التّفسیر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 13
سورة الطّور / الآیة 1 ـ 8 سورة الطّور / الآیة 9 ـ 16

هذه السورة ـ هی الاُخرى ـ من السور التی تبدأ بالقسم... القسم الذی یهدف لبیان حقیقة مهمّة، وهی مسألة القیامة والمعاد ومحاسبة أعمال الناس.

وأهمیّة هذه المسألة إلى درجة بحیث إنّ الله أقسم فی آیات مختلفة من القرآن بأنواع کثیرة من المقدّسات لتتجلّى عظمة ذلک الیوم ووقوعه حتماً.

وتلوح فی بدایة السورة خمسة آیات تبدأ بالقَسم، وفیها معانی مغلقة تدعو إلى التفکیر ممّا جعلت المفسّرین یبحثون فیها من جمیع الوجوه.

یقول سبحانه وتعالى:

(والطّور).

«الطور» ـ فی اللغة معناه الجبل ـ ولکن مع ملاحظة أنّ هذه الکلمة تکرّرت فی عشر آیات من القرآن الکریم، تسع منها کانت فی الکلام على «طور سیناء» وهو الطور أو الجبل الذی نزل الوحی عنده على موسى، فیُعلم أنّ المراد منه فی الآیة محلّ البحث (الطور ذاته) خاصّة لو أنّنا لاحظنا أنّ الألف واللام فی هذه الکلمة هی للعهد.

فبناءً على ذلک، فإنّ الله یقسم فی أوّل مرحلة بواحد من الأمکنة المقدّسة فی الأرض حیث نزل علیها الوحی.

وفی تفسیر قوله تعالى: (وکتاب مسطور) احتمالات متعدّدة أیضاً، إذ قال بعضهم: المراد به اللوح المحفوظ، وقال آخرون: بل هو القرآن الکریم، ومضى بعض إلى أنّه «صحیفة

الأعمال»، وذهب آخر إلى أنّه «کتاب التوراة» النازل على موسى (علیه السلام).

ولکن بتناسب القسَم المذکور آنفاً فإنّ الآیة تشیر هنا إلى «کتاب موسى» أو کلّ کتاب سماوی.

(فی رقٍّ منشور).

کلمة «الرقّ» مشتقّة من الرقّة، وهی فی الأصل الدقّة واللطافة، کما تطلق هذه الکلمة على الورق أو الجلد الخفیف الذی یکتب علیه و«المنشور»: معناه الواسع، ویعتقد بعضهم أنّ هذه الکلمة تحمل فی مفهومها معنى اللمعان أیضاً.

فبناءً على ذلک... وقع القسم على کتاب نُشر على صفحاته أحسن ما یُکتب وهو فی الوقت ذاته مفتوح وواسع غیر ملتو.

(والبیت المعمور).

هناک تفاسیر مختلفة فی «البیت المعمور» کذلک... إذ قال بعضهم: المراد منه البیت الذی فی السماء محاذیاً للکعبة، وهو معمور بطواف الملائکة وزیارتهم إیّاه، ویلاحظ هذا المعنى فی روایات إسلامیة مختلفة وردت فی مصادر متعدّدة(1). وطبقاً لبعض الرّوایات فإنّ سبعین ألف ملک یزورون ذلک البیت کلّ یوم ولا یعودون إلیه أبداً.

وذهب البعض أنّ المراد منه «الکعبة» وهی بیت الله فی الأرض المعمور بالحجّاج والزوّار، وهو أوّل بیت وضع للعبادة على الأرض.(2)

وقال بعضهم المراد من البیت المعمور هو «قلب المؤمن» الذی یعمره الإیمان وذکر الله.

إلاّ أنّ ظاهر الآیة هو واحد من المعنیین الأوّلین المذکورین آنفاً، وبملاحظة التعابیر المختلفة فی القرآن عن الکعبة بالبیت یکون المعنى الثانی أکثر إنسجاماً.

أمّا المقصود بـ (السّقف المرفوع) فهو «السماء» لأنّنا نقرأ فی الآیة 32 من سورة الأنبیاء: (وجعلنا السّماء سقفاً محفوظ).

کما نقرأ فی الآیتین 27 و28 من سورة النازعات (أأنتم أشدّ خلقاً أم السّماء بناها * رفع سمکها فسوّاه) فالله هو الذی أعلى سقفها وجعلها متّسقة ومنتظمة.

ولعلّ الوجه ـ فی التعبیر ـ بالسقف هو أنّ النجوم والکرات السماویة إلى درجة من الکثرة بحیث غطّت السماء فصارت کأنّها السقف، ویمکن أن یکون إشارة إلى الجوّ الذی یحیط بالأرض أو ما یسمّى بالغلاف الجوّی، وهو بمثابة السقف الذی یمنع النیازک والشهب أن تهوی إلى الأرض وتصدّ الأشعّة الضارّة من الوصول إلى الأرض.

(والبحر المسجور).

«للمسجور»: فی اللغة معنیان: الأوّل الملتهب، والثّانی المملوء، ویقول الراغب فی مفرداته: سجر على وزن فجر معناه إشعال النار، ویعتقد أنّ الآیة تعطی هذا المعنى... ولم یتحدّث عن المعنى الثانی، إلاّ أنّ العلاّمة الطبرسی یذکر أنّ المعنى الأوّل هو ما تقدّم، وکذلک تشیر بعض کتب اللغة إلى ذلک.

والآیات الاُخر فی القرآن تؤیّد المعنى الأوّل أیضاً کما هی الحال فی الآیتین 71 و72 من سورة غافر إذ قال سبحانه: (یسحبون * فی الحمیم ثمّ فی النّار یسجرون).

ونقرأ فی نهج البلاغة عن «أمیر المؤمنین» فی شأن «الحدیدة المحماة» إذ یقول لأخیه «عقیل»: «أتئنّ من حدیدة أحماها إنسانها للعبه وتجرّنی إلى نار سجّرها جبّارها لغضبه ..»(3).

ولکن أین هو هذا «البحر المسجور»؟ قال بعضهم هو البحر المحیط بالأرض «أو البحار المحیطة بها» وسیلتهب قبل یوم القیامة، ثمّ ینفجر کما نقرأ ذلک فی الآیة 6 من سورة التکویر (وإذا البحار سُجّرت) ونقرأ فی الآیة 3 من سورة الإنفطار (وإذا البحار فجّرت).

إلاّ أنّ بعضهم فسّر ذلک بالبحر الذی فی باطن الأرض وهو مؤلّف من مواد منصهرة مذابة، وما ورد فی حدیث عن الإمام الباقر الذی نقله «العیاشی» شاهد على هذا المعنى، وقد ورد فی هذا الحدیث أنّ قارون یعذّب فی البحر المسجور(4) مع أنّ القرآن یقول فی شأنه: (فخسفنا به وبداره الأرض).(5)

وهذان التّفسیران لا یتنافیان، ویمکن أن تکون الآیة قَسَماً بهما معاً، إذ کلاهما من آیات الله ومن عجائب هذا العالم الکبرى.

وممّا یلفت النظر أنّ المفسّرین لم یتناولوا بالبحث علاقة هذه الأقسام الخمسة فیما بینها، إلاّ أنّ الظاهر أنّ الأقسام الثلاثة الاُوَل بینها إرتباط وعلاقة، لأنّها جمیعاً تتحدّث عن الوحی وخصوصیاته، فالطور محلّ نزول الوحی، والکتاب المسطور إشارة إلى الکتاب السماوی أیضاً، سواءً کان التوراة أو القرآن، والبیت المعمور هو محلّ ذهاب وإیّاب الملائکة ورُسِل وحی الله.

أمّا القَسَمان الآخران فیتحدّثان عن الآیات التکوینیة «فی مقابل الأقسام الثلاثة التی کانت تتحدّث عن الآیات التشریعیّة».

وهذان القَسَمان واحد منهما یشیر إلى أهمّ دلائل التوحید وعلائمه وهو «السماء» بعظمتها، والآخر یشیر إلى واحد من علائم المعاد المهمّة ودلائله، وهو الواقع بین یدی القیامة!.

فبناءً على هذا فإنّ التوحید والنبوّة والمعاد جمعت فی هذه الأقسام ]أو الأیمان [الخمسة.

وبعض المفسّرین یرون أنّ هذه الآیات جمیعها تشیر إلى موسى وسیرة تأریخه وحیاته، وذکروا إرتباط الآیات على النحو التالی:

الطور... هو الجبل الذی نزل الوحی على موسى عنده.

والکتاب المسطور: هو التوراة.

والبیت المعمور: مرکز مجیء وإیّاب الملائکة ویحتمل أن یکون بیت المقدس.

والسقف المرفوع: هو ما ذکر فی قصّة بنی إسرائیل (وإذ نتقنا الجبل فوقهم کأنّه ظلّة).(6)

والبحر المسجور: هو البحر الملتهب الذی عوقب قارون به لأنّه خالف موسى فهوى فیه.

إلاّ أنّ هذا التّفسیر یبدو بعیداً، ولا ینسجم مع الرّوایات المنقولة فی المصادر الإسلامیة، وکما قلنا فإنّ السقف المرفوع بشهادة آیات القرآن الاُخر والرّوایات المذکورة فیه هو السماء.

تبقى لطیفة دقیقة هنا وهی ما العلاقة بین هذه الأقسام والمُقسَم به.

ویتّضح الجواب على هذا السؤال ـ مع ملاحظة ما بیّناه آنفاً ـ وهو أنّ هذه الأقسام والتی تدور حول محور قدرة الله فی عالم التکوین والتشریع تدلّ على أنّ الله قادر على إعادة الحیاة وبعث الموتى من قبورهم مرّة اُخرى، وهذا هو غایة الأقَسَام المذکورة کما قرأنا فی الآیات الأخیرة من ـ الآیات محلّ البحث ـ (إنّ عذاب ربّک لواقع * ما له من دافع).


1. ورد فی بحار الأنوار أکثر من عشر روایات فی هذا المجال، ج58، ص55 وما بعدها.
2. ذکرنا فی تفسیر ذیل الآیة 2 من سورة الدخان هذه المسألة، فراجع.
3. نهج البلاغة، الخطبة 224.
4. نور الثقلین، ج5، ص138.
5. القصص، 81.
6. الأعراف، 171.
سورة الطّور / الآیة 1 ـ 8 سورة الطّور / الآیة 9 ـ 16
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma