الواقعة العظیمة:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 13
سورة الواقعة / الآیة 1 ـ 14 سورة الواقعة / الآیة 15 ـ 26

إنّ الأحداث المرتبطة بالقیامة تذکر غالباً فی القرآن الکریم مقترنة بحوادث أساسیّة عظیمة قاصمة ومدمّرة، وهذا ما یلاحظ فی الکثیر من السور القرآنیة التی تتحدّث عن القیامة.

وفی سورة الواقعة حیث یدور البحث حول محور المعاد، نجد هذا واضحاً فی الآیات الاُولى منها، حیث یبدأ سبحانه بقوله: (إذا وقعت الواقعة)(1).

(لیس لوقعتها کاذبة) وذلک لأنّ الحوادث التی تسبقها عظیمة وشدیدة بحیث تکون آثارها واضحة فی کلّ ذرّات الوجود.

«الواقعة» تشیر إشارة مختصرة إلى مسألة الحشر، ولأنّ وقوعها حتمی فقد عبّر عنها بـ (الواقعة) واعتبر البعض أنّها إحدى أسماء القیامة.

کلمة (کاذبة) هنا أخذت بمعناها المصدری، وهی إشارة إلى أنّ وقوع القیامة ظاهر وواضح إلى حدّ لا یوجد أی مجال لتکذیبه أو بحثه والنقاش فیه.

کما أنّ البعض فسّرها بمعناها الظاهری الذی هو اسم الفاعل، حیث قالوا بعدم وجود من یکذّب هذا الأمر(2).

وعلى کلّ حال فإنّ الحشر لا یقترن بتغییر الکائنات فحسب، بل إنّ البشر یتغیّر کذلک کما یقول سبحانه فی الآیة اللاحقة (خافضة رافعة)(3).

أجل، انّها تذلّ المستکبرین المتطاولین، وتعزّ المحرومین المؤمنین وترفع المستضعفین الصادقین بعض یسقط إلى قاع جهنّم، وبعض آخر إلى أعلى علیین فی الجنّة.

وهذه هی خاصیة المبادىء الإلهیّة العظیمة.

ولذلک نقرأ فی روایة الإمام علی بن الحسین(علیه السلام) فی تفسیر هذه الآیة أنّه قال: «خافضة خفضت والله أعداء الله فی النار، رافعة رفعت والله أولیاء الله إلى الجنّة»(4).

ثمّ یستعرض القرآن الکریم وصفاً أوسع فی هذا الجانب حیث یقول: (إذا رجّت الأرض رجّ).

یا له من زلزال عظیم وشدید إلى حدّ أنّ الجبال فیه تندکّ وتتلاشى، قال تعالى: (وبسّت الجبال بسّاً * فکانت هباءً منبثّ).

(رُجّت) من مادّة (رجّ) على وزن (حجّ) بمعنى التحرّک الشدید للشیء وتقال رجرجة للإضطراب.

«بُسّت» من مادّة (بسّ) على وزن (حجّ). والأصل بمعنى تلیّن الطحین وتعجنه بواسطة الماء.

«هباءً» بمعنى غبار، و«منبث» بمعنى منتشر. قال البعض: إنّ «هباءً» هو ذرّات الغبار الصغیرة المعلّقة بالفضاء ولا ترى فی الحالة الاعتیادیة، إلاّ إذا دخل نور الشمس من نافذة إلى مکان مظلم.

والآن یجب التفکیر بهذه الزلزلة والإنفجار، کم هو عظیم بحیث تتلاشى الجبال مع ما لها من القوّة والصلابة بحیث تتحوّل إلى غبار منتشر، والأعظم هو شدّة الصوت الذی ینتج من هذا الإنفجار الرهیب.

وعلى کلّ حال فقد نلاحظ فی الآیات القرآنیة تعبیرات مختلفة حول وضع الجبال قبل یوم القیامة، وتکشف لنا المراحل المتعدّدة للإنفجار العظیم الذی یطرأ على الجبال، حیث یقول عزّوجلّ فی هذا الصدد:

(وتسیر الجبال سیر) الطور، 10.

(وإذا الجبال نسفت) المرسلات، 10.

(فدکّتا دکّة واحدة) الحاقّة، 14.

(وکانت الجبال کثیباً مهیل) المزمل، 14 أی کالرمل المتراکم.

(فکانت هباءً منبثّ) الواقعة، 6 الآیة محلّ البحث.

وأخیراً (وتکون الجبال کالعهن المنفوش) القارعة، 5 أی کالصوف المنفوش حیث لا یرى منها إلاّ لونها.

ومن الواضح أن لا أحد یعلم إلاّ الله بحقیقة حصول هذه التغیّرات التی لا تحملها الألفاظ، ولا تجسّدها العبارات، اللهمّ إلاّ إشارات معبّرة تحکی عظمة وهول هذا الإنفجار العظیم.

وبعد بیان وقوع هذه الظاهرة العظیمة والحشر الکبیر یستعرض القرآن المجید ذکر حالة الناس فی ذلک الیوم، حیث قسّم الناس إلى ثلاثة أقسام بقوله سبحانه: (وکنتم أزواجاً ثلاثة).

لفظ (الزوج) لا یقال دائماً لجنس المؤنث والمذکّر، بل تطلق هذه اللفظة على الاُمور المتقارنة مع بعض، ولکون أصناف الناس فی القیامة والحشر والنشر تکون متقارنة مع بعضها، لذا یطلق علیها لفظ أزواج.

وحول القسم الأوّل یحدّثنا القرآن الکریم بقوله: (فأصحاب المیمنة ما أصحاب المیمنة)(5).

المقصود من أصحاب المیمنة هم الأشخاص الذین یعطون صحیفة أعمالهم بأیدیهم الیمنى، وهذا الأمر رمز لأهل النجاة، ودلیل الأمان للمؤمنین والصالحین فی یوم القیامة، کما ذکر هذا مراراً فی الآیات القرآنیة.

أو أنّ کلمة (میمنة) من مادّة (یمن) التی أخذت من معنى السعادة، وعلى هذا التّفسیر فإنّ القسم الأوّل هم طائفة السعداء وأهل الحبور والسرور.

وبالنظر إلى أنّ الآیة اللاحقة تعرّف المجموعة الثانیة بـ (أصحاب المشئمة)والتی هی مأخوذة من مادّة (شؤم) فإنّ التّفسیر الأخیر هو الأنسب(6).

عبارة «ما أصحاب المیمنة» هو بیان حقیقة السعادة التی لیس لها حدّ ولا یمکن تصوّرها لهؤلاء المؤمنین، وهذه قمّة الروعة فی الوصف لمثل هذه الحالات، ویمکن تشبیه ذلک بقولنا: فلان إنسان یا له من إنسان!

ثمّ یستعرض الله تعالى المجموعة الثانیة بقوله: (وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة)حیث الشؤم والتعاسة، وإستلام صحائف أعمالهم بأیدیهم الیسرى التی هی رمز سوء عاقبتهم وعظیم جرمهم وجنایتهم، نتیجة عمى البصیرة والسقوط فی وحل الضلال.

والتعبیر بـ «ما أصحاب المشئمة» هو الآخر یعکس نهایة سوء حظّهم وشقاوتهم.

وأخیراً یصف المجموعة الثالثة أیضاً بقوله سبحانه: (والسّابقون السّابقون(7) * اُولئک المقرّبون).

(السّابقون) لیسوا الذین سبقوا غیرهم بالإیمان فحسب، بل فی أعمال الخیر والأخلاق والإخلاص، فهم اُسوة وقدوة وقادة للناس، ولهذا السبب فهم من المقرّبین إلى الحضرة الإلهیّة.

وبناءً على هذا، فما نرى من تفسیر أسبقیة السابقین بالسبق فی طاعة الله، أو أداء الصلوات الخمس، أو الجهاد والهجرة والتوبة فإنّ کلّ واحد من هذه التفاسیر تمثّل جانباً من هذا المفهوم الواسع، وإلاّ فإنّ هذه الکلمة (السابقون) تشمل جمیع هذه الأعمال، والطاعات وغیرها.

وإذا فسّرت (السابقون) کما فی بعض الرّوایات الإسلامیة بأنّها تعنی الأشخاص الأربعة وهم «هابیل»، و«مؤمن آل فرعون»، و«حبیب النجّار» الذین تمیّز کلّ منهم بأسبقیته فی قومه، وکذلک «أمیر المؤمنین»(علیه السلام) الذی هو أوّل من دخل فی الإسلام من الرجال، فإنّ هذا التّفسیر فی الحقیقة هو بیان للمصادیق الواضحة، ولیس تحدیداً لمفهوم الآیة(8).

وجاء فی حدیث آخر أنّ رسول الله(صلى الله علیه وآله) قال: «أتدرون من السابقون إلى ظلّ الله فی یوم القیامة؟ فقال أصحابه: الله ورسوله أعلم، قال(صلى الله علیه وآله): «الذین إذا أعطوا الحقّ قبلوه، وإذا سألوه بذلوه، وحکموا للناس کحکمهم لأنفسهم»(9).

وجاء فی بعض الرّوایات أیضاً أنّ المقصود بـ (السابقون) هم الأنبیاء المرسلون وغیر المرسلین(10).

«ونقرأ فی حدیث لابن عبّاس أنّه قال: «سألت رسول الله حول هذه الآیة فقال: «هکذا أخبرنی جبرائیل، ذلک علی وشیعته هم السابقون إلى الجنّة، المقرّبون من الله لکرامته لهم»(11).

وکما تقدّم إنّه بیان للمصادیق الواضحة من المفهوم الذی ذکر أعلاه، الذی یشمل جمیع (السابقین) فی کلّ الاُمم والشعوب.

ثمّ یوضّح ـ فی جملة قصیرة ـ المقام العالی للمقرّبین حیث یقول سبحانه: (فی جنّات النّعیم)(12).

التعبیر بـ (جنّات النّعیم) یشمل أنواع النعم المادیة والمعنویة، ویمکن اعتبار هذا التعبیر إشارة إلى أنّ بساتین الجنّة هی وحدها مرکز النعمة والراحة فی مقابل بساتین الدنیا التی تحتاج إلى الجهد والتعب، کما أنّ حالة المقربین فی الدنیا تختلف عن حالة المقرّبین فی الآخرة، حیث إنّ مقامهم العالی فی الدنیا کان توأماً مع المسؤولیات والطاعات فی حین أنّ مقامهم فی الآخرة سبب للنعمة فقط.

ومن البدیهی أنّ المقصود من «القرب» لیس «القرب المکانی» لأنّ الله لیس له مکان، وهو أقرب إلینا من أنفسنا، والمقصود هنا هو «القرب المقامی».

ویشیر فی الآیة اللاحقة إلى الحالة العددیة فی الاُمم السابقة وفی هذه الاُمّة أیضاً حیث یقول سبحانه:

(ثلّة من الأوّلین) أی أنّهم جماعة کثیرة فی الاُمم السالفة والأقوام الاُولى.

(وقلیل من الآخرین).

(ثلّة) کما یقول الراغب فی المفردات تعنی فی الأصل قطعة مجتمعة من الصوف، ثمّ تحوّلت إلى معنى مجموعة من الأشخاص.

وأخذها البعض أیضاً من (ثلّ عرشه) بمعنى سقط وانهار، یقال (سقط عرشه وانقلعت حکومته) واعتبرها البعض (قطعة)، وذلک بقرینة المقابلة بـ (قلیل من الآخرین) یکون المعنى القطعة العظیمة.

وطبقاً لهاتین الآیتین فإنّ قسماً کبیراً من المقرّبین هم من الاُمم السابقة، وقسم قلیل منهم فقط هم من اُمّة محمّد(صلى الله علیه وآله).

ویثار سؤال هنا وهو: کیف یتناسب العدد القلیل من مقرّبی اُمّة محمّد مع الأهمیّة البالغة لهذه الاُمّة التی وصفها القرآن الکریم بأنّها من أفضل الاُمم؟ قال تعالى: (کنتم خیر اُمّة اُخرجت للنّاس...).(13)

وللجواب على هذا السؤال یجدر الإلتفات إلى نقطتین:

الاُولى: إنّ المقصود من المقرّبین هم السابقون فی الإیمان، ومن المسلّم أنّ السابقین لقبول الإسلام فی الصدر الأوّل منه کانوا قلّة، أوّلهم من الرجال الإمام علی (علیه السلام)، ومن النساء خدیجة (رض)، فی الوقت الذی نعلم أنّ کثرة الأنبیاء السابقین وتعدّد اُممهم، ووجود السابقین فی کلّ اُمّة یؤدّی إلى زیادتهم من الناحیة العددیة.

والنقطة الثانیة: أنّ الکثرة العددیة لیست دلیلا على الکثرة النوعیة; حیث یمکن أن یکون عدد السابقین فی هذه الاُمّة قلیلا، إلاّ أنّ مقامهم أفضل کثیراً، کما هو المعروف بین الأنبیاء أنفسهم، إذ یختلفون باختلاف درجاتهم: (تلک الرّسل فضّلنا بعضهم على بعض).(14)

وممّا یلزم ذکره أنّ قسماً من المؤمنین لم یندرجوا فی زمرة السابقین فی الإیمان، مع توفّر الصفات والخصوصیات فیهم والتی تجعلهم بنفس درجة السابقین من حیث الأجر والجزاء، لذلک فقد نقل فی بعض الرّوایات عن الإمام الباقر(علیه السلام) أنّه قال: «نحن السّابقون السّابقون ونحن الآخرون»(15).

وجاء فی روایة عن الإمام الصادق(علیه السلام) أنّه خاطب مجموعة من أصحابه فقال لهم: «أنتم السّابقون الأوّلون والسّابقون الآخرون، والسّابقون فی الدنیا إلى ولایتنا، وفی الآخرة إلى الجنّة»(16).

ومن الجدیر بالملاحظة أنّ بعض المفسّرین فسّر «الأوّلین والآخرین» بـ (الأوّلین فی الاُمّة الإسلامیة والآخرین فیها) وإنسجاماً مع هذا الرأی فإنّ جمیع المقرّبین هم من الاُمّة الإسلامیة.

إلاّ أنّ هذا التّفسیر لا یتناسب مع ظاهر الآیات والرّوایات التی وردت فی ذیل هذه الآیات، حیث إنّها عرّفت أشخاصاً من الاُمم السابقة بالخصوص بعنوان أنّهم من السابقین الأوّلین.


1. تعتبر «إذا» منصوبة على الظرفیة والناصب له «لیس» الوارد فی الآیة الثانیة مثل أن نقول «یوم الجمعة لیس لی شغل» ویحتمل أن تکون منصوبة بفعل مقدّر تقدیره (ذکر) إلاّ أنّ الرأی الأوّل هو الأنسب.
2. إنّ سبب کون الضمیر مؤنثاً لتقدیره (نفس کاذبة) أو (قضیّة کاذبة) واعتبر البعض أنّ «اللام» فی (لوقعته) للتوقیت، إلاّ أنّ الظاهر أنّها للتعدیة.
3. (خافضة رافعة) خبر لمبتدأ محذوف، وفی الأصل (هی خافضة رافعة).
4. الخصال، ج 1، ص 64; وتفسیر نورالثقلین، ج 5، ص 204.
5. فی ترکیب هذه الجملة توجد احتمالات عدیدة وأنسبها أن نقول: (أصحاب المیمنة) مبتدأ، و«ما» استفهامیة مبتدأ ثان، وأصحاب المیمنة الثانیة خبرها، والخلاصة أنّ جملة (ما أصحاب المیمنة) خبر للمبتدأ الأوّل، والفاء فی بدایة الجملة تفریعیّة وتفسیریة.
6. جاء فی الآیات اللاحقة استعمال (أصحاب الشمال) بدلا من (أصحاب المشئمة).
7. فی ترکیب هذه الآیة والآیات اللاحقة احتمالات عدیدة: الأوّل: أنّ (السّابقون) الاُولى مبتدأ، والثانیة وصف أو تأکید له، (واُولئک المقرّبون) مبتدأ وخبر والتی هی فی المجموع خبر لکلمة (السّابقون) الاُولى. ویحتمل البعض الآخر أنّ (السّابقون السّابقون) مبتدأ وخبر، وشبّه بشعر أبی النجم المعروف حین یقول: (أنا أبو النجم وشعری شعری) والذی هو فی الواقع نوع من الوصف العالی.
وهناک احتمال آخر وهو أنّ (السّابقون) الاُولى هی بمعنى السابقین فی الإیمان، والسابقون الثانیة بمعنى السابقین إلى الجنّة والتی ستکون کذلک مبتدأ وخبر.
8. نقل هذا الحدیث عن الإمام الباقر(علیه السلام) فی تفسیر مجمع البیان، ج 9، ص 215.
9. تفسیر المراغی، ج27، ص134.
10. تفسیر نور الثقلین، ج5، ص206.
11. المصدر السابق، ص 209.
12. الجار والمجرور الموجود فی الآیة (فی جنّات النعیم) ممکن أن یکون متعلّق بما قبله یعنی (المقرّبین)، أو مرتبطة بحال محذوف جاء للمقرّبین وتقدیره (کائنین فی جنّات النعیم)، أو یکون خبراً بعد خبر.
13. آل عمران، 110.
14. البقرة، 253.
15. تفسیر الصافی، ذیل الآیة مورد البحث.
16. المصدر السابق.
سورة الواقعة / الآیة 1 ـ 14 سورة الواقعة / الآیة 15 ـ 26
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma