من المسلّم به أنّ إبراهیم الخلیل جاء إلى الشام بعد أن هاجر من العراق«بابل» ویقال أنّ لوطاً کان یقطن معه إلاّ أنّه بعد فترة توجّه نحو «سدوم» لیدعو إلى التوحید ویکافح الفساد.
و «سدوم» واحدة من مدن قوم لوط وأحیائهم التی کانت من بلاد الأردن على مقربة من البحر المیّت... وکانت أرضها خصبة کثیرة الأشجار، إلاّ أنّ هذه الأرض بعد نزول العذاب الإلهی على هؤلاء الظالمین من قوم لوط قلب عالیها سافلها وتهدّمت مدنها وسمّین بالمؤتفکات «أی المقلوبات».
وذهب بعضهم أنّ آثار هذه المدن الخربة غرقت فی الماء ویزعمون أنّهم رأوا فی زاویة من البحر المیّت أعمدتها وآثارها وخرائبها الاُخرى.
وما نقرؤه فی بعض التفاسیر الإسلامیة هو أنّ المراد من جملة «وترکنا فیها آیة» هو المیاه العفنة والمستنقعات التی غطّت أماکن هذه المدن، ولعلّه إشارة إلى هذا المعنى وهو أنّه بعد الزلازل الشدیدة وإنشقاق الأرض إنفتح طریق من البحر المیّت نحو هذه الأرض فغرقت جمیع آثارها تحت الماء.
فی حین أنّ بعضهم یعتقد أنّ مدن لوط لم تغرق بعدُ وما تزال على مقربة من البحر المیّت منطقة مغطّاة بالصخور السود ویحتمل أن تکون هی محلّ مدن قوم لوط!
وقیل أنّ مرکز إبراهیم کان فی مدینة «حبرون» على فاصلة غیر بعیدة من «سدوم» وحین نزل العذاب والصاعقة من السماء أو الزلزلة فی الأرض واحترقت «سدوم» کان إبراهیم واقفاً قریباً من حبرون وشاهد دخان تلک المنطقة المتصاعد فی الفضاء باُمّ عینیه(1)!.
ومن مجموع هذه الکلمات تتّضح الحدود التقریبیة لهذه المدن وإن کانت جزئیاتها ما تزال وراء ستار الإبهام باقیة.