زوجات الجنّة... مرّة اُخرى:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 13
سورة الرّحمن / الآیة 70 ـ 78 بحوث

استمرار لشرح نِعْم الجنّتین التی ذکرت فی الآیات السابقة، تتحدّث هذه الآیات عن قسم آخر من هذه النعم التی تزخر بها جنان الله التی أعدّها للصالحین من عباده، حیث یقول سبحانه فی البدایة: (فیهنّ خیرات حسان)(1).

تستعمل کلمة (خیر) غالباً للصفات الجیّدة والجمال المعنوی، أمّا «حسن» فإنّها تستعمل للجمال الظاهر. لذا فإنّ المقصود بـ (خیرات حسان) اُولئک النسوة اللواتی جمعن بین حسن السیرة، وحسن الظاهر.

وجاء فی الرّوایات فی تفسیر هذه الآیة أنّ الصفات الحسنة للزوجات فی الجنّة کثیرة ومن جملتها طیب اللسان والنظافة والطهارة، وعدم الإیذاء، وعدم النظر للرجال الأجانب... والخلاصة أنّ جمیع صفات الخیر والجمال التی یجب أن تکون فی الزوجة الصالحة موجودة فیهنّ، وهذه الصفات إشارة للصفات العالیة التی یجب أن تکون فی نساء هذه الدنیا ویجسّدن الاُسوة بذلک لجمیع الناس والقرآن الکریم یعبّر عنهنّ باختصار رائع أنهنّ (خیرات حسان)(2).

ویضیف سبحانه مرّة اخرى: (فبأىّ آراء ربّکما تکذّبان).

ثمّ یضیف مستمرّاً فی وصف الزوجات فی الجنّة: (حور مقصورات فی الخیام).

«حور»: جمع حوراء وأحور، وتطلق على الشخص الذی یکون سواد عینه قاتماً وبیاضها ناصعاً، وأحیاناً تطلق على النساء اللواتی یکون لون وجوههنّ أبیض.

والتعبیر بـ «مقصورات» إشارة إلى أنهنّ مرتبطات ومتعلّقات بأزواجهنّ ومحجوبات عن الآخرین.

«خیام»: جمع خیمة، وکما ورد فی الرّوایات الإسلامیة، فإنّ الخیم الموجودة فی الجنّة لا تشبه خیم هذا العالم من حیث سعتها وجمالها.

و «الخیمة» کما ذکر علماء اللغة وبعض المفسّرین لا تطلق على الخیم المصنوعة من القماش المتعارف فحسب، بل تطلق أیضاً على البیوت الخشبیة وکذلک کلّ بیت دائری، وقیل أنّها تطلق على کلّ بیت لم یکن من الحجر وأشباهه(3).

ومرّة اُخرى یکرّر السؤال نفسه بقوله تعالى: (فبأىّ آلاء ربّکما تکذّبان).

ویضیف سبحانه وصفاً آخر لحوریات الجنّة حیث یقول: (لم یطمثهنّ إنس قبلهم ولا جانّ)(4).

ویستفاد من الآیات القرآنیة أنّ الزوجین المؤمنین فی هذه الدنیا سیلتحقان فی الجنّة مع بعضهما ویعیشان فی أفضل الحالات(5).

ویستفاد أیضاً من الرّوایات أنّ درجة ومقام زوجات المؤمنین الصالحات أعلى وأفضل من حوریات الجنّة(6) وذلک بما قمن به فی الدنیا من صالح الأعمال وعبادة الله سبحانه.

ثمّ یضیف تعالى: (فبأىّ آلاء ربّکما تکذّبان).

وفی آخر وصف للنعم الموجودة فی هذه الجنّة یذکر سبحانه تعالى: (متّکئین على رفرف خضر وعبقرىّ حسان).

«رفرف» فی الأصل بمعنى الأوراق الواسعة للأشجار، ثمّ اُطلقت على الأقمشة الملوّنة الزاهیة التی تشبه مناظر الحدائق.

«عبقری» فی الأصل بمعنى کلّ موجود قلّ نظیره، ولذا یقال للعلماء الذین یندر وجودهم بین الناس (عباقرة) ویعتقد الکثیر أنّ کلمة (عبقر) کان فی البدایة اسماً لمدینة (بریان) إنتخبه العرب لها، لأنّ هذه المدینة کانت فی مکان غیر معلوم ونادر، لذا فإنّ کلّ موضوع یقلّ نظیره ینسب لها ویقال «عبقری». وذکر البعض أنّ «عبقر» کانت مدینة تحاک فیها أفضل المنسوجات الحریریة(7).

والمعنى الأصلی لهذه الکلمة متروک فی الوقت الحاضر وتستعمل کلمة «عبقری» ککلمة مستقلّة بمعنى نادر الوجود، وتأتی جمعاً فی بعض الأحیان، کما فی الآیة مورد البحث.

و (حسان) جمع (حسن) على وزن «نسب» بمعنى جیّد ولطیف.

وعلى کلّ حال فإنّ هذه التعابیر حاکیة جمیعاً عن أنّ کلّ موجودات الجنّة رائعة: الفاکهة، الغذاء، القصور، الأفرشة... والخلاصة أنّ کلّ شیء فیها لا نظیر له ولا شبیه فی نوعه، ولابدّ من القول هنا أنّ هذه التعبیرات لا تستطیع أبداً أن تعکس تلک الإبداعات العظیمة بدقّة، وإنّها تستطیع ـ فقط ـ أن ترسم لنا صورة تقریبیة من الصورة الحقیقیّة للموجودات فی الجنّة.

وللمرّة الأخیرة وهی (الحادیة والثلاثون) یسأل سبحانه جمیع مخلوقاته من الجنّ والإنس هذا السؤال: (فبأىّ آلاء ربّکما تکذّبان).

هل النعم المعنویة؟ أم النعم المادیّة؟ أم نعم هذا العالم؟ أم الموجودة فی الجنّة؟ إنّ کلّ هذه النعم شملت وجودکم وغمرتکم... إلاّ أنّه ـ مع الأسف ـ قد أنساکم غرورکم وغفلتکم هذه الألطاف العظیمة، ومصدر عطائها وهو الله سبحانه الذی أنتم بحاجة مستمرّة إلى نعمه فی الحاضر والمستقبل... فأیّاً منها تنکرون وتکذّبون؟

ویختم السورة سبحانه بهذه الآیة الکریمة: (تبارک اسم ربّک ذی الجلال والإکرام).

«تبارک» من أصل (برک) على وزن (درک) بمعنى صدر البعیر، وذلک لأنّ الجمال حینما تبرک تضع صدرها على الأرض أوّلا، ومن هنا استعمل هذا المصطلح بمعنى الثبات والدوام والاستقامة، لذا فإنّ کلمة (مبارک) تقال للموجودات الکثیرة الفائدة، وأکرم من تطلق علیه هذه الکلمة هی الذات الإلهیّة المقدّسة باعتبارها مصدراً لجمیع الخیرات والبرکات.

واستعملت هذه المفردة هنا لأنّ جمیع النعم الإلهیّة ـ سواء کانت فی الأرض والسماء فی الدنیا والآخرة والکون والخلق ـ فهی من فیض الوجود الإلهی المبارک، لذا فإنّ هذا التعبیر من أنسب التعابیر المذکورة فی الآیة لهذا المعنى.

والمقصود من (اسم) هنا هو صفات الله تعالى خصوصاً الرحمانیة التی هی منشأ البرکات، وبتعبیر آخر فإنّ أفعال الله تعالى مصدرها من صفاته، وإذا خلق عالم الوجود فذلک من إبداعه ونظام خلقه، وإذا وضع کلّ شیء فی میزان فذلک ما أوجبته حکمته، وإذا وضع قانون العدالة حاکماً على کلّ شیء فإنّ (علمه وعدالته) توجبان ذلک، وإذا عاقب المجرمین بأنواع العذاب الذی مرّ بنا فی هذه السورة فإنّ إنتقامه یقضی ذلک، وإذا شمل المؤمنین الصالحین بأنواع الهبات والنعم العظیمة المادیّة والمعنویة ـ فی هذا العالم وفی الآخرة ـ فإنّ رحمته الواسعة أوجبت ذلک، وبناءً على هذا فإنّ اسمه یشیر إلى صفاته وصفاته هی نفس ذاته المقدّسة.

والتعبیر بـ (ذی الجلال والإکرام) إشارة إلى کلّ صفات جماله وجلاله. (ذی الجلال)إشارة إلى الصفات السلبیة، و(ذی الإکرام) إشارة إلى الصفات الثبوتیة.

والملفت للنظر هنا أنّ هذه السورة بدأت باسم الله (الرحمن) وانتهت باسم الله ذی الجلال والإکرام) وکلاهما ینسجمان مع مجموعة مواضیع السورة.


1. الضمیر فی «فیهنّ» والذی هو جمع مؤنث یمکن أن یرجع إلى مجموع الجنّات الأربع، ویمکن أن یکون إشارة إلى الجنّتین اللتین ذکرتا أخیراً، بلحاظ ما فیهما من حدائق عدیدة وقصور مختلفة، وهذا أنسب لأنّه فی هذا فصل بین الجنّتین.
2. قال البعض: إنّ «خیرات» جمع «خیّرة» على وزن «سیّدة»، وقیل لها خیرات للتخفیف، واعتبرها آخرون أنّها جمع «خیرة» على وزن «حیرة» وعلى کلّ حال فإنّها تعطی معنى الوصف، ولیس بمعنى «أفعل التفضیل» لأنّه لا یجمع.
3. لسان العرب ومجمع البحرین والمنجد.
4. حول معنى الطمث أعطینا توضیحاً کافیاً فی نهایة الآیة رقم 56 من نفس السورة.
5. الرعد، 23; والمؤمن، 8.
6. تفسیر الدرّ المنثور، ج 6، ص 151.
7. تفسیر روح الجنان، ذیل الآیة مورد البحث.
سورة الرّحمن / الآیة 70 ـ 78 بحوث
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma