11، ذیل الآیة مورد البحث.
7. (سلام) مفعول به لـ (قیل) والذی هو مصدر، والمقصود أنّ کلامهم هنالک هو «السلام» ویحتمل أن تکون «سلاماً» صفة لـ «قیلا» أو مفعول به (أو مفعول مطلق) لفعل محذوف تقدیره: (یسلّمون سلام) إلاّ أنّ المعنى الأوّل هو الأرجح، وسلاماً (الثانیة) للتأکید.
8. یس، 58، والرعد، 24، ویونس، 10.
9. یجب الإنتباه إلى أنّ الاستثناء فی الآیة (إلاّ قیلا سلاماً سلام) هو استثناء منقطع ویفید للتأکید.
سورة الواقعة / الآیة 15 ـ 26 سورة الواقعة / الآیة 27 ـ 40
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma