یُعرفُ المجرمون بسیماهم:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 13
سورة الرّحمن / الآیة 37 ـ 45 سورة الرّحمن / الآیة 46 ـ 55

تکملة للآیات السابقة یتحدّث القرآن الکریم عن بعض مشاهد یوم القیامة، والآیات أعلاه تذکر خصوصیات من مشاهد ذلک الیوم الموعود، وعن کیفیة الحساب والجزاء والعقاب، یقول سبحانه فی بدایة الحدیث: (فإذا انشقّت السّماء فکانت وردةً کالدّهان)(1).

ویستفاد من مجموع آیات «القیامة» بصورة واضحة أنّ النظام الحالی للعالم سوف یتغیّر ویضطرب وتقع حوادث مرعبة جدّاً فی کلّ الوجود، فتتغیّر الکواکب والسیّارات والأرض والسماء، وتحصل تغیّرات یصعب تصورها، ومن جملتها ما ذکر فی الآیة أعلاه; وهی إنشقاق وتناثر الکرات السماویة، حیث یصبح لونها أحمر بصورة مذابة کالدهن.

(وردة) و(ورد) هو الورد المتعارف، ولأنّ لون الورد فی الغالب یکون أحمر، فإنّ معنى الإحمرار یتداعى للذهن منها.

ویأتی هذا المصطلح أیضاً بمعنى «الخیل الحمر»، وبما أنّ لونها یتغیّر فی فصول السنة حین یکون فی الربیع مائلا إلى الصفرة، وفی الشتاء یحمرّ، ویقتم لونها فی البرد الشدید، فتشبیه السماء یوم القیامة بها هو بلحاظ التغیّرات التی تحصل فی ألوانها فتارةً یکون لونها کالشعلة الوهاجة أحمر حارقاً، وأحیاناً أصفر، واُخرى أسود قاتم ومعتم.

«دهان» على وزن (کتاب)، بمعنى الدهن المذاب، وتطلق أحیاناً على الرسوبات المتخلّفة للمادّة الدهنیة، وغالباً ما تکون لها ألوان متعدّدة، ومن هنا ورد هذا التشبیه حیث یصبح لون السماء کالدهن المذاب بلون الورد الأحمر، أو إشارة إلى ذوبان الکرات السماویة أو اختلاف لونها.

وفسّر البعض «الدهان» بمعنى الجلد أو اللون الأحمر، وعلى کلّ حال فإنّ هذه التشبیهات تجسّد لنا صورة من مشهد ذلک الیوم العظیم، حیث إنّ حقیقة الحوادث فی ذلک الیوم لیس لها شبیه مع أیّة حوادث اُخرى من حوادث عالمنا هذا، فهذه المشاهد لا نستطیع إدراکها إلاّ إذا رأیناها.

ولأنّ الإخبار بوقوع هذه الحوادث المرعبة فی یوم القیامة ـ أو قبلها ـ تنبیه وإنذار للمؤمنین والمجرمین على السواء، ولطف من ألطاف الله سبحانه، یتکرّر هذا السؤال: (فبأیّ آلاء ربّکما تکذّبان).

وفی الآیة اللاحقة ینتقل الحدیث من الحوادث الکونیة لیوم القیامة إلى حالة الإنسان المذنب فی ذلک الیوم، حیث یقول سبحانه: (فیومئذ لا یسأل عن ذنبه إنس ولا جانّ).

ولماذا هذا السؤال وکلّ شیء واضح فی ذلک الیوم، فهو یوم البروز، وکلّ شیء یُقرأ فی وجه الإنسان.

قد یتوهّم أنّ المعنى الوارد فی هذه الآیة یتنافى مع الآیات الاُخرى التی تصرّح وتؤکّد مسألة سؤال الله تعالى لعباده فی یوم القیامة، کما ورد فی الآیة: (وقفوهم إنّهم مسؤولون)،(2)وکما فی قوله تعالى: (فوربّک لنسألنّهم أجمعین * عمّا کانوا یعملون).(3)

ویحلّ هذا الإشکال إذا علمنا أنّ یوم القیامة یوم طویل جدّاً، وعلى الإنسان أن یجتاز محطّات ومواقف متعدّدة فیه، حیث لابدّ من التوقّف فی کلّ محطّة مدّة زمنیة، وطبقاً لبعض الرّوایات فإنّ عدد هذه المواقف خمسون موقفاً، وفی بعضها لا یسأل الإنسان إطلاقاً، إذ إنّ سیماء وجهه تحکی عمّا فی داخله، کما ستبیّنه الآیات اللاحقة.

کما أنّ بعض المواقف الاُخرى لا یسمح له بالکلام، حیث تشهد علیه أعضاء بدنه قال تعالى: (الیوم نختم على أفواههم وتکلّمنا أیدیهم وتشهد أرجلهم بما کانوا یکسبون).(4)

کما أنّ فی بعض المحطّات یُسأل الإنسان وبدقّة متناهیة عن کافّة أعماله(5).

وفی بعض المواقف یسلک الإنسان سبیل الجدل والدفاع والمخاصمة(6).

وخلاصة القول: إنّ کلّ محطّة لها شروطها وخصوصیاتها، وکلّ واحدة منها أشدّ رعباً من الاُخرى.

ومرّة اُخرى یخاطب سبحانه عباده حیث یقول: (فبأىّ آلاء ربّکما تکذّبان).

نعم إنّه لا یسأل حیث (یعرف المجرمون بسیماهم)(7) فهناک وجوه تطفح بالبشر والنور وتعبّر عن الإیمان وصالح الأعمال، واُخرى مسودّة قاتمة مکفهّرة غبراء تحکی قصّة کفرهم وعصیانهم قال تعالى: (وجوه یومئذ مسفرة * ضاحکة مستبشرة * ووجوه یومئذ علیها غبرة * ترهقها قترة).(8)

ثمّ یضیف سبحانه: (فیؤخذ بالنّواصی والأقدام).

«النواصی»: جمع ناصیة وکما یقول الراغب فی المفردات أنّها قصاص الشعر وما یکون بمقدّمة الرأس، من مادّة (نصأ) على وزن (نصر) وتعنی الإتّصال والإرتباط، «وأخذ بناصیته» بمعنى أخذه من شعره الذی فی مقدّمة رأسه، کما تأتی أحیاناً کنایة عن الغلبة الکاملة على الشیء.

أقدام: جمع «قدم» بمعنى الأرجل.

والمعنى الحقیقی للآیة المبارکة هو أنّ الملائکة تأخذ المجرمین فی یوم القیامة من نواصیهم وأرجلهم، ویرفعونهم من الأرض بمنتهى الذلّة ویلقونهم فی جهنّم، أو أنّه کنایة عن منتهى ضعف المجرمین وعجزهم أمام ملائکة الرحمن، حیث یقذفونهم فی نار جهنّم بذلّة تامّة، فما أشدّ هذا المشهد وما أرعبه!!

ومرّة اُخرى یضیف سبحانه: (فبأىّ آلاء ربّکما تکذّبان) لأنّ التذکیر بیوم القیامة هو لطف منه تعالى.

ثمّ یقول سبحانه: (هذه جهنّم الّتی یکذّب بها المجرمون).

وذکر المفسّرون تفاسیر مختلفة حول المخاطبین المقصودین فی هذه الآیة الکریمة، وهل هم حضّار المحشر؟ أو أنّ المخاطب هو شخص الرّسول(صلى الله علیه وآله) فحسب، وقد ذکر له هذا المعنى فی الدنیا؟ والمرجّح فی رأینا هو المعنى الثانی خاصّة، لأنّ الفعل (یکذّب) جاء بصیغة المضارع، وأستفید من (المجرمون) ما یحمل على الغائب، وهذا یوضّح أنّ الله تعالى قال لرسوله(صلى الله علیه وآله): هذه أوصاف جهنّم التی ینکرها المجرمون باستمرار فی هذه الدنیا. وقیل: إنّ المخاطب هو جمیع الجنّ والإنس حیث یوجّه لهم إنذار یقول لهم فیه: هذه جهنّم التی ینکرها المجرمون، لها مثل هذه الأوصاف التی تسمعونها، لذلک یجب أن تنتبهوا وتحذروا أن یکون مصیرکم هذا المصیر.

ویضیف سبحانه فی وصف جهنّم وعذابها المؤلم الشدید حیث یقول: (یطوفون بینها وبین حمیم آن).

«آن» و«آنی» هنا بمعنى الماء المغلی وفی منتهى الحرارة والإحراق، وفی الأصل من مادّة (إن) على وزن (رِضا) بمعنى الوقت لأنّ الماء الحارق وصل إلى وقت ومرحلة نهائیة.

وبهذه الحالة فإنّ المجرمین یحترقون وسط هذا اللهیب الحارق لنار جهنّم، ویظمأون ویستغیثون للحصول على ماء یروی ظمأهم، حیث یعطى لهم ماء مغلی (أو یصبّ علیهم) ممّا یزید ویضاعف عذابهم المؤلم.

ویستفاد من بعض الآیات القرآنیة أنّ (عین حمیم) الحارقة تکون بجنب جهنّم، ویلقى فیها من یستحقّ عذابها ثمّ فی النار یسجرون، قال تعالى: (یسحبون * فی الحمیم ثمّ فی النّار یسجرون).(9)

والتعبیر بـ (یطوفون بینها وبین حمیم آن) فی الآیة مورد البحث، یتناسب أیضاً مع هذا المعنى.

ومرّة اُخرى بعد هذا التنبیه والتحذیر الشدید الموقظ، الذی هو لطف من الله یقول الباریء عزّوجلّ: (فبأىّ آلاء ربّکما تکذّبان).


1. توجد إحتمالات متعدّدة فی أنّ «إذا» فی الآیة هل هی شرطیة، أم فجائیة، أم ظرفیة، والظاهر أنّ الاحتمال الأوّل هو الأولى، وجزاء الشرط محذوف ویمکن تقدیره هکذا: (فإذا انشقّت السماء فکانت وردةً کالدهان، کانت أهوال لا یطیقها البیان).
2. الصافات، 24.
3. الحجر، 92 و93.
4. یس ، 65.
5. کما ورد فی الآیة موضع البحث والآیتین المشار لهما أعلاه.
6. کما ورد فی الآیة 111 من سورة النحل.
7. «سیما» فی الأصل بمعنى العلامة، وتشمل کلّ علامة فی الوجه وسائر مواضع البدن، ولأنّ علامة الرضا والغضب تبدو فی الوجه أوّلا، فإنّه یتداعى ذکر الوجه فی ذکر هذه المفردات.
8. عبس، 38 ـ 41.
9. المؤمن، 71 و72.
سورة الرّحمن / الآیة 37 ـ 45 سورة الرّحمن / الآیة 46 ـ 55
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma