ضیوف إبراهیم(علیه السلام):

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 13
سورة الذّاریات / الآیة 24 ـ 30 کَرَمُ الأنبیاء:

من هذا المقطع ـ فما بعدُ ـ یتحدّث القرآن فی هذه السورة عن قصص الأنبیاء الماضین والاُمم المتقدّمة تأکیداً وتأییداً للموضوع آنف الذکر وما حواه من مسائل، وأوّل جانب یثیره هذا المقطع هو قصّة الملائکة الذین جاءوا لعذاب قوم لوط، ومرّوا على إبراهیم (علیه السلام)على صورة بشر، لیبشّروه بالولد، مع أنّ إبراهیم بلغ سنّاً کبیراً فهو فی مرحلة المشیب وامرأته کانت عقیماً کذلک!

فمن جهة... یعدّ إعطاء هذا الولد لإبراهیم وزوجه وهما فی مرحلة الکبر والیأس من الإنجاب تأکیداً على کون الأرزاق مقدّرة کما اُشیر إلى ذلک فی الآیات المتقدّمة.

ومن جهة اُخرى یُعدّ دلیلا آخر على قدرة الحقّ وآیة من آیات معرفة الله التی ورد البحث عنها فی الآیات آنفاً.

ومن جهة ثالثة یُعدّ بُشرى للاُمم المؤمنة بأنّها فی رعایة الحقّ ـ کما أنّ الآیات التالیة تتحدّث عن عذاب قوم لوط وهی فی الوقت ذاته تهدید للمجرمین.

ففی البدء یوجّه الله سبحانه الخطاب لنبیّه فیقول: (هل أتاک حدیث ضیف إبراهیم المکرمین)(1).

والتعبیر بـ «المکرمین» إمّا لأنّ هؤلاء الملائکة کانوا مأمورین من قبل الحقّ، وقد ورد التعبیر عنهم فی الآیة 26 من سورة الأنبیاء أیضاً بمثل هذا ـ (بل عباد مکرمون) أو لأنّ إبراهیم(علیه السلام) أکرمهم، أو للوجهین معاً.

ثمّ یبیّن القرآن حالهم فیقول: (إذ دخلوا علیه فقالوا سلاماً قال سلام قوم منکرون)(2).

قال بعضهم: جملة أنّهم «قوم منکرون» لم یصرّح بها إبراهیم، بل حدّث بها نفسه لأنّ هذا الکلام لا ینسجم مع وافر الاحترام للضیف الکرام.

إلاّ أنّه کما هو المعتاد قد یقول المضیّف للضیف فی حال الاحترام والترحیب: «لا أدری أین التقیت بک من قبل ـ أو یبدو انّک غریب...».

فبناءً على هذا یمکن التمسّک بظاهر الآیة وأنّ إبراهیم قال هذا الکلام صراحةً وإن کان الاحتمال الأوّل غیر بعید، خاصّة أنّ «الضیف» لم یردّوا على هذا الکلام، ولو کان إبراهیم قال مثل هذا الکلام صراحةً، فلابدّ أن یجیبوه.

وعلى کلّ حال فإنّ إبراهیم أدّى ما علیه من حقّ الضیافة (فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمین).

والفعل «راغ» کما یقول الراغب فی مفرداته مشتقّ من «روغ» ـ على وزن «شوق» ـ ومعناه التحرّک مقروناً بخطّة خفیّة، لأنّ إبراهیم فعل «کذلک» وقام بذلک خفاء لئلاّ یلتفت الضیف فلا یقبلوا بضیافته التی تستلزم نفقة کثیرة! إلاّ أنّه لِمَ هیّأ إبراهیم طعاماً کثیراً؟ مع أنّ ضیفه کانوا کما یقول بعض المفسّرین «ثلاثة» وقال بعضهم: کانوا إثنی عشر ـ وهذا أقصى ما قاله بعض المفسّرین(3) ـ .

فذلک لأنّ الکرماء لا یهیّؤون الطعام بمقدار الضیف فحسب، بل یهیّؤون طعاماً یستوعب حتى العمّال لیشارکوهم فی الأکل، وربّما أخذوا بنظر الاعتبار حتى الجار والأقارب فعلى هذا لا یعدّ مثل هذا الطعام الذی هیّأه إبراهیم إسرافاً، ویلاحظ هذا المعنى فی یومنا هذا عند بعض العشائر التی تعیش على طریقتها القدیمة.

و «العجل» على وزن «طفل» معناه ولد البقر «وما یراه بعضهم أنّه الخروف فلا ینسجم مع متون اللغة»!.. وهذه الکلمة مأخوذة فی الأصل من العجلة، لأنّ هذا الحیوان فی هذه السنّ وفی هذه المرحلة یتحرّک حرکة عجلى، وحین یکبر تزول عنه هذه الصفة تماماً.

و «السمین» معناه المکتنز لحمه، وإنتخاب مثل هذا العجل إنّما هو لإکرام الضیف ولیسع المتعلّقین والأکلة الآخرین!

وفی الآیة التاسعة والستّین من سورة هود جاء وصف هذا العجل بأنّه «حنیذ» أی مشویّ، وبالرغم من أنّ الآیة محلّ البحث لم تذکر شیئاً عن هذا العجل، إلاّ أنّه لا منافاة بین التعبیرین.

ثمّ تضیف الآیة بالقول عن إبراهیم وضیفه (فقرّبه إلیهم) إلاّ أنّه لاحظ أنّ أیدیهم لا تصل إلى الطعام فتعجّب و(قال ألا تأکلون).

وکان إبراهیم یتصوّر أنّهم من الآدمیین (فأوجس منهم خیفةً) لأنّه کان معروفاً فی ذلک العصر وفی زماننا أیضاً بین کثیر من الناس الملتزمین بالتقالید العرفیة، أنّه متى ما أکل شخص من طعام صاحبه فلن یناله أذى منه ولا یخونهولذلک فإنّ الضیف إذا لم یأکل من طعام صاحبه، یثیر الظنّ السیء بأنّه جاء لأمر محذور، وقد قیل على سبیل المثل فی لغة العرب: من لم یأکل طعامک لم یحفظ ذمامک»!

و «الإیجاس» مشتقّ من «وجس» ـ على وزن مکث ـ ومعناه فی الأصل الصوت الخفی ومن هنا فقد أطلق الإیجاس على الإحساس الداخلی والخفی، فکأنّ الإنسان یسمع صوتاً داخله وحین یقترن الإیجاس بالخیفة یکون معناه الإحساس بالخوف.

وهنا قال له الضیف کما ورد فی الآیة 70 من سورة هود طمأنةً له فـ (قالوا لا تخف).

ویضیف القرآن: (وبشّروه بغلام علیم).

وبدیهی أنّ الغلام عند ولادته لا یکون علیماً، إلاّ أنّه من الممکن أن یکون له إستعداد بحیث یکون فی المستقبل عالماً کبیراً... والمراد به هنا هو ذلک المعنى!.

وهذا الغلام من هو؟ هل هو إسحاق أم إسماعیل؟! هناک أقوال بین المفسّرین وإن کان المشهور أنّه إسحاق واحتمال کونه إسماعیل ـ مع ملاحظة الآیة 71 من سورة هود التی تقول فبشّرناها بإسحاق ـ یبدو غیر صحیح، فبناءً على ذلک لیس من شکٍّ أنّ المرأة التی یأتی ذکرها فی الآیات التالیة هی سارة زوج إبراهیم وولدها هذا هو إسحاق!

(فأقبلت امرأته فی صرّة فصکّت وجهها وقالت عجوز عقیم) ونقرأ فی الآیة 72 من سورة هود قوله تعالى: (قالت یاویلتا أألد وأنا عجوز وهذا بعلی شیخ)!؟

فبناءً على هذا فصراخها کان صراخ تعجّب مقرون بالسرور، وکلمة «صرّة» مشتقّة من الصرّ على وزن الشرّ، ومعناه فی الأصل الشدّ والإرتباط، کما یطلق على الصوت العالی والصراخ والجماعة المتراکمة لأنّها ذات شدّة وإرتباط.

ویطلق على الریح الباردة «صرصر» لأنّها تصرّ الإنسان و«الصرورة» کلمة تطلق على من لم یحجّ رجلا کان أو امرأة! کما تطلق على من لم یرغب فی الزواج ]منهم[ لأنّ فی ذلک نوعاً من الإمتناع أو الإرتباط، والصرّة فی الآیة محلّ البحث معناها هو الصوت العالی الشدید.

أمّا «صکّت» فمشتقّة من مادّة صکّ على وزن شکّ ـ ومعناها الضرب الشدید أو الضرب، والمراد منها هنا هو أنّ امرأة إبراهیم حین سمعت بالبشرى ضربت بیدها على وجهها ـ کعادة سائر النساء ـ تعجّباً وحیاءً!

وطبقاً لما یقول بعض المفسّرین وما ورد فی سفر التکوین فإنّ امرأة إبراهیم کانت آنئذ فی سنّ التسعین وإبراهیم نفسه کان فی سنّ المئة عاماً... أو أکثر.

إلاّ أنّ الآیة التالیة تنقل جواب الملائکة لها فتقول: (قالوا کذلک قال ربّک إنّه هو الحکیم العلیم).

فبالرغم من کونک امرأةً عجوزاً وبعلک مثلک شیخاً إلاّ أنّ أمر الله إذا صدر فی شیء ما فلابدّ أن یتحقّق دون أدنى شکّ!.

حتى خلق العالم الکبیر کعالمنا هذا إنّما هو علیه سهل إذ تمّ بقوله: کن فکان!

والتعبیر بـ «الحکیم» و«العلیم» إشارة إلى أنّه لا یحتاج إلى الإخبار بکونک امرأة عقیماً عجوزاً وبعلک شیخاً، فالله یعرف کلّ هذه الاُمور، وإذا لم یرزقک حتى الآن ولداً وأراد أن یهبک فی هذه السنّ ولداً فإنّما هو لحکمته!

الطریف أنّنا نقرأ فی الآیة 73 من سورة هود أنّ الملائکة قالوا لها: (أتعجبین من أمر الله رحمة الله وبرکاته علیکم أهل البیت إنّه حمید مجید).

ووجود الفرق بین هذین التعبیرین هو لأنّ الملائکة قالوا کلّ ذلک لسارة منتهى الأمر أنّ قسماً منه أشارت إلیه سورة هود، وهنا إشارة إلى القسم الآخر، ففی سورة هود جاء الکلام عن «رحمة الله وبرکاته» وهما یتناسبان مع کونه حمیداً مجیداً.

أمّا هنا فالکلام على علمه بعدم إستعداد هذین الزوجین للإنجاب والولد ویأس المرأة بحسب الأسباب الطبیعیة «الظاهریة» ویتناسب مع هذا الکلام أن یقال أنّه هو العلیم، وإذ سئل لِمَ لم یرزقهما فی فترة الشباب ولداً. فیقال: إنّ فی ذلک حکمةً وهو الحکیم سبحانه.


1. «الضیف» له معنى وصفی، ویطلق على المفرد کما یطلق على الجمع أیضاً... ولذلک فقد وصف بالمکرمین، وما قاله بعضهم إنّه مصدر ولا یثنّى ولا یجمع فلا یبدو صحیحاً. ولکن کما یقول الزمخشری فی الکشّاف حیث إنّه کان فی الأصل مصدراً وبعد أن أصبح ذا معنى وصفی فإنّه استعمل فی المفرد والجمع معاً، فلاحظوا بدقّة.
2. «سلاماً» منصوب بفعل محذوف وتقدیره: (نسلّم علیکم سلام) أمّا «سلامٌ» فهو مبتدأ وخبره محذوف وأصله (علیکم سلام أو سلام علیکم) فکأنّ إبراهیم أراد أن یحیّهم بأحسن من تحیّتهم، لأنّ الجملة الاسمیة تدلّ على الثبات والدوام، تفسیر الکشّاف، ج 4، ص 401.
3. إقتباس عن تفسیر روح البیان، وحاشیة تفسیر الصافی، ذیل الآیات مورد البحث.
سورة الذّاریات / الآیة 24 ـ 30 کَرَمُ الأنبیاء:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma