هذه السورة کما یقول بعض المفسّرین هی أوّل سورة تلاها النّبی جهراً وبصوت عال فی حرم مکّة بعد أن أضحت دعوته علناً... وأصغى إلیها المشرکون وسجد لها جمیع المسلمین حتى المشرکون(1).
وهذه السورة کما یعتقد بعض المفسّرین نزلت فی شهر رمضان من السنة الخامسة للبعثة(2)!
وقال بعضهم إنّ هذه السورة هی السورة الاُولى التی نزلت فیها سجدة واجبة بمکّة(3). لکن مع ملاحظة أنّ سورة العلق کما هو معروف نزلت قبلها وفی آخرها آیة سجدة واجبة فإنّ هذا القول یبدو بعیداً.
وعلى کلّ حال، فإنّ هذه السورة ـ لکونها مکیّة ـ تحمل بین ثنایاها بحوثاً فی الاُصول الاعتقادیة خاصّة «النبوّة والمعاد» وفیها تهدید ووعید وإنذارات مکرّرة لإیقاظ الکفّار وردعهم عن غیّهم!.
ویمکن تقسیم محتوى هذه السورة إلى سبعة أقسام:
1ـ بدایة السورة تتحدّث بعد القَسَم العمیق المغزى عن حقیقة الوحی وإتّصال النّبی(صلى الله علیه وآله)مباشرةً بمُنزل الوحی «جبریل» وتبیّن ذلک بجلاء، وتبرىء ساحة النّبی المقدّسة عن کلّ شیء سوى الوحی المنزل علیه.
2ـ وفی قسم آخر من هذه السورة یجری الکلام على معراج الرّسول(صلى الله علیه وآله) وجوانب منه بعبارات موجزة وغزیرة المعنى، له علاقة مباشرة بالوحی أیضاً.
3ـ ثمّ یجری الکلام عن خرافات المشرکین فی شأن الأصنام وعبادة الملائکة واُمور اُخر لیس لها أی أساس إلاّ الهوى والهوس، ویعنّف المشرکین فی هذا المجال ویحذّرهم من عبادة الأوثان ویثبت هذا المعنى بمنطق قوی متین.
4ـ وفی قسم آخر منها یفتح القرآن سبیل التوبة بوجه المنحرفین وعامّة المذنبین، ویؤمّلهم بمغفرة الله الواسعة، ویؤکّد على أنّ کلاًّ مسؤول عن عمله، ولا تزر وازرة وزر اُخرى.
5ـ وإکمالا لهذه الأهداف یأتی القسم الخامس من هذه السورة لیبیّن جوانب من مسألة ـ المعاد ـ ویقیم دلیلا واضحاً على هذه المسألة بما هو موجود فی النشأة الاُولى ـ الدنیا ـ .
6ـ وکعادة القرآن فی سائر السور ترد فی هذه السورة إشارات لعواقب الاُمم المؤلمة لعداوتهم للحقّ وعنادهم ـ کما حدث لقوم نوح وثمود وعاد وقوم لوط لیتیقّظ الغافلون من نومتهم عن هذا الطریق.
7ـ وأخیراً فإنّ السورة تختتم بالأمر بالسجود لله وعبادته، ومن إمتیازات هذه السورة قِصَرُ آیاتها وإیقاع آیاتها الخاصّ الذی ینفذ ـ بمفاهیمها ـ نفوذاً عمیقاً، فیوقظ قلوب الغافلین ویحملها معه إلى السماوات العلى.
وتسمیة هذه السورة بـ «النجم» هی لورود هذا اللفظ فی الآیة الاُولى من السورة ذاتها.
1. تفسیر روح البیان، ج9، ص208.
2. المصدر السابق.
3. تفسیر المراغی، ج27، ص41.
