لاحظنا فی هذا القسم من الآیات إشارة إلى البحر وأهمیّته فی الحیاة البشریة، وکما نعلم فإنّ میاه البحار والمحیطات تشکّل ثلاثة أرباع سطح الکرة الأرضیة، وهی منبع عظیم للمواد الغذائیة، والطبیة، وأدوات الزینة، ووسیلة مهمّة لنقل البشر وحمل البضائع، والأهمّ من ذلک فإنّ نزول الأمطار وإعتدال الهواء، وحتى قسم من هبوب الریاح هی من برکات البحار، فإذا کان سطح البحار أقلّ أو أکثر ممّا هو علیه، فإنّ الکرة الأرضیة إمّا أن تصبح یابسة أو رطبة لدرجة لا یمکن العیش فیها.
لذلک نرى أنّ القرآن الکریم قد ذکّر الإنسان ـ لعدّة مرّات وبتعبیرات مختلفة بهذه النعمة العظیمة، ودعاه للتفکیر بها، حیث یقول سبحانه: (وسخّر لکم البحر)الجاثیة، 12.
ویقول مرّة اُخرى: (وسخّر لکم الفلک) إبراهیم، 32.
وقال سبحانه: (سخّر لکم ما فی الأرض) الحجّ، 65.
وإذا تجاوزنا کلّ ذلک فإنّ البحر هو دار العجائب حیث فیه أصغر النباتات المجهریة، وکذلک أطول أشجار العالم، وفیه أیضاً أصغر الحیوانات وکذلک أعظمها وأضخمها.
کما أنّ الحیاة فی أعماق البحار حیث لا ضوء ولا غذاء عجیبة إلى درجة أنّ الشخص لا یملّ من مطالعتها والإطلاع علیها، وکلّما تعرف الإنسان على شیء منها إزداد شغفاً بها، والعجیب أیضاً أنّ قسماً من الحیوانات هنالک تشعّ أضواءً وتُصنع مادّتها الغذائیة على سطح البحر ومن ثمّ تترسّب، کما أنّ أطرافها محکمة ومقاومة إلى درجة أنّها تتحمّل ضغط الماء العظیم الذی إذا وضع الإنسان فی حالته الطبیعیّة هناک فانّ عظامه تتحوّل إلى طحین.
