اسجدوا له جمیعاً...

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 13
سورة النّجم / الآیة 56 ـ 62 محتوى السورة:

تعقیباً على الآیات المتقدّمة التی کانت تتحدّث عن إهلاک الاُمم السالفة لظلمهم، تتوجّه هذه الآیات ـ محلّ البحث ـ إلى المشرکین والکفّار ومنکری دعوة النّبی (صلى الله علیه وآله)فتخاطبهم بالقول: (هذا نذیر من النّذر الاُولى) أی النّبی أو القرآن نذیر کمن سبقه من المنذرین.

وقوله عن «القرآن أو النّبی «هذا نذیر من النذر الاُولى» یعنی أنّ رسالة محمّد وکتابه السماوی لم یکن (أی منهما) موضوعاً لم یسبق إلیه، فقد أنذر الله اُمماً بمثله فی ما مضى من القرون، فعلام یکون ذلک مثار تعجّبکم؟

وقال بعض المفسّرین إنّ المراد من (هذا نذیر) هو الإشارة إلى الإخبار الوارد فی الآیات المتقدّمة عن نهایة الاُمم السالفة، لأنّ هذا الإخبار بنفسه نذیر أیضاً، إلاّ أنّ التّفسیرین السابقین أنسب کما یبدو.

ومن أجل أن یلتفت المشرکون والکفّار إلى الخطر المحدق بهم ویهتّموا به أکثر یضیف القرآن قائلا: (أزفت الآزفة).

أجل، فقد إقترب وعد القیامة فأعدّوا أنفسکم للحساب، والتعبیر بـ «الآزفة» عن القیامة هو لإقترابها وضیق وقتها، لأنّ الکلمة هذه مأخوذة من الأزف على وزن نَجَف. ومعناه ضیق الوقت، وبالطبع فإنّ مفهومه یحمل الإقتراب أیضاً.

وتسمیة القیامة بالآزفة فی القرآن بالإضافة إلى هذه الآیة محلّ البحث، واردة فی الآیة 18 من سورة غافر أیضاً... وهو تعبیر بلیغ وموقظ، وهذا المعنى جاء بتعبیر آخر فی سورة القمر (الآیة الاُولى) (إقتربت السّاعة)، وعلى کلّ حال فإنّ إقتراب القیامة مع الأخذ بنظر الاعتبار عمر الدنیا المحدود والقصیر یمکن إدراکه بوضوح، خاصّة ما ورد أنّ من یموت تقوم قیامته الصغرى.

ثمّ یضیف القرآن قائلا: أنّ المهمّ هو أنّه لا أحد غیر الله بإمکانه إغاثة الناس فی ذلک الیوم والکشف عمّا بهم من شدائد: (لیس لها من دون الله کاشفة)(1).

«الکاشفة» هنا معناه مزیحة الشدائد. إلاّ أنّ بعضهم فسّرها بأنّها العامل لتأخیر القیامة، وبعضهم فسّرها بأنّها الکاشفة عن تاریخ وقوع یوم القیامة، إلاّ أنّ المعنى الأوّل أنسب ظاهراً.

وعلى کلّ حال، فالحاکم والمالک وصاحب القدرة فی ذلک الحین وکلّ حین هو الله سبحانه، فإذا أردتم النجاة فالتجئوا إلیه وإلى لطفه وإذا طلبتم الدّعة والأمان فاستظلّوا بالإیمان به.

ویضیف القرآن فی الآیة التالیة قائلا: (أفمن هذا الحدیث تعجبون).

ولعلّ هذه الجملة إشارة إلى القیامة الوارد ذکرها آنفاً، أو أنّها إشارة إلى القرآن، لأنّه ورد التعبیر عنه بـ «الحدیث» فی بعض الآیات کما فی الآیة 34 من سورة الطور، أو أنّ المراد من «الحدیث» هو ما جاء من القصص عن هلاک الاُمم السابقة أو جمیع هذه المعانی.

ثمّ یقول مخاطباً: (وتضحکون ولا تبکون * وأنتم سامدون) أی فی غفلة مستمرّة ولهو وتکالب على الدنیا، مع أنّه لا مجال للضحک هنا ولا الغفلة والجهل، بل ینبغی أن یُبکى على الفرص الفائتة والطاعات المتروکة، والمعاصی المرتکبة، وأخیراً فلابدّ من التوبة والرجوع إلى ظلّ الله ورحمته!

وکلمة سامدون مشتقّة من سمود على وزن جمود ـ ومعناه اللهو والإنشغال ورفع الرأس للأعلى تکبّراً وغروراً، وهی فی أصل إستعمالها تطلق على البعیر حین یرفل فی سیره ویرفع رأسه غیر مکترث بمن حوله.

فهؤلاء المتکبّرون المغرورون کالحیوانات همّهم الأکل والنوم، وهم غارقون باللذائذ جاهلون عمّا یحدق بهم من الخَطر والعواقب الوخیمة والجزاء الشدید الذی سینالهم.

ویقول القرآن فی آخر آیة من الآیات محلّ البحث ـ وهی آخر آیة من سورة النجم أیضاً ـ بعد أن بیّن أبحاثاً متعدّدة حول إثبات التوحید ونفی الشرک: (فاسجدوا لله واعبدو).

فإذا أردتم أن تسیروا فی الصراط المستقیم والسبیل الحقّ فاسجدوا لذاته المقدّسة فحسب، إذ لله وحده تنتهى الخطوط فی عالم الوجود، وإذا أردتم النجاة من العواقب الوخیمة التی أصابت الاُمم السالفة لشرکهم وکفرهم فوقعوا فی قبضة عذاب الله، فاعبدوا الله وحده.

الذی یجلب النظر ـ کما جاء فی روایات متعدّدة ـ أنّ النّبی عندما تلا هذه الآیة وسمعها المؤمنون والکافرون سجدوا لها جمیعاً.

ووفقاً لبعض الرّوایات أنّ الوحید الذی لم یسجد لهذه الآیة عند سماعها هو «الولید بن المغیرة» ]لعلّه لم یستطع أن ینحنی للسجود[ فأخذ قبضة من التراب ووضعها على جبهته فکان سجوده بهذه الصورة.

ولا مکان للتعجّب أن یسجد لهذه الآیة حتى المشرکون وعبدة الأصنام، لأنّ لحن الآیات البلیغ من جهة، ومحتواها المؤثّر من جهة اُخرى وما فیها من تهدید للمشرکین من جهة ثالثة، وتلاوة هذه الآیات على لسان النّبی (صلى الله علیه وآله) فی المرحلة الاُولى من نزول الآیات عن لسان الوحی من جهة رابعة... کلّ هذه الاُمور کان لها دور فی التأثیر والنفوذ إلى القلوب حتى أنّه لم یبق أیّ قلب إلاّ اهتزّ لجلال آیات الله وألقى عنه أستار الضلال وحجب العناد ـ ولو مؤقتاً ـ ودخله نور التوحید المشعّ!.

وإذا تلونا الآیة ـ بأنفسنا ـ وأنعمنا النظر فیها بکلّ دقّة وتأمّل وحضور قلب وتصوّرنا أنفسنا أمام النّبی (صلى الله علیه وآله) وفی جوّ نزول الآیات وبقطع النظر ـ عن إعتقادنا الإسلامی ـ نجد أنفسنا ملزمین على السجود عند تلاوتنا لهذه الآیة وأن نحنی رؤوسنا إجلالا لربّ الجلال!

ولیست هذه هی المرّة الاُولى التی یترک القرآن بها أثره فی قلوب المنکرین ویجذبهم إلیه دون اختیارهم، إذ ورد فی قصّة «الولید بن المغیرة» أنّه لمّا سمع آیات فصّلت وبلغ النّبی (فی قوله) إلى الآیة: (فإن أعرضوا فقل أنذرتکم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود)(2) قام من مجلسه واهتزّ لها وجاء إلى البیت فظنّ جماعة من المشرکین أنّه صبا إلى دین محمّد.

فبناءً على هذا، لا حاجة أن نقول بأنّ جماعة من الشیاطین أو جماعة من المشرکین الخبثاء حضروا عند النّبی ولمّا سمعوا النّبی یتلو الآیة: (أفرأیتم اللات والعزّى * ومناة الثّالثة الاُخرى)(3) بسطوا ألسنتهم وقالوا: تلک الغرانیق العُلى!! ولذلک إنجذب المشرکون لهذه الآیات فسجدوا أیضاً عند تلاوة النّبی آیة السجدة!

لأنّنا کما أشرنا آنفاً فی تفسیر هذه الآیات. انّ الآیات التی تلت هذه الآیات عنّفت المشرکین ولم تدع مجالا للشکّ والتردّد والخطأ لأی أحد (فی مفهوم الآیة) ]لمزید الإیضاح یراجع تفسیر الآیتین 19 و20 من هذه السورة[.

وینبغی الإلتفات أیضاً إلى أنّ الآیة الآنفة یجب السجود عند تلاوتها، ولحن الآیة التی جاءت مبتدئةً بصیغة الأمر ـ والأمر دالّ على الوجوب ـ شاهد على هذا المعنى.

وهکذا فإنّ هذه السورة ثالثة السور الوارد فیها سجود واجب، أی هی بعد سورة الم السجدة، وحم السجدة... وإن کان بعضهم یرى بأنّ أوّل سورة فیها سجود واجب نزلت على النّبی من الناحیة التاریخیة ـ هی هذه السورة.

اللهمّ أنر قلوبنا بأنوار معرفتک لئلاّ نعبد سواک شیئاً ولا نسجد إلاّ لک.

اللهمّ إنّ مفاتیح الرحمة والخیر کلّها بید قدرتک، فارزقنا من خیر مواهبک وعطایاک، أی رضاک یاربّ العالمین.

اللهمّ ارزقنا بصیرة فی العِبَر ـ لنعتبر بالاُمم السالفة وعاقبة ظلمها وأن نحذر الإقتفاء على آثارهم.

آمین یاربّ العالمین

نهایة سورة النّجم


1. الضمیر فی «لها» یعود على «الآزفة» وتأنیث «الکاشفة»، لأنّها صفة للنفس المحذوفة، وقال آخرون هی تاء المبالغة کالتاء فی العلاّمة.
2. فصّلت، 13.
3. النّجم، 19 و20.
سورة النّجم / الآیة 56 ـ 62 محتوى السورة:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma