التّفسیر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 13
سورة الطّور / الآیة 9 ـ 16 1ـ کیف یُساق المجرمون إلى جهنّم؟

کانت فی الآیات السابقة إشارة وتلمیح عن عذاب الله فی یوم القیامة ـ بصورة مغلقة ـ أمّا الآیات ـ محلّ البحث ـ ففیها توضیح وتفسیر لما مرّ، فتتحدّث أوّلا عن بعض حالات یوم القیامة وخصائصه، ثمّ عن کیفیة تعذیب المکذّبین فتقول: (یوم تمور السّماء مور)(1).

«المَوْر»: على وزن قَوْل ـ له معان عدیدة فی اللغة. یقول الراغب فی مفرداته: المور معناه الجریان السریع، کما قال إنّ المور یطلق على الغبار الذی تجری به الریح لکلّ جهة أیضاً.

وقد ورد فی «لسان العرب» أنّ «المور» معناه الحرکة والذهاب والإیّاب، کما یطلق على «الموج» ومنهم من قال: المور هو الحرکة الدائرة، ومن مجموع هذه التفاسیر یستفاد أنّ «المور» هو الحرکة السریعة والدوران المقترن بالذهاب والإیّاب والاضطراب والتموّج، وعلى هذا فإنّ النظام الحاکم على الکرات یضطرب بین یدی یوم القیامة وتنحرف عن مداراتها وتتّجه إلى کلّ جهة ذهاباً وإیّاباً، ثمّ تتبدّل وتولّد سماء جدیدة بأمر الله کما تقول الآیة 104 من سورة الأنبیاء: (یوم نطوی السّماء کطىّ السّجلّ للکتب).

ونقرأ فی الآیة 48 من سورة إبراهیم: (یوم تبدّل الأرض غیر الأرض والسّماوات).

ثمّ یضیف القرآن فی آیة اُخرى: (وتسیر الجبال سیر).

أجل، الجبال تنقلع من أمکنتها وتتحرّک وتسیر ثمّ تندکّ وتتلاشى کما تشهد بذلک آیات القرآن الاُخر فتغدو (کالعهن المنفوش)،(2)ثمّ تکون قاعاً خالیة من کلّ شیء کما یقول القرآن: (فیذرها قاعاً صفصف)(3).

کلّ ذلک هو إشارة إلى أنّ هذه الدنیا وما فیها وما علیها تندکّ ویحدث مکانها عالم جدید بأنظمة جدیدة ویکون الإنسان أمام نتائج أعماله وجهاً لوجه.

لذا فإنّ القرآن یضیف فی الآیة التالیة قائلا: (فویل یومئذ للمکذّبین)(4).

أجل، حین تعمّ الوحشة والإضطراب جمیع الخلق لتغیّر العالم، تهیمن على المکذّبین وحشة عظیمة وهی العذاب الإلهی... لأنّ «الویل»: إظهار التأسّف والحزن لوقوع حادثة غیر مطلوبة!.

ثمّ تبیّن الآیات من هم «المکذّبون» فتقول: (الّذین هم فی خوض یلعبون).

فیزعمون أنّ آیات القرآن ضرب من الکذب والإفتراء وأنّ معجزات النّبی سحر وأنّه مجنون، ویتلقّون جمیع الحقائق باللعب ویسخرون منها ویستهزئون بها ویحاربون الحقّ بالکلام الباطل غیر المنطقی، ولا یأبون من أیّة تهمة أو کذب فی سبیل الوصول إلى مآربهم.

«خوض» على وزن حوض ـ معناه الدخول فی الکلام الباطل، وهو فی الأصل ورود الماء والعبور منه.

ثمّ تبیّن الآیات ذلک الیوم وعاقبة هؤلاء المکذّبین فی توضیح آخر: فتقول: (یوم یدعّون إلى نار جهنّم دعّ)(5) أی یساقون نحو جهنّم بعنف وشدّة.

ویقال لهم حینئذ: (هذه النّار الّتی کنتم بها تکذّبون).

کما یقال لهم أیضا: (أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون)؟!

لقد کنتم تزعمون فی الدنیا إنّ ما جاء به محمّد سحر، وقد أخذ السحر عن ساحر آخر، فغطّى على أعیننا لیصرفها عن الحقائق ولیختطف عقولنا! ویرینا اُموراً على أنّها معاجز، ویذکر لنا کلاماً على أنّه وحی منزل من الله، إلاّ أنّ جمیع ذلک لا أساس له وما هو إلاّ السحر!!

لذلک فحین یردون نار جهنّم یقال لهم بنحو التوبیخ والملامة والإحتقار وهم یلمسون حرارة النار: أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون؟!

کما یقال لهم هناک أیضاً: (اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء علیکم إنّما تجزون ما کنتم تعملون).

أجل هذه هی أعمالکم وقد عادت إلیکم، فلا ینفع الجزع والفزع والآه والصراخ ولا أثر لکلّ ذلک أبداً.

وهذه الآیة تأکید على «تجسّم الأعمال» وعودتها نحو الإنسان، وهی تأکید جدید أیضاً على عدالة الله... لأنّ نار جهنّم مهما کانت شدیدة ومحرقة فهی لیست سوى نتیجة أعمال الناس أنفسهم، وأشکالها المتبدّلة هناک!.


1. کلمة «یوم» منصوبة على أنّها ظرف وهی متعلّقة باسم الفاعل «واقع» الواردة فی الآیات المتقدّمة.
2. القارعة، 5.
3. لمزید التوضیح یراجع التّفسیر الأمثل ذیل الآیة 106 من سورة طه.
4. «الفاء» هنا للتفریع، أی حیث تکون الأرض قاعاً صفصفاً ولا ملجأً من الله فویل یومئذ للمکذّبین.
5. «دعّ» على وزن «جدّ» معناه الدفع الشدید والسوق بخشونة وعنف و«الیوم» فی الآیة منصوب على الظرفیة أو البدلیة من یومئذ فی الآیة السابقة.
سورة الطّور / الآیة 9 ـ 16 1ـ کیف یُساق المجرمون إلى جهنّم؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma