إنّک بأعیننا!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 13
سورة الطّور / الآیة 44 ـ 49 محتوى السّورة:

تعقیباً على البحث الوارد فی الآیات المتقدّمة الذی یناقش المشرکین والمنکرین المعاندین، هذا البحث الذی یکشف الحقیقة ساطعةً لکلّ إنسان یطلب الحقّ، تمیط الآیات محلّ البحث النقاب عن تعصّبهم وعنادهم فتقول: (وان یروا کسفاً من السّماء ساقطاً یقولوا سحاب مرکوم)(1).

إنّ هؤلاء المشرکین معاندون إلى درجة إنکارهم الحقائق الحسیّة وتفسیرهم الحجارة الساقطة من السماء بالسحاب، مع أنّ کلّ من رأى السحاب حین ینزل ویقترب من الأرض لم یجده سوى بخار لطیف، فکیف یتراکم هذا البخار اللطیف ویتبدّل حجراً!؟

وهکذا یتّضح حال هؤلاء الأشخاص إزاء الحقائق المعنویة!! أجل انّ ظلمة الإثم وعبادة الهوى والعناد کلّ ذلک یحجب اُفق الفکر السلیم فیجعله متجهّماً حتى تنجرّ عاقبة أمره إلى إنکار المحسوسات وبذلک ینعدم الأمل فی هدایته.

و «المرکوم» معناه المتراکم، أی ما یکون بعضه فوق بعض!

لذلک فإنّ الآیة التالیة تضیف بالقول: (فذرهم حتّى یلاقوا یومهم الّذی فیه یصعقون).

وکلمة «یُصعقون» مأخوذة من صعق، والإصعاق هو الإهلال، وأصله مشتقّ من الصاعقة، وحین أنّ الصاعقة تُهلک من تقع علیه فإنّ هذه الکلمة استعملت بمعنى الإهلاک أیضاً.

وقال بعض المفسّرین أنّ هذه الجملة تعنی الموت العامّ والشامل الذی یقع آخر هذه الدنیا مقدّمة للقیامة.

إلاّ أنّ هذا التّفسیر یبدو بعیداً، لأنّهم لا یبقون إلى ذلک الزمان بل الظاهر هو المعنى الأوّل، أی دعهم إلى یوم موتهم الذی یکون بدایةً لمجازاتهم والعقاب الاُخروی!

ویتبیّن ممّا قلنا أنّ جملة «ذرهم» أمر یُفید التهدید، والمراد منه أنّ الإصرار على تبلیغ مثل هؤلاء الأفراد لا یجدی نفعاً إذ لا یهتدون.

فبناءً على ذلک لا ینافی هذا الحکم إدامة التبلیغ على المستوى العامّ من قبل النّبی (صلى الله علیه وآله)ولا ینافی الأمر بالجهاد، فما یقوله بعض المفسّرین أنّ هذه الآیة نسخت آیات الجهاد غیر مقبول!

ثمّ یبیّن القرآن فی الآیة التالیة هذا الیوم فیقول: (یوم لا یغنی عنهم کیدهم شیئاً ولا هم ینصرون).

أجل: من یمت تقم قیامته الصغرى «من مات قامت قیامته» وموته بدایة للثواب أو العقاب الذی یکون قسم منه فی البرزخ والقسم الآخر فی القیامة الکبرى، أی القیامة العامّة، وفی هاتین المرحلتین لا تنفع ذریعة متذرّع ولا یجد الإنسان ولیّاً من دون الله ولا نصیراً.

ثمّ تضیف الآیة أنّه لا ینبغی لهؤلاء أن یتصوّروا أنّهم سیواجهون العذاب فی البرزخ وفی القیامة فحسب، بل لهم عذاب فی هذه الدنیا أیضاً: (وإنّ للّذین ظلموا عذاباً دون ذلک ولکنّ أکثرهم لا یعلمون).

أجل، إنّ على الظالمین أن ینتظروا فی هذه الدنیا عذاباً کعذاب الاُمم السابقة کالصاعقة والزلازل والکسف من السماء والقحط أو القتل على أیدی جیش التوحید کما کان ذلک فی معرکة بدر وما اُبتلی به قادة المشرکین فیها إلاّ أن یتیقّظوا ویتوبوا ویعودوا إلى الله آیبین منیبین.

وبالطبع فإنّ جماعة منهم اُبتلوا بالقحط والمحل، ومنهم من قتل فی معرکة بدر کما ذکرنا آنفاً ـ إلاّ أنّ طائفة کبیرة تابوا وأنابوا والتحقوا بصفوف المسلمین الصادقین فشملهم الله بعفوه(2).

وجملة (ولکنّ أکثرهم لا یعلمون) تشیر إلى أنّ أغلب اُولئک الذین ینتظرهم العذاب فی الدنیا والآخرة هم جهلة، ومفهومها أنّ القلیل منهم یعرف هذا المعنى، إلاّ أنّه فی الوقت ذاته یُصرّ على المخالفة لما فیه من اللجاجة والعناد عن الحقّ.

وفی الآیة التالیة یخاطب القرآن نبیّه ویدعوه إلى الصبر أمام هذه التّهم والمثبّطات وأن یستقیم فیقول: (واصبر لحکم ربّک)(3).

فإذا ما اتّهموک بأنّک شاعر أو کاهن أو مجنون فاصبر، وإذا زعموا بأنّ القرآن مفترى فاصبر، وإذا أصرّوا على عنادهم وواصلوا رفضهم لدعوتک برغم کلّ هذه البراهین المنطقیّة فاصبر، ولا تضعف همّتک ویفتر عزمک: (فإنّک بأعینن)!.

نحن نرى کلّ شیء ونعلم بکلّ شیء ولن ندعک وحدک.

وجملة (فإنّک بأعینن) تعبیر لطیف جدّاً حاک عن علم الله وکذلک کون النّبی مشمولا بحمایة الله الکاملة ولطفه!

أجل، إنّ الإنسان حین یحسّ بأنّ قادراً کبیراً ینظره ویرى جمیع سعیه وعمله ویحمیه من أعدائه فإنّ إدراک هذا الموضوع یمنحه الطاقة والقوّة أکثر کما یحسّ بالمسؤولیة بصورة أوسع.

وبما أنّ الحاجة لله وعبادته وتسبیحه وتقدیسه وتنزیهه والإلتجاء إلى ذاته المقدّسة کلّ هذه الاُمور تمنح الإنسان الدّعة والاطمئنان والقوّة، فإنّ القرآن یعقّب على الأمر بالصبر بالقول: (وسبّح بحمد ربّک حین تقوم).

سبّحه حین تقوم سحراً للعبادة وصلاة اللیل.

...وحین تنهض من نومک لأداء الصلاة الواجبة.

...وحین تقوم من أی مجلس ومحفل، فسبّحه واحمده.

وللمفسّرین أقوال مختلفة فی تفسیر هذه الآیة، إلاّ أنّ الجمع بین هذه الأقوال ممکن أیضاً، سواءً کان الحمد التسبیح سحراً، أو عند صلاة الفریضة، أو عند القیام من أی مجلس کان.

أجل، نوّر روحک وقلبک بتسبیح الله وحمده فإنّهما یمنحان الصفاء... وعطر لسانک بذکر الله... واستمدّ منه المدد واستعدّ لمواجهة أعدائک!.

وقد جاء فی روایات متعدّدة أنّ النّبی (صلى الله علیه وآله) حین کان یقوم من مجلسه کان یسبّح الله ویحمده ویقول: «إنّه کفّارة المجلس»(4).

ومن ضمن ما کان یقول بعد قیامه من مجلس کما جاء فی بعض الأحادیث عنه: «سبحانک اللهمّ وبحمدک أشهد أن لا إله إلاّ أنت أستغفرک وأتوب إلیک!».

وسأل بعضهم رسول الله(صلى الله علیه وآله) عن هذه الکلمات فقال: «هنّ کلمات علمنیْهنّ جبرئیل کفّارات لما یکون فی المجلس»(5).

ثمّ یضیف القرآن فی آخر آیة من الآیات محلّ البحث قائلا: (ومن اللیل فسبّحه وإدبار النّجوم).

وقد فسّر کثیر من المفسّرین جملة (ومن اللیل فسبّحه) بصلاة اللیل، وأمّا إدبار النجوم فقالوا هی إشارة إلى «نافلة الصبح» التی تؤدّی عند طلوع الفجر وإختفاء النجوم بنور الصبح.

کما ورد فی حدیث عن علی (علیه السلام) أنّ المراد من «إدبار النجوم» هو «رکعتان قبل الفجر» نافلة الصبح اللتان تؤدّیان قبل صلاة الصبح وعند غروب النجوم، أمّا «إدبار السجود» الوارد ذکرها فی الآیة 40 من سورة «ق» فإشارة إلى «رکعتان بعد المغرب» «وبالطبع فإنّ نافلة المغرب أربع رکع إلاّ أنّ هذا الحدیث أشار إلى رکعتین منها فحسب»(6).

وعلى کلّ حال، فإنّ العبادة والتسبیح وحمد الله فی جوف اللیل وعند طلوع الفجر لها صفاؤها ولطفها الخاصّ، وهی فی منأى عن الریاء، ویکون الاستعداد الروحی لها أکثر فی ذلک الوقت، لأنّ الإنسان یکون فیه بعیداً عن اُمور الدنیا ومشاکلها، والإستراحة فی اللیل تمنح الإنسان الدّعة، فلا صخب ولا ضجیج، وفی الحقیقة هذه الفترة تقترن بالوقت الذی عُرج بالنّبی إلى السماء، فبلغ قاب قوسین أو أدنى یناجی ربّه ویدعوه فی الخلوة!

ولذلک فقد عوّلت الآیات محلّ البحث على هذین الوقتین، ونقرأ حدیثاً عن النّبی(صلى الله علیه وآله)یقول فیه: رکعتا الفجر خیر من الدنیا وما فیه(7).

اللهمّ وفّقنا للقیام فی السحر ومناجاتک طوال عمرنا.

اللهمّ اجعل قلوبنا مطمئنة بعشقک ونوّرها بمحبّتک وأملأها إیماناً بلطفک.

اللهمّ منّ علینا بالصبر والإستقامة فی مقابل الشیاطین وقوى الشر ومؤامرات أعدائک وکیدهم لنتأسّى برسولک فنعیش على هدیه ونموت على سنّته.

آمین یا ربّ العالمین

نهایة سورة الطّور


1. «الکِسْفُ» على وزن «فِسْق» ـ معناه القطعة من کلّ شیء، ومع ملاحظة بقیّة التعبیر. «من السماء»: یظهر المراد منه هنا القطعة من حَجر السماء، وقد دلّت علیه بعض کتب اللغة وهذه الکلمة تجمع على کِسَف على وزن عِنَب، إلاّ أنّ أغلب المفسّرین یرون بأنّ الکلمة هنا مفردة وظاهر الآیة أنّها مفردة أیضاً، لأنّها وصفتها بالمفرد ساقطاً.
2. من قال بأنّ جملة «فیه یصعقون» تشیر إلى یوم القیامة فسّر العذاب «فی الآیة» محلّ البحث بعذاب البرزخ فی القبر، إلاّ أنّه حیث کان تفسیرها ضعیفاً فهذا الاحتمال ضعیف أیضاً.
3. قد یکون المراد من «حکم ربّک» هو تبلیغ حکم الله الذی اُمر النّبی به، فعلیه أن یَصبر عند إبلاغه، أو أنّه عذاب الله الذی وُعد أعداؤه به أی: اصبر یارسول الله حتى یعذّبهم الله، أو المراد منه أوامر أی بما أنّ الله أمرک فاصبر لحکمه، والجمع بین هذه المعانی وإن کان ممکناً إلاّ أنّ التّفسیر الأوّل یبدو أقرب خاصّة بملاحظة فإنّک بأعیننا.
4. تفسیر المیزان، ج19، ص24.
5. تفسیر الدرّ المنثور، ج 6، ص 120.
6. تفسیر مجمع البیان، ج 9، ص 150، ذیل الآیة 40 من سورة ق.
7. تفسیر القرطبی ج 9 ص 6251 ذیل الآیات مورد البحث.
سورة الطّور / الآیة 44 ـ 49 محتوى السّورة:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma