کلٌّ یتحمّل مسؤولیة أعماله:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 13
سبب النّزول1ـ ثلاثة اُصول إسلامیة مهمّة

کان الکلام فی الآیات السابقة فی أن یجزی الله تعالى من أساء بإساءته ویثیب المحسنین بإحسانهم... وبما أنّه من الممکن أن یتصوّر أن یعذّب أحد بذنب غیره أو أن یتحمّل أحد وزر غیره، فقد جاءت هذه الآیات لتنفی هذا التوهّم فی المقام، وبیّنت هذا الأصل الإسلامی المهمّ أنّ کلاًّ یرى نتیجة عمله، فقالت أوّلا: (أفرأیت الّذی تولّى) أی تولّى من الإسلام أو الإنفاق!؟ (وأعطى قلیلا وأکدى)(1) بمعنى أنّه أنفق القلیل ثمّ إمتنع وأمسک وهو یظنّ أنّ غیره سیحمل وزره یوم القیامة ..

فأیّ رجل جاءهم من الغیب و«القیامة» فأخبرهم بأنّه یمکن أخذ الرشوة وتحمّل آثام الآخرین؟ أو من جاءهم من قبل الله فأخبرهم بأنّ الله راض عن هذا التعامل إلاّ ما تدور فی أذهانهم من أوهام؟ فهم یتّبعون ما یتوهّمون فراراً من تحمّل المسؤولیة.

وبعد هذا تأتی الآیة الاُخرى لتبیّن إعتراض القرآن الشدید على ذلک، وبیان لأصل کلّی مطّرد فی الأدیان السماویة کلّها فتقول: تُرى أهذا الذی إمتنع عن الإنفاق وآمن بالوعود الخیالیة، ویرید أن یخلص نفسه من عذاب الله بإنفاقه الیسیر والزهید من أمواله، أتغنیه هذه الخیالات والتصوّرات: (أعنده علم الغیب فهو یرى * أم لم ینبّأ بما فی صحف موسى * وإبراهیم الّذی وفّى)(2).

«إبراهیم»: هو ذلک النّبی العظیم الذی أدّى حقّ رسالة الله، وبلّغ ما أمره به ووفی بجمیع عهوده ومواثیقه، ولم یخش تهدید قومه وطاغوت زمانه، ذلک الإنسان الذی امتُحن بمختلف الامتحانات حتى بلغ به أن یقدّم ولده لیذبحه بأمر الله، وخرج منتصراً مرفوع الرأس من جمیع هذه الامتحانات ونال المقام السامی لقیادة الاُمّة... کما نقرأ هذا المعنى فی الآیة 124 من سورة البقرة إذ تقول: (وإذ ابتلى إبراهیم ربّه بکلمات فأتمّهنّ قال إنّی جاعلک للنّاس إمام).

وقال بعض المفسّرین فی توضیح معنى الآیة: أنّه بذل نفسه للنیران وقلبه للرحمن وولده للقربان وماله للاُخوان(3).

ثمّ تأتی الآیة الاُخرى لتقول: (ألاّ تزرُ وازرة وزر اُخرى).

«الوِزْرُ» فی الأصل مأخوذ من «الوَزَرِ» ـ على زنة خطر ـ ومعناه المأوى أو الکهف أو الملجأ الجبلی، ثمّ استعملت هذه الکلمة فی الاعباء الثقیلة! لشباهتها الصخور الجبلیة العظیمة، وأطلقت على الذنب أیضاً، لأنّه یترک عبئاً ثقیلا على ظهر الإنسان.

والمراد من «الوازرة» من یتحمّل الوزر(4).

ولمزید الإیضاح یضیف القرآن قائلا: (وأن لیس للإنسان إلاّ ما سعى)(5).

«السعی» فی الأصل معناه السیر السریع الذی لا یصل مرحلة الرکض، إلاّ أنّه یستعمل غالباً فی الجدّ والمثابرة، لأنّ الإنسان یؤدّی حرکات سریعة فی جدّه ومثابرته سواءً کان ذلک فی الخیر أو الشرّ!

والذی یسترعی الإنتباه أنّ القرآن لا یقول: وان لیس للإنسان إلاّ ما أدّى من عمل... بل یقول: إلاّ ما سعى. وهذا التعبیر إشارة إلى أنّ على الإنسان أن یجدّ ویثابر فذلک هو المطلوب منه وإن لم یصل إلى هدفه، فالعبرة بالنیّة، فإذا نوى خیراً أعطاه الله ثوابه، لأنّ الله یتقبّل النیّات والمقاصد لا الأعمال المؤدّاة فحسب.

أمّا الآیة التالیة فتقول: (وأنّ سعیه سوف یُرى) فالإنسان لا یرى غداً نتائج أعماله التی کانت فی مسیر الخیر أو الشرّ فحسب، بل سیرى أعماله نفسها یوم الحساب، کما نجد التصریح بذلک فی الآیة 30 من سورة آل عمران: (یوم تجد کلّ نفس ما عملت من خیر محضر).

کما ورد التصریح بمشاهدة الأعمال الصالحة والطالحة عند القیامة فی سورة الزلزلة الآیتین 7 و8: (فمن یعمل مثقال ذرّة خیراً یره * ومن یعمل مثقال ذرّة شرّاً یره)!

أمّا الآیة الأخیرة من الآیات محل البحث فتقول: (ثمّ یجزاه الجزاء الأوفى)(6).

والمراد من «الجزاء الأوفی» هو الجزاء الذی یکون طبقاً للعمل، وبالطبع هذا لا ینافی لطف الله وتفضّله بأن یضاعف الجزاء على الأعمال الصالحة عشرة أضعاف أو عشرات الأضعاف ومئاتها وإلى ما شاء الله! وما فسّره بعضهم بأنّ «الجزاء الأوفی» معناه الجزاء الأکثر فی شأن الحسنات، لا یبدو صحیحاً، لأنّ کلام هذه الآیة یشمل الذنوب والأعمال الطالحة، بل الکلام فیها أساساً على الوزر والذنب «فلاحظوا بدقّة»!


1. «أکدى» مأخوذ من «الکدیة» ومعناه الصلابة، ثمّ أطلق على من یمسک والبخیل.
2. «وفّى» مصدره «توفیة» معناه البذل والأداء التامّ.3. تفسیر روح البیان، ج 9، ص 246.
4. أتت لفظ «الوازرة» لکونه وصفاً للنفس المحذوفة فی الآیة ومثلها تأنیث اُخرى.
5. کلمة «ما» فی «ما سعى» مصدریة.
6. نائب الفاعل فی «یُجزاه» ضمیر یعود على الإنسان «والهاء» فی یجزاه تعود على العمل (مع حذف حرف الجرّ) وتقدیر الآیة هکذا ثمّ یجزى الإنسان بعمله أو على عمله الجزاء الأوفی... یقول الزمخشری فی الکشّاف: یمکن أن لا یکون هناک حرف مقدّر لأنّه یقال یُجزى العبد سعیه... إلاّ أنّه ینبغی الإلتفات إلى أنّه یقال مثلا جزاه الله على عمله ویندر أن یقال جزاه الله عمله، والجزاء الأوفی یمکن أن یکون مفعولا ثانیاً أو مفعولا مطلقاً.
سبب النّزول1ـ ثلاثة اُصول إسلامیة مهمّة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma