الشیء الجدیر بالذکر أنّ الآیات أعلاه خصّت الفاکهة بالذکر من بین مختلف أنواع أغذیة الجنّة کما خصّت فاکهتی (الرطب والرمّان) بالذکر من بین جمیع فواکه الجنّة أیضاً.

والغریب هنا ذکر النخل بدلا من الرطب، أمّا الرمّان فقد ذکر باسمه، ولابدّ أن یکون لکلّ واحد من هذه الفواکه خصوصیة.

أمّا ذکر الفاکهة بالخصوص من بین عموم الأغذیة الموجودة فی الجنّة فذلک لأهمیّة الفاکهة فی تغذیة الإنسان: حتى قیل: إنّ الإنسان موجود آکل للفاکهة، وللفاکهة دور مهمّ فی وجود الإنسان ودوام حیاته لا على الصعید العلمی فقط، بل من الناحیة التجریبیّة لعموم الناس أیضاً.

أمّا ذکر شجرة النخیل بدل فاکهتها فیمکن أن یکون للحاظ أنّ هذه الشجرة موضع استفادة من جهات عدیدة، فی حین أنّ شجرة الرمّان لیست کذلک.

فالنخلة یستفاد من ورقها فی صنع وسائل عدیدة من لوازم الحیاة کالفرش والقبّعات والملابس ووسائل الحمل والنقل والأسرّة، ویستفاد من ألیافها فی اُمور شتّى کذلک، کما أنّ البعض منها له خواص طبیة، وحتى أنّ جذعها یستخدم کأعمدة فی البناء أو جسور لعبور الأنهار.

أمّا اختیار هاتین الفاکهتین من بین جمیع فواکه الجنّة فهو بسبب تنوّعهما:

فأحدهما: ینمو فی المناطق الحارّة (النخیل).

والاُخرى: تنمو فی المناطق الباردة (الرمّان). أحدهما تتمیّز بالمادّة السکریة، والاُخرى تتمیّز بالمادّة الحامضیة، واحدة حارّة من حیث طبیعتها والاُخرى باردة، إحداهما مغذّیة والاُخرى مرویّة.

کما أنّ التمر یتمتّع بالکثیر من المواد الحیاتیة وأنواع الفیتامینات، وقد إکتشفت ثلاث عشرة مادّة حیاتیة فیه، وخمس أنواع من الفیتامینات بالإضافة إلى بقیّة خواصها الاُخرى، (وقد بحثناها فی نهایة الآیة رقم 5 من سورة مریم فی هذا التّفسیر تحت عنوان: التمر غذاء مقوٍّ وباعث للنشاط).

وأمّا «الرمّان» الذی عرّف فی بعض الرّوایات الإسلامیة بأنّه سیّد الفواکه(1)، فقد ذکر العلماء تفاصیل کثیرة حول فوائد هذه الفاکهة ومنها تنقیة الدم، واحتوائها على مقادیر کبیرة من فیتامین (سی). کما ذکرت فی الکتب فوائد کثیرة اُخرى للرمّان (الحلو والحامض) کتقویة المعدة، ودفع الحمى الصفراء، والیرقان، والجرب (مرض جلدی) وتقویة البصر، ورفع التقیّحات المزمنة، وتقویة اللثة، ودفع الإسهال... کما نقرأ فی حدیث للإمام الصادق(علیه السلام) فی التأکید على هذه الفاکهة: «أطعموا صبیانکم الرمّان فإنّه أسرع لشبابهم»(2).

وجاء فی حدیث آخر: «فإنّه أسرع لألسنتهم»(3).

وجاء فی حدیث آخر للإمام الصادق(علیه السلام) والإمام الباقر(علیه السلام) أنّهما قالا: «وما على وجه الأرض ثمرة کانت أحبّ إلى رسول الله من الرمّان»(4).

1. نقل هذا التعبیر فی حدیث للرسول الأکرم(صلى الله علیه وآله)، بحار الأنوار، ج 66، ص 163.
2. بحار الأنوار، ج 66، ص 164، ح 47، حیث جاء فی حدیث آخر أنّه أسرع لألسنتهم.
3. المصدر السابق، ص 165، ح 50.
4. اصول الکافی، ج 6، ص 352، ح 3، باب الرّمان.