هل أنتم أفضل من الأقوام السابقة؟!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 13
سورة القمر / الآیة 41 ـ 46 تنبّؤ إعجازی صریح:

المجموعة الخامسة التی یتحدّث عنها القرآن فی هذه السلسلة هم قوم فرعون، ولأنّ الحدیث عن هؤلاء القوم قد طرح بصورة تفصیلیة فی السور القرآنیة المختلفة، لذا فإنّ هذه السورة المبارکة تستعرض هذه القصّة فی مقاطع مختصرة ومرکّزة حول ضرورة الاستفادة من العبر التی جاءت فیها والإتّعاظ منها...

یقول سبحانه: (ولقد جاء آل فرعون النّذر)(1).

المقصود من (آل فرعون) لیسوا أهل بیته ومتعلّقیه فقط، بل یشمل کلّ أتباعه بصورة عامّة، لأنّ کلمة (آل) وبالرغم من أنّها تستعمل فی الغالب لأهل البیت والعائلة، إلاّ أنّ معناها أوسع من ذلک، حیث تأتی بالمعنى الذی ذکر، والقرائن العامّة فی هذا المورد تؤیّد هذا المعنى الواسع لها.

(نذر) على وزن (کتب) وهی جمع نذیر، وبمعنى «المنذر» سواء کان هذا المنذر إنساناً أو حادثة من الحوادث التی تحذّر الإنسان من عاقبة أعماله، وفی الحالة الاُولى یمکن أن یکون المقصود فی الآیة أعلاه (موسى وهارون)(علیهما السلام)، وفی الصورة الثانیة إشارة إلى المعجزات التسع لموسى(علیه السلام). ومن خلال ملاحظة الآیة التی بعدها تشیر إلى أنّ المعنى الثانی هو الأنسب.

والآیة اللاحقة تکشف عن ردّ الفعل لآل فرعون من دعوة النبیین الإلهیین(علیهما السلام)، والإنذارات التی وجّهوها لهم حیث یقول الله سبحانه: (کذّبوا بآیاتنا کلّه).

نعم إنّ هؤلاء المغرورین من الجبابرة والمعاندین قد أنکروا کلّ الآیات الإلهیّة وبدون استثناء، وحسبوها سحراً وکذباً وصدفة.

(آیات) لها معنى واسع تشمل الدلائل العقلیة والمعجزات والدلائل النقلیة، وعند ملاحظة قوله تعالى: (ولقد آتینا موسى تسع آیات بیّنات)(2) یتبیّن لنا أنّ المقصود بـ (الآیات) هنا هی المعجزات التسع لموسى(علیه السلام)(3).

إنّ الإنسان إذا کان صادقاً فی البحث عن الحقیقة فانّه یکفیه أن یرى واحدة منها، وخاصّة تلک التی یسبقها إنذار، ثمّ بلاء، ثمّ زوال هذا البلاء عند دعاء النّبی الإلهی، ولکن العناد والإصرار على الباطل والغرور إذا رکب الإنسان، فحتّى لو أصبحت جمیع السماء والأرض آیات لله، فلن تکون ذات تأثیر على أمثال هؤلاء، والجواب الحاسم المناسب لهم هو العذاب الإلهی الذی یقضی على النزعات الشریرة والنفوس المریضة التی یملؤها الهوى والغرور. کما قال تعالى: (فأخذناهم أخذ عزیز مقتدر) تکملة للآیة مورد البحث.

«أخذ» فی الأصل بمعنى تناول الشیء وأخذه بالید، ولکون المجرم یؤخذ قبل أن یعاقب، لذا فإنّها تستعمل کنایة عن المجازاة.

والتعبیر الآخر الذی أتى فی آخر هذه القصّة لا یوجد له شبه فی التعابیر المماثلة فی القصص الاُخرى، وذلک لأنّ الفراعنة کانوا یتباهون بقوّتهم وسطوتهم وعزّهم أکثر من بقیّة الاُمم، والحدیث عن قوّة سلطانهم کان فی کلّ مکان، یقول الله تعالى: (فأخذناهم أخذ عزیز مقتدر) وذلک کی یکون واضحاً للجمیع أنّ القوّة الحقیقة هی لله وحده، لأنّ کلّ قوّة وعزّة اُخرى غیر قوّته وما یتّصل بذاته وهمیّة لا تساوی شیئاً فی قبال عزّته وقدرته... والعجیب أنّ نهر النیل العظیم الذی کان مصدر خیر وثروة لهم، هو الذی اُمر بالإنتقام منهم، والأعجب من ذلک أنّ أضعف المخلوقات سلّطت علیهم کالجراد والضفادع والقمل فجعلتهم فی حالة عجز ومسکنة لا یقدرون على دفعها، وهم الذین کانوا من السطوة والقوّة موضع حدیث أهل زمانهم.

وبعد بیان هذه المشاهد المؤثّرة من قصص الأقوام المنصرمة والعذاب الإلهی العظیم الذی حلّ بهؤلاء الجبابرة المتمردّین على الحقّ، یخاطب الله سبحانه فی الآیة اللاحقة مشرکی مکّة بقوله تعالى: (أکفّارکم خیر من اُولائکم أم لکم براءة فی الزّبر)(4).

فما الفرق بینکم وبین قوم فرعون وقوم نوح ولوط وثمود؟ فکما أنّ اُولئک الأقوام قد عذّبوا بالطوفان تارةً والزلازل والصواعق اُخرى، اقتصاصاً منهم للکفر والظلم والطغیان والعصیان الذی کانوا علیه... فما المانع أن یصیبکم العذاب ویکون مصیرکم نفس المصیر... فهل أنتم أفضل منهم؟ وهل أنّ کفرکم وعنادکم أخفّ حدة؟ وکیف ترون أنّکم مصونون من وقوع العذاب الإلهی؟ أألقی إلیکم کتاب من السماء یعطیکم هذا الأمان؟

ومن الطبیعی أنّ مثل هذه الادّعاءات ادّعاءات کاذبة لا یقوم علیها أی دلیل (أم یقولون نحن جمیع منتصر)(5).

«جمع» بمعنى مجموع، والمقصود هنا هی الجماعة التی لها هدف وقدرة على إنجاز عمل، والتعبیر هنا بـ (منتصر) تأکید على هذا المعنى لأنّه من مادّة (إنتصار) بمعنى الإنتقام والغلبة.

والجدیر بالذکر هنا أنّ الآیة السابقة کانت بصورة خطاب، أمّا فی الآیة مورد البحث والآیات اللاحقة، فإنّ الحدیث عن الکفّار بلغة الغائب، وهو نوع من أنواع التحقیر، أی أنّهم غیر مؤهّلین للخطاب الإلهی المباشر.

وعلى کلّ حال، فإنّ ادّعاءهم بالقوّة والقدرة ادّعاء فارغ وقول هراء، لأنّ الأقوام السابقة من أمثال قوم عاد وثمود وآل فرعون وأضرابهم کانوا أکثر قوّة وسطوة، ومع ذلک فلم تغن عنهم قوّتهم شیئاً حینما واجهوا العذاب، وکانوا من الضعف کالقشّة الیابسة تتقاذفها الأمواج من کلّ مکان، فکیف بمن هو أقل عدداً وأضعف حیلة وقوّة ومنعة؟

ویواجه القرآن الکریم هؤلاء السادرین فی غیّهم بإخبار غیبی حاسم وقوی، حیث یقول: (سیهزم الجمع ویولّون الدّبر)(6).

والظریف هنا أن سیهزم من مادّة (هزم) على وزن (جزم) وفی الأصل بمعنى الضغط على الجسم الیابس لحدّ التلاشی. ولهذا السبب استعملت هذه الکلمة (هزم) فی حالة تدمیر الجیوش وإنکسارها.

وربّما أشار هذا التعبیر إلى النقطة التالیة وهی: رغم حالة الإتّحاد والإنسجام لهؤلاء القوم ظاهراً، إلاّ أنّهم کالموجودات الیابسة والفاقدة للروح، فبمجرّد تعرّضها إلى ضغط قوی تتهشّم، ونرى عکس ذلک فی المؤمنین المتصّفین بالقوّة المقترنة بالمرونة، حیث إنّهم إذا ثقلت علیهم المحن وإشتدّت الأزمات وأحنتهم العاصفة فإنّهم سرعان ما یستعیدوا قواهم مرّة اُخرى لیواجهوا مصاعب الحیاة.

«دُبر» بمعنى «خلف» فی مقابل (القُبل) بمعنى «أمام»، وسبب ذکر هذه الکلمة هنا لبیان حالة الفرار من ساحة المعرکة بصورة کلیّة.

لقد صدق هذا التنبّؤ فی معرکة بدر وسائر الحروب الاُخرى حیث کانت هزیمة الکفّار ساحقة، فإنّه رغم قدرتهم وقوّتهم فقد تلاشى جمعهم.

وفی آخر الآیة مورد البحث یشیر سبحانه إلى أنّ الهزیمة التی مُنی بها المشرکون سوف لن تکون فی الدنیا فقط، وإنّما هی فی الآخرة أشدّ وأدهى، حیث یقول الباریء عزّوجلّ: (بل السّاعة موعدهم والسّاعة أدهى وأمرّ).

وعلى هذا التصوّر، فما علیهم إلاّ أن ینتظروا هزیمة ماحقة فی الدنیا، ومصیراً سیّئاً وإندحاراً أمرّ وأکثر بؤساً فی الآخرة.

«أدهى» من مادّة (دَهَوَ) و(دهاء) بمعنى المصیبة والکارثة العظیمة والتی لا مخرج منها ولا نجاة، ولا علاج لها، وتأتی أیضاً بمعنى الذکاء الشدید، إلاّ أنّ المقصود منها فی الآیه الکریمة هو المعنى الأوّل.

نعم إنّهم سیبتلون یوم القیامة بعذاب محتّم وعاقبة بائسة لا مفرّ منها.


1. «نذر» بالإضافة إلى کونها جمع «نذیر» ، فإنّها تعطی أیضاً معنى المصدر أو اسم المصدر، ولکون المصدر یطلق على المعنى الوصفی أیضاً، لذا یمکن جمع الإثنین فی مفهوم واحد.
2. الإسراء، 101.
3. المعجزات التسع لموسى(علیه السلام) وبالنظر إلى الآیات القرآنیة المختلفة فهی عبارة عن: «(1) تبدیل العصا لثعبان عظیم» الآیة 20 من سورة طه (2) «ید بیضاء» ولمعان ید موسى(علیه السلام) کمصدر نور الآیة 22 من سورة طه (3) الطوفانات المحطّمة الآیة 133 من سورة الأعراف، (4) الجراد الذی سلّط على المزارع، (5) والقمل (وهو نوع من الآفات الزراعیة)، (6) الضفادع التی خرجت من نهر النیل وبعد مدّة قصیرة غطّت سطحه (7) (الدم) حیث أصبح لون نهر النیل بلون الدم الآیة 133 من سورة الأعراف، (8)، (9) عدم نزول الأمطار ونقص الثمرات الآیة 130 من سورة الأعراف.
4. الضمیر فی «کفّارکم» یرجع فی الظاهر (لمشرکی العرب) بقرینة الجملة (أم لکم براءة فی الزبر).
5. بالرغم من أنّ «نحن» ضمیر جمع فانّ خبرها «جمیع» قد جاء مفرداً، وکذلک «منتصر» والتی جاءت خبراً بعد خبر أو صفة لـ «جمیع» ، والسبب فی ذلک إنّ لفظ «جمیع» وإن کانت مفردة إلاّ أنّ المعنى (جمع).
6. مع العلم أنّ من المناسب أن یقال «یولّون الأدبار» إلاّ أنّه قیل هنا: (یولّون الدبر)، لأنّ لهذا المعنى (جنس) حیث تکون فی حکم الجمع.
سورة القمر / الآیة 41 ـ 46 تنبّؤ إعجازی صریح:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma