کان لمشرکی العرب أصنام کثیرة، إلاّ أنّ ثلاثةً منها کانت ذات أهمیّة خاصّة عندهم، وهی «اللات» و«العزّى» و«مناة».
وهناک کلام بل أقوال فی تسمیة هذه الأصنام ومن صنعها ومکانها والجماعة التی تعبدها، ونکتفی بما ورد فی کتاب «بلوغ الأرب فی معرفة أحوال العرب» هنا فحسب.
فأوّل صنم معروف إختاره العرب کان (مناة)، حیث انّه بعد أن نقل «عمرو بن لحی» عبادة الأصنام من الشام إلى الحجاز، صُنع هذا الصنم فی منطقة قریبة من البحر الأحمر بین المدینة ومکّة، وکان العرب جمیعهم یحترمون هذا الصنم ویقدّمون له القرابین، إلاّ أنّ أکثر القبائل إهتماماً بهذا الصنم قبیلتا الأوس والخزرج... حتى کان فتح مکّة فی السنة الثامنة للهجرة ـ وکان النّبی متّجهاً من المدینة إلى مکّة ـ فأرسل أمیر المؤمنین علیاً فکسره.
وبعد أن صنع عرب الجاهلیة صنم مناة، عمدوا فصنعوا صنماً آخر، هو اللات من صخر ذی أربع زوایا، وجعلوه فی الطائف، فی المکان الذی توجد فیه الیوم منارة مسجد الطائف الشمالیة، وکان أغلب ثقیف فی خدمة هذا الصنم، وحین أسلمت ثقیف أرسل النّبی المغیرة، فکسر ذلک الصنم، والصنم الثالث الذی إختاره العرب هو العزّى وکان فی محلّ قریب من ذات عرق فی طریق مکّة باتّجاه العراق وکانت قریش تهتمّ بهذا الصنم کثیراً.
وکان العرب یهتّمون بهذه الأصنام الثلاثة إلى درجة أنّهم کانوا یقولون عند الطواف حول البیت: واللات والعزّى ومناة الثالثة الاُخرى فإنّهم الغرانیق العُلى وإنّ شفاعتهم لترتجى(1).
وکانوا یزعمون بأنّ هذه الأصنام بنات الله «ویظهر أنّهم کانوا یتصوّرون أنّ هذه الأصنام تماثیل الملائکة التی کانوا یزعمون أنّها بنات الله!!».
العجب أنّ تسمیتها مستقاة من أسماء الله... غالباً غایة ما فی الأمر کانت أسماؤها مؤنثة لتدلّ على اعتقادهم... فاللات(2) أصلها اللاهة، ثمّ سقط حرف الهاء فصارت الکلمة اللات، والعزّى مؤنث الأعز، ومناة من منى الله الشیء أی قدّره، ویعتقد بعضهم أنّ مناة من النوء وهو عبارة عن طلوع بعض النجوم التی تصحبها المزن وبعضهم قالوا بأنّ مناة مأخوذة من «مَنَى» على وزن «سعى»، ومعناه سفک الدم، لأنّ دماء القرابین کانت تسفک(3) عندها وعلى کلّ حال فإنّ العرب کانوا یحترمون هذه الأصنام حتى أنّهم سمّوا کثیراً من رجالهم بعبد العزّى وعبد منات وربّما سمّوا بعض قبائلهم بمثل هذه الأسماء(4).