انظروا إلى السّماء لحظةً!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 13
سورة ق / الآیة 6 ـ 11 سورة ق / الآیة 12 ـ 15

هذه الآیات تواصل البحث عن دلائل المعاد، فتارةً تتحدّث عن قدرة الله المطلقة لإثبات المعاد، واُخرى تستشهد له بوقائع ونماذج تحدث فی الدنیا تمثّل حالة المعاد.

فهی تستجلب وتُلفت أنظار المنکرین إلى خلق السماوات فتقول: (أفلم ینظروا إلى السّماء فوقهم کیف بنیناها وزیّناه).

والمراد بالنظر هنا هو النظر المقترن بالتفکیر الذی یدعو صاحبه لمعرفة عظمة الخالق الذی خلق السماء الواسعة وما فیها من عجائب مذهلة وتناسق وجمال وإستحکام ونظم ودقّة.

جملة (وما لها من فروج) أی لا إنشقاق فیها، إمّا أن یکون بمعنى عدم وجود النقص والعیب کما ذهب إلیه بعض المفسّرین، أو أن یکون معناه عدم الإنشقاق والإنفطار فی السماء المحیطة بأطراف الأرض وهی ما یعبّر عنها بالغلاف الجوّی للأرض أو ما یعبّر القرآن عنه بالسقف المحفوظ کما ورد ذلک فی سورة الأنبیاء الآیة 32 إذ توصد الطریق بوجه النیازک والشُهب التی تهوی باستمرار نحو الأرض وبسرعة هائلة وقبل أن تصل إلى الأرض

تستحیل إلى شعلة ثم تکون رماداً، کما أنّها تحجب الأشعّة الضارّة للشمس وغیرها من الأشعّة الکونیة، وإلاّ فإنّ السماء معناها الفضاء الواسع الذی تسبح فیه الأجرام الکرویة المعروفة بالنجوم.

وهنا احتمال ثالث أیضاً، وهو أنّ الجملة السابقة إشارة إلى نظریة وجود «الأثیر»... وطبقاً لهذه النظریة فإنّ جمیع عالم الوجود بما فیه الفواصل التی تقع ما بین النجوم ـ ملیء من مادّة عدیمة اللون والوزن تُدعى بـ «الأثیر» وهی تحمل أمواج النور وتنقلها من نقطة لاُخرى، وطبقاً لهذه النظریة فإنّه لا وجود لأیّة فُرجة ولا فجوة ولا إنشقاق فی عالم الإیجاد والخلق، وجمیع الأجرام السماویة والکواکب السیارة تموج فی الأثیر!

وبالطبع فإنّه لا منافاة بین هذه التفاسیر الثلاثة وإن کانت النظریة الثالثة التی تعتمد على فرضیة الأثیر لا یعوّل علیها ولا یمکن الرکون إلیها، لأنّ موضوع الأثیر ما یزال قید الدرس ولم یثبت بصورة قطعیّة عند جمیع العلماء لحدّ الآن!

ثمّ تشیر الآیات إلى عظمة الأرض فتقول: (والأرض مددناها وألقینا فیها رواسی وأنبتنا فیها من کلّ زوج بهیج).

أجل، خلق الأرض من جهة، ثمّ اتّساعها «وخروجها من تحت الماء» من جهة اُخرى، ووجود الجبال «الرواسی» علیها وإرتباط بعضها ببعض کأنّها السلاسل التی تشدّ الأرض وتحفظها من الضغوط الداخلیة والخارجیة والجزر والمدّ الحاصلین من جاذبیة الشمس والقمر من جهة ثالثة... ووجود أنواع النباتات بما فیها من عجائب واتّساق وجمال من جهة رابعة جمیعها تدلّ على قدرته اللاّ محدودة(1).

والتعبیر بـ (من کلّ زوج) إشارة إلى مسألة الزوجیة فی عالم النباتات التی لم تکن معروفة کأصل کلّی حین نزول الآیات محلّ البحث، وبعد قرون وسنین متطاولة استطاع العلم أن یمیط النقاب عنها، أو أنّه إشارة إلى إختلاف النباتات وأنواعها المتعدّدة، لأنّ التنوّع والاختلاف فی عالم النبات عجیب ومذهل.

أمّا الآیة التالیة فهی بمثابة الإستنتاج إذ تقول: (تبصرةً وذکرى لکلّ عبد منیب)(2).

أجل إنّ من له القدرة على خلق السماوات بما فیها من عظمة وجمال وجلال، والأرض بما فیها من نعمة وجمال ودقّة، کیف لا یمکنه أن یلبس الموتى ثوب الحیاة مرّة اُخرى وأن یجعل لهم معاداً وحیاة اُخرى!؟

ترى ألیست هذه القدرة المذهلة العظیمة دلیلا واضحاً على إمکان المعاد؟!

أمّا الآیة التالیة ففیها إستدلال آخر على هذا الأمر إذ تقول: (ونزّلنا من السماء ماءً مبارکاً فأنبتنا به جنّات وحبّ الحصید).

«الجنّات» هنا إشارة إلى بساتین الثمار، أمّا (حبّ الحصید) فإشارة إلى الحبوب التی تعدّ مادّة أساسیّة لغذاء الإنسان کالحنطة والشعیر والذرّة وغیرها.

ثمّ تضیف الآیة: (والنّخل باسقات لها طلع نضید) کلمة: «باسقات» جمع باسقة بمعنى الشجرة المرتفعة العالیة و«الطلع» ثمر النخل وما یکون منه الرطب والتمر بعدئذ، وکلمة «النضید» معناها المتراکم بشکل دقیق، والمعروف أنّ عذق النخل قبل أن ینشقّ، یحمل داخله طلعاً متراکباً متراکماً وحین ینشقّ هذا الطلع یکون مذهلا وعجیباً.

والآیة الأخیرة من الآیات محلّ البحث تقول: (رزقاً للعباد وأحیینا به بلدةً میتاً کذلک الخروج)(3).

وهکذا فانّ هذه الآیات ضمن بیان النعم العظمى للعباد وتحریک إحساس الشکر فیهم فی مسیر المعرفة تذکّرهم بأنّهم یرون مثلا للمعاد کلّ سنة فی حیاتهم فی هذه الدنیا، فالأرض المیتة الخالیة والیابسة تهتزّ وتنبت النباتات علیها عند نزول قطرات الغیث وکأنّ أصداء القیامة تترنّم على شفاه النباتات قائلة: «وحده لا شریک له».

فهذه الحرکة العظیمة نحو الحیاة فی عالم النباتات تکشف عن هذه الحقیقة، وهی أنّ باریء عالم الموجودات قادر على إحیاء الموتى مرّةً اُخرى، لأنّ وقوع الشیء أقوى دلیل على إمکانه!.


1. کنّا قد بحثنا فوائد إیجاد الجبال واتّساع الأرض وبسطها وزوجیة النباتات بحثاً مفصّلا فی سورة الرعد ذیل الآیة 3.
2. یمکن أن تکون «تبصرة» مفعولا لأجله کما یمکن أن تکون مفعولا مطلقاً... إلاّ أنّ الاحتمال الأوّل أنسب، ومثل هذا یقع الکلام على کلمة «ذکرى».
3. بحثنا هذا الموضوع فی آیات اُخرى أیضاً فراجع ذیل الآیة 9 من سورة فاطر وذیل الآیات الأخیرة من سورة یس.
سورة ق / الآیة 6 ـ 11 سورة ق / الآیة 12 ـ 15
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma