التوحید کلمة الأنبیاء الخالدة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 12
سورة الزّخرف / الآیة 26 ـ 30 سورة الزّخرف / الآیة 31 ـ 32

أشارت هذه الآیات إشارة موجزة إلى قصّة إبراهیم، وما جرى له مع قوم بابل عبدة الأوثان، لتکمل بذلک بحث ذم التقلید، الذی ورد فی الآیات السابقة، وذلک لأنّه:

أوّلاً: إنّ إبراهیم(علیه السلام) کان الجد الأکبر للعرب، وکانوا یعدونه محترماً ویقدّسونه، ویفتخرون بتأریخه، فإذا کان اعتقادهم وقولهم هذا حقّاً فیجب علیهم أن یتبعوه عندما مزّق حجب التقلید، وإذا کان سبیلهم تقلید الآباء، فلماذا یقلّدون عبدة الأوثان ولا یتّبعون إبراهیم(علیه السلام).

ثانیاً: إنّ عبدة الأصنام استندوا إلى هذا الاستدلال الواهی ـ وهو اتّباع الآباء ـ فلم یقبله إبراهیم منهم أبداً، کما یقول القرآن الکریم فی سورة الأنبیاء ـ53 و54: (قالوا وجدنا آباءنا لها عابدین * قال لقد کنتم أنتم وآباؤکم فی ضلال مبین).

ثالثاً: إنّ هذه الآیة نوع من التطییب لخاطر الرّسول الأعظم(صلى الله علیه وآله) والمسلمین الأوائل لیعلموا أنّ مثل هذه المخالفات والتوسّلات بالمعاذیر والحجج الواهیة کانت موجودة دائماً، فلا ینبغی أن یضعفوا أو ییأسوا.

تقول الآیة الأولى: (وإذ قال إبراهیم لأبیه وقومه إنّنی براء ممّا تعبدون)(1)، ولما کان کثیر من عبدة الأصنام یعبدون الله أیضاً ، فقد استثناه إبراهیم مباشرة فقال: (إلاّ الّذی فطرنی فإنّه سیهدین).

إنّه(علیه السلام) یذکر فی هذه العبارة الوجیزة دلیلاً على انحصار العبودیّة بالله تعالى، لأنّ المعبود هو الخالق والمدبر، وکان الجمیع مقتنعین بأنّ الخالق هو الله سبحانه، وکذلک أشار(علیه السلام) فی هذه العبارة إلى مسألة هدایة الله التکوینیّة والتشریعیّة التی یوجبها قانون اللطف(2).

وقد ورد هذا المعنى فی سورة الشعراء، الآیات 77 ـ 82 أیضاً.

ولم یکن إبراهیم(علیه السلام) من أنصار أصل التوحید، ومحاربة کل أشکال الشرک طوال حیاته وحسب، بل إنّه بذل قصارى جهده من أجل ابقاء کلمة التوحید فی هذا العالم إلى الأبد، کما تبیّن ذلک الآیة التالیة إذ تقول: (وجعلها کلمة باقیة فی عقبه لعلّهم یرجعون)(3).

والطریف أنّ کل الأدیان التی تتحدّث عن التوحید الیوم تستلهم دعوتها وأفکارها من تعلیمات إبراهیم(علیه السلام) التوحیدیّة، وأنّ ثلاثة من أنبیاء الله العظام ـ وهم موسى(علیه السلام)وعیسى(علیه السلام) ومحمّد(صلى الله علیه وآله) ـ من ذرّیته، وهذا دلیل على صدق تنبؤ القرآن فی هذا الباب.

صحیح أنّ أنبیاء آخرین قبل إبراهیم(علیه السلام) ـ کنوح(علیه السلام) ـ قد حاربوا الشرک والوثنیّة، ودعوا البشر إلى التوحید، إلاّ أنّ الذی منح هذه الکلمة الإستقرار والثبات، ورفع رایتها فی کلّ مکان، کان إبراهیم(علیه السلام) محطّم الأصنام، فهو(علیه السلام) لم یسعَ لاستمرار خطّ التوحید فی زمانه وحسب، بل إنّه طلب استمرار هذا الأمر من الله سبحانه فی أدعیته إذ قال: (واجنبنی وبنیّ أن نعبد الأصنام)(4).

ثمّة تفسیر آخر، وهو: إنّ الضمیر فی (جعل) یعود إلى الله سبحانه، فیکون معنى الجملة: إنّ الله سبحانه قد جعل کلمة التوحید فی أسرة إبراهیم.

غیر أنّ رجوع الضمیر إلى إبراهیم(علیه السلام) ـ وهو التّفسیر الأوّل یبدو أنسب، لأنّ الجمل السابقة تتحدّث عن إبراهیم، ومن المناسب أن یکون هذا الجزء من جملة أعمال إبراهیم، خاصّة وأنّه قد أکّد على هذا المعنى فی آیات عدیدة من القرآن الکریم، وإنّ إبراهیم کان مصرّاً على أن یبقى بنوه وعقبه على دین الله، کما نقرأ فی الآیتین 131، 132 من سورة البقرة: (إذ قال له ربّه أسلم قال أسلمت لربّ العالمین * ووصّى بها إبراهیم بنیه ویعقوب یا بنیّ إنّ الله اصطفى لکم الدّین فلا تموتنّ إلاّ وأنتم مسلمون).

والتصوّر بأنّ (جعل) یعنی الخلق، وأنّه مختصّ بالله سبحانه، تصوّر خاطىء، لأنّ (الجعل) یطلق على أعمال البشر وغیرهم أیضاً، وفی القرآن نماذج کثیرة لذلک، فمثلاً عبّر القرآن عن إلقاء یوسف فی البئر من قبل إخوته، بالجعل: (فلمّا ذهبوا به وأجمعوا أن یجعلوه فی غیابت الجب)(5).

اتّضح ممّا قلناه أنّ ضمیر المفعول فی (جعله) یعود إلى کلمة التوحید وشهادة (لا إله إلاّ الله) ویستفاد هذا من جملة: (إنّنی براء ممّا تعبدون) التی تخبر عن مساعی إبراهیم من أجل استمرار خط التوحید فی الأجیال القادمة.

وورد فی روایات عدیدة من طرق أهل البیت(علیهم السلام) اعتبار مرجع الضمیر إلى مسألة الإمامة، وضمیر الفاعل یرجع إلى الله طبعاً، أی إنّ الله سبحانه قد جعل مسألة الإمامة مستمرّة فی ذریّة إبراهیم(علیه السلام)، کما یستفاد من الآیة 124 من سورة البقرة، إذ لما قال الله سبحانه لإبراهیم: (إنّی جاعلک للنّاس إمام) طلب إبراهیم(علیه السلام) أن یکون أبناؤه أئمّة أیضاً، فاستجاب الله دعاءه، إلاّ فی الذین ظلموا وتلوّثوا بالمعصیة والجور: (قال إنّی جاعلک للنّاس إماماً قال ومن ذرّیّتی قال  لا ینال عهدی الظّالمین).

إلاّ أنّ الإشکال الذی یتبادر لأوّل وهلة هو أنّه لا کلام عن الإمامة فی الآیة مورد البحث، اللهمّ إلاّ أن تکون جملة (سیهدین) إشارة إلى هذا المعنى، لأنّ هدایة النّبی (صلى الله علیه وآله)والأئمّة(علیهم السلام) شعاع من هدایة الله المطلقة، وحقیقة الهدایة والإمامة واحدة.

والأفضل من ذلک أن یقال: إنّ مسألة الإمامة مندرجة فی کلمة التوحید، لأنّ للتوحید فروعاً أحدها التوحید فی الحاکمیّة والولایة والقیادة، ونحن نعلم أنّ الأئمّة یأخذون ولایتهم وزعامتهم من الله سبحانه، لا أنّهم مستقلّون بأنفسهم، وبهذا فإنّ هذه الرّوایات تعتبر من قبیل بیان مصداق وفرع من المعنى العام ل(جعلها کلمة باقیة) ولهذا فإنّه لا منافاة مع التّفسیر الذی ذکرناه فی البدایة. (فتأمّل!)(6).

والجدیر بالملاحظة هنا: هو أنّ المفسّرین قد احتملوا عدّة احتمالات فی تفسیر (فی عقبه) ففسّرها البعض بکلّ ذریّة إبراهیم وأسرته، واعتبرها آخرون خاصّة بقوم إبراهیم وأمّته، وفسّرها جماعة بآل محمّد(علیهم السلام) إلاّ أنّ الظاهر هو أنّ لها معنى واسعاً یشمل کل ذریته إلى انتهاء الدنیا، والتّفسیر بآل محمّد(علیهم السلام) من قبیل بیان المصداق الواضح لها.

والآیة التالیة جواب عن سؤال فی الحقیقة، وهو: فی مثل هذه الحال لِمَ لا یعذّب الله مشرکی مکّة؟ ألم نقرأ فی الآیات السابقة: (فانتقمنا منهم

فتقول الآیة مجیبة: (بل متعت هؤلاء وآباءهم حتّى جاءهم الحقّ ورسول مبین) فنحن لم نکتف بحکم العقل ببطلان الشرک والوثنیّة، ولا بحکم وجدانهم بالتوحید، بل أمهلناهم لإتمام الحجّة علیهم حتى یقوم هذا الکتاب الذی لا یأتیه الباطل من بین یدیه ولا من خلفه، وهذا النّبی العظیم محمّد(صلى الله علیه وآله) بهدایتهم.

وبتعبیر آخر، فإنّ جملة (لعلهم یرجعون) فی الآیة السابقة توحی بأنّ الهدف من مساعی إبراهیم(علیه السلام) الحثیثة کان رجوع کل ذرّیته إلى خط التوحید، فی حین أن العرب کانت تدعی أنّها من ذریة إبراهیم(علیه السلام) ورغم ذلک لم ترجع، إلاّ أنّ الله سبحانه أمهلهم مع ذلک حتى یأتی النّبی العظیم بالکتاب الجدید لیوقظ هؤلاء من نومهم، وبالفعل فقد استیقظت جماعة عظیمة منهم.

إلاّ أنّ العجیب أنّه: (ولمّا جاءهم الحقّ قالوا هذا سحر وإنّا به کافرون)!

نعم... لقد عدّوا القرآن المجید سحراً، والنّبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) ساحراً، وإذا لم یرجعوا عمّا قالوا فإنّ عذاب الله سیحیط بهم ویأخذهم من حیث لا یشعرون.


1. «براء» مصدر، وهی تعنی التبرؤ، ولها فی مثل هذه الموارد معنى الوصف بشکل مؤکّد والمبالغة، کـ (زید عدل) ولما کانت مصدراً فقد تساوى فیها المفرد والجمع، والمذکر والمؤنث.
2. طبقاً لهذا التّفسیر، فإنّ الاستثناء فی جملة (إلاّالذی فطرنیّ) متصل، لأنّ کثیراً من عبدة الأوثان لم یکونوا منکرین للّه، بل کانوا یشرکون معه غیره، إلاّ أنّه إحتمل أیضاً أن یکون الاستثناء منقطعاً، و(إلاّ) بمعنى (لکن) لأنّ التعبیر ب(ماتعبدون) یشیر إلى الأصنام، فإنّ هذا التعبیر غیر متعارف فی شأن الله تعالى. (تأمّل).
3. «العقب» فی الأصل بمعنى کعب القدم، إلاّ أنّ هذه الجملة استعملت فیما بعد فی الأولاد وأولاد الأولاد بصورة واسعة.
4. إبراهیم، 35.
5. یوسف، 15.
6. نقل صاحب تفسیر نورالثقلین هذه الأحادیث فی ج 4، ص 596 و597، ووردت أیضاً فی تفسیر البرهان، ج 4، ص 138 و139.
سورة الزّخرف / الآیة 26 ـ 30 سورة الزّخرف / الآیة 31 ـ 32
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma