مرّة اُخرى یشار فی هاتین الآیتین إلى علم الله المطلق وسعته، إلاّ أنّ التعبیر فیهما تعبیر جدید، لأنّه یستند إلى لطیفتین(1) وهما من أشدّ حالات الإنسان خفاءً والتواءً... حالة خلق الإنسان من التراب إذ ما تزال عقول المفکّرین حائرةً فیها، فکیف یوجد موجود حی من موجود لا روح فیه (میّت)؟ وممّا لا شکّ فیه أنّ هذا الأمر حدث فی السابق سواءً فی الإنسان أو الحیوانات الاُخر، ولکن فی أیّة ظروف؟! فالمسألة فی غایة الخفاء والإلتواء بحیث ما تزال أسرارها مطویة ومکتومة عن علم الإنسان.
والاُخرى مسألة التحوّلات المفعمة بالأسرار فی وجود الإنسان فی مرحلة الجنین، فهی أیضاً من الأسرار الغامضة فی کیفیة خلق الإنسان وإن کان شبح منها قد إنکشف لعلم البشر، إلاّ أنّ الأسئلة حول أسرار الجنین التی ما زالت دون جواب کثیرة.
فالمطّلع على هاتین الحالتین من جمیع أسرار وجود الإنسان وتحوّلاته وتغییراته وهادیه ومربّیه، کیف یکون غیر عالم بأعماله وأفعاله! ولا یجازی کلاًّ بحسب ما یقتضیه عمله!
إذاً، فهذا العلم المطلق أساس عدالته المطلقة!