کلّ شیء ینتهی إلیه:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 13
سورة النّجم / الآیة 42 ـ 49 1ـ کلّ الدلائل تشیر إلیه

فی هذه الآیات تتجلّى بعض صفات الله التی ترشد الإنسان إلى مسألة التوحید وکذلک المعاد أیضاً.

ففی هذه الآیات وإکمالا للبحوث الواردة فی شأن جزاء الأعمال یقول القرآن: (وأنّ إلى ربّک المنتهى).

ولیس الحساب والثواب والجزاء فی الآخرة بید قدرته فحسب، فإنّ الأسباب والعلل جمیعها تنتهی سلسلتها إلى ذاته المقدّسة، وجمیع تدبیرات هذا العالم تنشأ من تدبیراته، وأخیراً فإنّ ابتداء هذا العالم والموجودات وانتهاؤها کلّها منه وإلیه، وتعود إلى ذاته المقدّسة.

ونقرأ فی بعض الرّوایات فی تفسیر هذه الآیة عن الإمام الصادق (علیه السلام) أنّه قال: «إذا انتهى الکلام إلى الله فأمسکوا»(1).

أی لا تتکلّموا فی ذات الله فإنّ العقول تحار فیه ولا تصل إلى حدّ فإنّه لا یمکن للعقول المحدودة أن تفکّر فی ما هو غیر محدود لأنّه مهما فکّرت العقول فتفکیرها محدود وحاشا لله أن یکون محدوداً.

وبالطبع فإنّ هذا التّفسیر یبیّن مفهوماً آخر لهذه الآیة ولا ینافی ما ذکرناه آنفاً ویمکن الجمع بین المفهومین فی الآیة.

ثمّ یضیف القرآن فی الآیة التالیة مبیّناً حاکمیة الله فی أمر ربوبیته وإنتهاء اُمور هذا العالم إلیه فیقول: (وأنّه هو أضحک وأبکى * وأنّه هو أمات وأحیا * وأنّه خلق الزّوجین الذّکر والأنثى(2)* من نطفة إذا تمنى)!

وهذه الآیات الأربع وما قبلها فی الحقیقة هی بیان جامع وتوضیح طریف لمسألة انتهاء الاُمور إلیه وتدبیره وربوبیته، لأنّها تقول: إنّ موتکم وحیاتکم بیده واستمرار النسل عن طریق الزوجین بیده، وکلّ ما یحدث فی الحیاة فبأمره، فهو یضحک، وهو یبکی، وهو یمیت، وهو یحیی، وهکذا فإنّ أساس الحیاة والمعوّل علیه من البدایة حتى النهایة هو ذاته المقدّسة.

وقد جاء فی بعض الأحادیث ما یوسع مفهوم الضحک والبکاء فی هذه الآیة ففسّرت بأنّه سبحانه: أبکى السماء بالمطر وأضحک الأرض بالنبات(3).

وقد أورد بعض الشعراء هذا المضمون فی شعره فقال:

انّ فَصل الربیع فصل جمیل *** تضحک الأرض من بکاء السماء

وما یسترعی النظر أنّ القرآن أشار إلى صفتی الضحک والبکاء دون سائر أفعال الإنسان، لأنّ هاتین الصفتین خاصّتان بالإنسان وغیر موجودتین فی الحیوانات الاُخر أو نادرتان جدّاً.

أمّا تصویر إنفعالات الإنسان عند الضحک أو البکاء وعلاقتهما بالتغیّرات فی نفس الإنسان وروحه فانّها غریبة وعجیبة جدّاً، وکلّ هذه الاُمور فی مجموعها یمکن أن تکون آیة واضحة من آیات المدبّر الحقّ، بالإضافة إلى التناسب الموجود بین الضحک والبکاء والحیاة والفناء!

وعلى کلّ حال، فانتهاء جمیع الاُمور إلى تدبیر الله وربوبیته لا ینافی أصل الاختیار وحریة إرادة الإنسان، لأنّ الاختیار وحریة الإرادة فی الإنسان أیضاً من قِبَلِ الله وتدبیره وتنتهی إلیه!.

وبعد ذکر الاُمور المتعلّقة بالربوبیة والتدبیر من قِبَل الله یتحدّث القرآن عن موضوع المعاد فیقول: (وأنّ علیه النّشأة الأخرى).

«النشأة»: معناها الإیجاد والتربیة، و«النشأة الاُخرى» لیست شیئاً سوى القیامة!

والتعبیر بـ «علیه» من جهة أنّ الله لمّا خلق الناس وحمّلهم الوظائف والمسؤولیات وأعطاهم الحریة وکان بینهم المطیعون وغیر المطیعون والظلمة والمظلومون ولم یبلغ أی من هؤلاء جزاءه النهائی فی هذا العالم، إقتضت حکمته أن تکون نشأة اُخرى لتتحقّق العدالة.

أضف إلى ذلک فإنّ الحکیم لا یخلق هذا العالم الواسع لأیّام أو سنوات محدودة بما فیها من مسائل غیر منسجمة، فلابدّ أن یکون مقدّمة لحیاة أوسع تکمن فیها قیمة هذا الخلق الواسع، وبتعبیر آخر إذا لم تکن هناک نشأة اُخرى فإیجاد هذا العالم لا یبلغ هدفه النهائی!

وممّا ینبغی الإلتفات إلیه أنّ الله سبحانه جعل هذا الوعد لعباده وعداً محتوماً على نفسه، وصدق کلام الله یوجب أن لا یخلف وعده.

ثمّ یضیف القرآن فی الآیة التالیة قائلا: (وأنّه هو أغنى وأقنى) فالله سبحانه لم یرفع حاجات الإنسان المادیة عنه بلطفه العمیم فحسب، بل أولاه غنى یرفع عنه حاجاته المعنویة من اُمور التربیة والتعلیم والتکامل عن طریق إرسال الرسل إلیه وإنزال الکتب السماویة وإعطائه المواهب العدیدة.

«وأغنى»: فعل مشتق من غنی ومعناه عدم الحاجة.

«وأقنى»: فعل مشتقّ من قنیة على وزن جِزیَة، ومعناها الأموال التی یدّخرها الإنسان(4).

فیکون معنى الآیة على هذا النحو: هو أغنى أی رفع الحاجات الفعلیة، وأقنى معناه إیلاء المواهب التی تدخّر سواء فی الاُمور المادیة کالحائط أو البستان والأملاک وما شاکلها، أو الاُمور المعنویة کرضا الله سبحانه الذی یُعدّ أکبر «رأس مال» دائم!

وهناک تفسیر آخر لأقنى، وهو أنّه ما یقابل أغنى، أی أنّ الغنى والفقر بید قدرته، نظیر ذلک ما جاء فی الآیة 26 من سورة الرعد: (الله یبسط الرّزق لمن یشاء ویقدر).

إلاّ أنّ هذا التّفسیر لا ینسجم مع ما ورد عن «أقنى» من معنى فی کتب اللغة والآیة المذکورة فی هذا الصدد لا یمکن أن تکون «شاهداً» على هذا التّفسیر.

أمّا آخر آیة من الآیات محلّ البحث فتقول: (وأنّه هو ربّ الشّعرى).

تخصیص القرآن «الشعرى» النجم المعروف فی السماء بالذکر، بالإضافة إلى أنّه أکثر النجوم لمعاناً ویطلع عند السحر فی مقربة من الجوزاء ممّا یلفت النظر تماماً... فإنّ طائفةً من المشرکین العرب کانت تعبده، فالقرآن یشیر إلى أنّ الأولى بالعبادة هو الله لأنّه ربّ الشعرى «وربّکم».

وینبغی الإلتفات ـ ضمناً ـ أنّ هناک نجمین معروفین باسم الشعرى أحدهما إلى الجنوب ویُدعى بنجم الشعرى الیمانی «لأنّ الیمن جنوب الجزیرة العربیة» والآخر نجم الشعرى الشامی الواقع فی الجهة الشمالیة «والشام شمال الجزیرة أیضاً» إلاّ أنّ المعروف والمشهور هو الشعرى الیمانی.

وهناک لطائف ومسائل خاصّة فی هذا النجم «الشعرى» سنتحدّث عنه بعد قلیل.


1. تفسیر علی بن إبراهیم، ج 2، ص 338، طبقاً لما جاء فی تفسیر نورالثقلین، ج 5، ص 170.
2. هذه الأفعال وإن جاءت بصیغة الماضی إلاّ أنّها تعطی معنى الفعل المضارع أیضاً والدلالة على الدوام. (فلاحظوا بدقّة).
3. تفسیر نورالثقلین، ج 5، ص 172، ح 102.
4. راجع المفردات للراغب، مادّة قنی.
سورة النّجم / الآیة 42 ـ 49 1ـ کلّ الدلائل تشیر إلیه
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma