مُدُنُ قوم لوط المدمّرة آیة وعبرة:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 13
سورة الذّاریات / الآیة 31 ـ 37 أین تقع مدن قوم لوط؟

تعقیباً على ما سبق من الحدیث عن الملائکة الذین حلّوا ضیفاً على إبراهیم وبشارتهم إیّاه فی شأن الولد «إسحاق» تتحدّث هذه الآیات عمّا دار بینهم وبین إبراهیم فی شأن قوم لوط.

توضیح ذلک: إنّ إبراهیم بعد ما اُبعد إلى الشام... واصل دعوة الناس إلى الله ومواجهته لکلّ أنواع الشرک وعبادة الأصنام... وقد عاصر إبراهیم الخلیل «لوط» أحد الأنبیاء العظام ویُحتمل أنّه کان مأموراً من قبله بتبلیغ الناس وهدایة الضالّین، فسافر إلى بعض مناطق الشام «أی مدن سدوم» فحلّ فی قوم مجرمین ملوّثین بالشرک والمعاصی الکثیرة، وکان أقبحها تورّطهم فی الإنحراف الجنسی واللواط، وأخیراً فقد أمر رهط من الملائکة بعذابهم وهلاکهم إلاّ أنّهم مرّوا بإبراهیم قبل إهلاکهم.

وقد عرف إبراهیم من حال الضیف (الملائکة) أنّهم ماضون لأمر مهمّ، ولم یکن هدفهم الوحید البشرى بتولّد إسحاق، لأنّ واحداً منهم کان کافیاً لمهمّة «البشارة»، أو لأنّهم کانوا عَجِلین فأحسّ بأنّ لدیهم «مأموریة» مهمّة.

لذلک فإنّ أوّل آیة من الآیات محلّ البحث تحکی بدایة المحاورة فتقول: (قال فما خطبکم أیّها المرسلون)(1).

فأماط الملائکة اللثام عن «وجه الحقیقة» ومأموریتهم فـ (قالوا إنّا اُرسلنا إلى قوم مجرمین).

إنّهم قوم متلوّثین ـ إضافةً إلى عقیدتهم الفاسدة ـ بأنواع الآثام والذنوب المختلفة المخزیة القبیحة(2).

ثمّ أضافوا قائلین: (لنرسل علیهم حجارة من طین) والتعبیر بـ «حجارة من طین» هو ما أشارت إلیه الآیة 82 من سورة هود بالقول من «سجّیل» وسجّیل کلمة فارسیة الأصل مأخوذ من (سنگ + گل) ثمّ صارت فی العرب سجّیل، فهی لیست صلبة کالحجر ولا رخواً کالطین، ولعلّها فی المجموع إشارة إلى هذا المعنى وهو أنّ هلاک قوم لوط المجرمین لم یکن یستلزم إنزال أحجار عظیمة وصخور وجلامید من السماء، بل کان یکفی أن یمطروا بأحجار صغیرة لیست صلبة جدّاً کأنّها حبّات «المطر».

ثمّ أضاف الملائکة قائلین: (مسوّمة عند ربّک للمسرفین) کلمة مسوّمة تطلق على ما فیه علامة ووسم، وهناک أقوال بین المفسّرین فی کیفیة أنّها «مسوّمة»؟!

قال بعضهم إنّها کانت فی شکل خاصّ یدلّ على أنّها لیست أحجاراً کسائر الأحجار الطبیعیة، بل کانت وسیلة للعذاب.

وقال جماعة کان لکلّ واحدة منها علامة وکانت لشخص معیّن وعلامتها فی نقطة خاصّة لیعلم الناس أنّ عقاب الله فی منتهى الدقّة بحیث یُعلم من هذه الأحجار المسوّمة أنّ أیّ مجرم ینال واحدةً منها فیهلک بها.

کلمة «المسرفین» إشارة إلى کثرة ذنوبهم بحیث تجاوزت الحدّ وخرقوا ستار الحیاء والخجل، ولو قدّر لبعض الدارسین أن یتفحّص حالات قوم لوط وأنواع ذنوبهم للاحظ أنّ هذا التعبیر فی حقّهم ذو مغزى کبیر(3).

وکلّ إنسان من الممکن أن یقع فی الذنب أحیاناً، فلو تیقّظ بسرعة وأصلح نفسه یرتفع الخطر، وإنّما یکون خطیراً حین یبلغ حدّ الإسراف!.

ویکشف هذا التعبیر عن مطلب مهمّ آخر، وهو أنّ هذه الحجارة السماویة التی اُعدت لتنزل على قوم لوط لا تختّص بهؤلاء القوم، بل معدّة لجمیع المسرفین والعصاة المجرمین.

والقرآن هنا یکشف عمّا جرى لرسل الله إلى نبیّه لوط على أنّهم حلّوا ضیفاً عنده، وقد تبعهم قوم لوط بلا حیاء ولا خجل ظنّاً منهم أنّهم غلمان نضِرون لیقضوا منهم وطرهم!! إلاّ أنّهم سرعان ما أحسّوا بخطئهم فإذا هم عُمی العیون، فیذکر قول الله فیهم(4)(فأخرجنا من کان فیها من المؤمنین * فما وجدنا فیها غیر بیت من المسلمین).

أجل فنحن لا نحرق الأخضر والیابس معاً، وعدالتنا لا تسمح أن یبتلى المؤمن بعاقبة الکافر حتى ولو کان بین آلاف الآلاف من الکافرین رجل مؤمن طاهر لأنجیناه!

وهذا هو ما أشارت إلیه الآیتان 59 و60 من سورة الحجر بالقول: (إلاّ آل لوط إنّا لمنجّوهم أجمعین * إلاّ امرأته قدّرنا إنّها لمن الغابرین).

ونقرأ فی سورة هود الآیة 81 مثله: (فأسر بأهلک بقطع من اللیل ولا یلتفت منکم أحد إلاّ امرأتک إنّه مصیبها ما أصابهم).

أمّا فی سورة العنکبوت فقد وردت الإشارة فی الآیة 32 کما یلی: (قال إنّ فیها لوطاً قالوا نحن أعلم بمن فیها لننجّینّه وأهله إلاّ امرأته کانت من الغابرین).

کما أنّ هذا الموضوع ذاته مشار إلیه فی الآیة 83 من سورة الأعراف: (فأنجیناه وأهله إلاّ امرأته کانت من الغابرین).

وکما تلاحظون، أنّ هذا القسم من قصّة قوم لوط ورد فی هذه السور الخمس فی عبارات مختلفة وجمیعها یتحدّث عن حقیقة واحدة... إلاّ أنّه حیث یمکن أن ینظر إلى حادثة ما من زوایا متعدّدة وکلّ زاویة لها بعدها الخاصّ... فإنّ القرآن ینقل الحوادث التاریخیة ـ على هذه الشاکلة ـ غالباً، والتعابیر المختلفة فی الآیات المتقدّمة شاهدة على هذا المعنى.

أضف إلى ذلک أنّ القرآن کتاب تربوی وإنسانی ـ وفی مقام التربیة یلزم أحیاناً أن یعول على مسألة مهمّة مراراً لتترک أثرها العمیق فی ذهن القارىءغایة ما فی الأمر ینبغی أن یکون هذا التکرار بتعابیر طریفة ومثیرة ومختلفة لئلاّ یقع السأم ویملّ الإنسان، وأن یکون الاُسلوب فصیحاً بلیغاً!.

«ولمزید التوضیح فی شأن ضیف إبراهیم وما دار بینهم وبینه ثمّ عاقبة قوم لوط المرّة یراجع ذیل الآیات 83 من سورة الأعراف و81 من سورة هود و59 و60 من سورة الحجر و32 من سورة العنکبوت».

وعلى کلّ حال فإنّ الله سبحانه زلزل مدن قوم لوط وقلب عالیها سافلها ثمّ أمطرها بحجارة من سجّیل منضود ولم یبق منها أثراً... حتى أنّ أجسادهم دفنت تحت الأنقاض والحجارة! لتکون عبرةً لمن یأتی بعدهم من المجرمین والظالمین غیر المؤمنین.

ولذلک فإنّ القرآن یضیف قائلا فی آخر آیة من الآیات محلّ البحث: (وترکنا فیها آیة للّذین یخافون العذاب الألیم).

وهذا التعبیر یدلّ بوضوح أنّ من یعتبر ویتّعظ بهذه الآیات هم الذین لدیهم إستعداد للقبول فی داخل کیانهم ویحسّون بالمسؤولیة.


1. ینبغی الإلتفات إلى أنّ «خطب» لا یطلق على کلّ عمل، بل هو خاصّ فی الاُمور والأعمال المهمّة فی حین أنّ کلمات مثل عمل، شغل، أمر، فعل، لها معان عامّة.
2. ینبغی الإلتفات إلى أنّه فی سورة هود جاء التعبیر هکذا: إنّا اُرسلنا إلى قوم لوط، وهذا التفاوت فی التعابیر بین الآیات محلّ البحث وآیات سورة هود هو لأنّ کلا من الآیات یذکر قسماً ممّا جرى وبتعبیر آخر هذه المسائل کلّها واقعة، غایة ما فی الأمر أنّ بعضها مذکور فی الآیات محلّ البحث وبعضها فی الآیات الآنفة من سورة هود.
3. یراجع ذیل الآیة 81 من سورة هود.
4. الجدیر بالنظر أنّ فی سورة هود بیاناً لهذه القصّة لکنّ التعابیر فیها تدلّ بوضوح أنّ لقاء الملائکة لإبراهیم کان قبل معاقبة قوم لوط وهلاکهم مع أنّ الآیات محلّ البحث فیها تعابیر تشیر إلى أنّ اللقاء تمّ بعد المعاقبة والجزاء، وطریق الحلّ هو أن نقول أنّ الآیات الوارد ذکرها آنفاً إلى قوله: «مسوّمة عند ربّک للمسرفین» هی کلام الملائکة، وأمّا الآیات الثلاث بعدها فقول الله یخاطب نبیّه والمسلمین یتحدّث عنها على أنّها قصّة وقعت فیما مضى «فلاحظوا بدقّة»!
سورة الذّاریات / الآیة 31 ـ 37 أین تقع مدن قوم لوط؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma