لقد طرح البعض من غیر المطّلعین إشکالا آخر على مسألة شقّ القمر، حیث ذکروا أنّ مسألة شقّ القمر لها أهمیّة بالغة، فإذا کانت حقیقیّة فلماذا لم تذکر فی کتب التاریخ؟
ومن أجل أن تتوضّح أهمیّة هذا الإشکال لابدّ من الإلمام والدراسة الدقیقة لمختلف جوانب هذا الموضوع، وهو کما یلی:
) یجب الإلتفات إلى أنّ القمر یُرى فی نصف الکرة الأرضیة فقط، ولیس فی جمیعها، ولذا فلابدّ من إسقاط نصف مجموع سکّان الکرة الأرضیة من إمکانیة رؤیة حادثة شقّ القمر وقت حصولها.
ب) وفی نصف الکرة الأرضیة التی یُرى فیها القمر فإنّ أکثر الناس فی حالة سبات وذلک لحدوث هذه الظاهرة بعد منتصف اللیل.
ج) لیس هنالک ما یمنع من أن تکون الغیوم قد حجبت قسماً کبیراً من السماء، وبذلک یتعذّر رؤیة القمر لسکّان تلک المناطق.
د) إنّ الحوادث السماویة التی تلفت إنتباه الناس تکون غالباً مصحوبة بصوت أو عتمة کما فی الصاعقة التی تقترن بصوت شدید أو الخسوف والکسوف الکلیین الذی یقترن کلّ منها بإنعدام الضوء تقریباً ولمدّة طویلة.
لذلک فإنّ الحالات التی یکون فیها الخسوف جزئیاً أو خفیفاً نلاحظ أنّ الغالبیة من الناس لم تحط به علماً، اللهمّ إلاّ عن طریق التنبیه المسبق عنه من قبل المنجّمین، بل یحدث أحیاناً خسوف کلّی وقسم کبیر من الناس لا یعلمون به.
لذا فإنّ علماء الفلک الذین یقومون برصد الکواکب أو الأشخاص الذین یتّفق وقوع نظرهم فی السماء وقت الحادث هم الذین یطّلعون على هذا الأمر ویخبرون الآخرین به.
وبناءً على هذا ونظراً لقصر مدّة المعجزة (شقّ القمر) فلن یکون بالمقدور أن تلفت الأنظار إلیها على الصعید العالمی، خصوصاً وأنّ غالبیة الناس فی ذلک الوقت لم تکن مهتّمة بمتابعة الأجرام السماویة.
هـ ) وبالإضافة إلى ذلک فإنّ الوسائل المستخدمة فی تثبیت نشر الحوادث التأریخیة فی ذلک الوقت، ومحدودیة الطبقة المتعلّمة، وکذلک طبیعة الکتب الخطیّة التی لم تکن بصورة کافیة کما هو الحال فی هذا العصر حیث تنشر الحوادث المهمّة بسرعة فائقة بمختلف الوسائل الإعلامیة فی کلّ أنحاء العالم عن طریق الإذاعة والتلفزیون والصحف... کلّ هذه الاُمور لابدّ من أخذها بنظر الاعتبار فی محدودیة الإطلاع على حادثة (شقّ القمر).
ومع ملاحظة هذا الأمر والاُمور الاُخرى السابقة فلا عجب أبداً من عدم تثبیت هذه الحادثة فی التواریخ غیر الإسلامیة، ولا یمکن اعتبار ذلک دلیلا على نفیها.
