بمطالعة الآیات المذکورة حول التحقیر الشدید للزینة الظاهریة، والثروة والمقام المادی، یطرح هذا السؤال نفسه، وهو: إذا کان الحق کذلک، فلماذا یقول القرآن فی موضع آخر: (قل من حرّم زینة الله الّتی أخرج لعباده والطّیّبات من الرّزق قل هی للّذین آمنوا فی الحیاة الدّنیا خالصة یوم القیامة کذلک نفصّل الآیات لقوم یعلمون).(1)
أو یقول فی موضع آخر: (یا بنی آدم خذوا زینتکم عند کلّ مسجد)،(2) فکیف تتوافق هاتان الفئتان مع الآیات؟
ینبغی الإلتفات فی الجواب إلى أن الهدف فی الآیات ـ مورد البحث ـ هو القضاء على القیم الکاذبة الخاطئة، الهدف هو أن لا یعد الناس شخصیة الإنسان متقومة بثروته وزینته، ولا یعنی هذا أنّ الإمکانیات المادیة شیء سیّء، بل المهم أن تکون مجرّد أدوات ومظاهر للنظر، ولیس کهدف سام وغایة تبلغ.
ثمّ إنّ هذه الإمکانیات تکون ذات قیمة عندما تکون فی حد المعقول واللائق بالحال، وخالیة من کلّ أنواع الإسراف والتبذیر، لا أن تبنى القصور من الذهب والفضة، وتدّخر الثروات الطائلة منهما.
ومن هنا یتّضح أن وجود جماعة من الکفّار والظالمین بهذه القدرة المادیة لیس دلیلاً على رفعة شخصیتهم، ولا أن حرمان المؤمنین منها، أو من التمتع بها فی حد المعقول کأدوات للزینة، یضر بإیمانهم وتقواهم، وهذا هو التفکیر الإسلامی والقرآنی الصحیح.