2ـ حقیقة التقوى

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 13
1ـ القیم الحقّة والقیم الباطلةسورة الحجرات / الآیة 14 ـ 15

کما رأینا من قبل، فإنّ القرآن جعل أکبر امتیاز للقوى، وعدّها معیاراً لمعرفة القیم الإنسانیة فحسب!

وفی مکان آخر عدّها خیر الزاد والشراب إذ یقول: (وتزوّدوا فإنّ خیر الزاد التقوى)(1).

أمّا فی سورة الأعراف فقد عبّر عنها باللباس: (ولباس التّقوى ذلک خیر)(2).

کما أنّه عبّر عنها فی آیات اُخر بأنّها واحدة من أهم أسس دعوة الأنبیاء، ویسمو بها فی بعض الآیات إلى أن یعبّر عن الله بأنّه أهل التقوى فیقول: (هو أهل التّقوى وأهل المغفرة)(3).

والقرآن یعدّ التقوى نوراً من الله، فحیثما رسخت التقوى کان العلم والمعرفة إذ یقول: (واتقوا الله ویعلّمکم الله)(4).

ویقرن التقوى بالبرّ فی بعض آیاته فیقول: (وتعاونوا على البرّ والتّقوى).(5)

أو یقرن العدالة بالتقوى فیقول: (اعدلوا هو أقرب للتقوى).

والآن ینبغی أن نرى ما هی «حقیقة التقوى» التی هی أعظم رأس مال معنوی وافتخار للإنسان.

أشار القرآن إشارات تکشف أستاراً عن حقیقة التقوى، فیذکر فی آیات متعدّدة «القلب» مکاناً للتقوى، ومن ضمنها قوله تعالى: (أولئک الّذین امتحن الله قلوبهم للتّقوى)(6).

ویجعل القرآن «التقوى» فی مقابل «الفجور» کما نقرأ ذلک فی الآیة 8 من سورة الشمس: (فألهمها فجورها وتقواه).

ویعدّ القرآن کلّ عمل ینبع من روح الإیمان والإخلاص والنیة الصادقة أساسه التقوى، کما جاء فی وصفه فی شأن «مسجد قبا» (فی المدینة) حیث بنى المنافقون فی قباله «مسجد ضرار» فیقول: (لمسجد اُسّس على التّقوى من أوّل یوم أحقُّ أن تقوم فیه)(7).

ویستفاد من مجموع هذه الآیات أنّ التقوى هی الإحساس بالمسؤولیة والتعهّد الذی یحکم وجود الإنسان وذلک نتیجةً لرسوخ إیمانه فی قلبه حیث یصدّه عن الفجور والذنب ویدعوه إلى العمل الصالح والبر ویغسل أعمال الإنسان من التلوّثات ویجعل فکره ونیّته فی خلوص من أیة شائبة.

وحین نعود إلى الجذر اللغوی لهذه الکلمة نصل إلى هذه النتیجة أیضاً لأنّ «التقوى» مشتقّة من «الوقایة» ومعناها المواظبة والسعی على حفظ الشیء، والمراد فی هذه الموارد حفظ النفس من التلوّث بشکل عام، وجعل القوى تتمرکز فی أمور یکون رضا الله فیها:

وقد ذکر بعض الأعاظم للتقوى ثلاث مراحل:

حفظ النفس من (العذاب الخالد) عن طریق تحصیل الإعتقادات الصحیحة.

تجنّب کلّ إثم وهو أعم من أن یکون ترکاً لواجب أو فعلاً لمعصیة.

التجلّد والإصطبار عن کلّ ما یشغل القلب ویصرفه عن الحقّ، وهذه تقوى الخواص بل خاص الخاص(8).

وفی نهج البلاغة للإمام أمیر المؤمنین علی(علیه السلام) تعابیر حیّة وبلیغة فی شأن التقوى، حیث ذکرت التقوى فی کثیر من خطب الإمام وکلماته القصار!

ففی بعض کلماته یقارن(علیه السلام) بین التقوى والذنب فیقول: «ألا وإنّ الخطایا خیل شُمس حمل علیها أهلها وخلعت لجمها فتقحّمت بهم فی النّار ألا وإنّ التقوى مطایا ذلل حمل علیها أهلها وأعطوا أزمّتها فأوردتهم الجنّة»(9).

وطبقاً لهذا التشبیه اللطیف فإنّ التقوى هی حالة ضبط النفس والتسلّط على الشهوات، فی حین أنّ عدم التقوى هو الاستسلام للشهوات وعدم التسلّط علیها.

ویقول الإمام علی فی مکان آخر: «اعلموا عباد الله أنّ التقوى دار حصن عزیز والفجور دار حصن ذلیل لا یمنع أهله ولا یحرز من لجأ إلیه ألا وبالتقوى تقطع حمة الخطایا»(10).

ویضیف فی مکان آخر أیضاً: «فاعتصموا بتقوى الله فإنّ لها حبلاً وثیقاً عروتهُ ومعقلاً منیعاً ذروتهُ»(11).

وتتّضح حقیقة التقوى وروحها من خلال مجموع التعبیرات آنفة الذکر.

وینبغی الإلتفات إلى هذه «اللطیفة» وهی أنّ التقوى ثمرة شجرة الإیمان، ومن أجل الحصول على هذه الثمرة النادرة والغالیة ینبغی أن تکون قاعدة الإیمان راسخة ومُحکمة!

وبالطبع فإنّ ممارسة الطاعة وتجنّب المعصیة والإلتفات إلى المناهج الأخلاقیة تجعل التقوى راسخة فی النفس، ونتیجتها ظهور نور الیقین والإیمان فی نفس الإنسان، وکلّما إزداد نور التقوى إزداد نور الیقین أیضاً، ولذلک نجد التقوى فی بعض الروایات الإسلامیة على أنّها درجة أعلى من الإیمان وأدنى من الیقین!

یقول الإمام علی بن موسى الرض(علیه السلام): «الإیمان فوق الإسلام بدرجة والتقوى فوق الإیمان بدرجة والیقین فوق التقوى بدرجة وما قسم فی الناس شیء أقلّ من الیقین».(12)

ونختتم بحثنا بأبیات تجسِّد حقیقة التقوى ضمن مثال جلی:

خل الذنوب صَغیرها *** وکبیرها فهو التقى

واصنع کماش فوق أرض *** الشوک یحذر ما یرى

لا تحقرنّ صغیرةً *** إنّ الجبال من الحصى(13)


1. البقرة، 197.
2. الأعراف، 26.
3. المدّثر، 56.
4. البقرة، 282.
5. المائدة، 2.
6. الحجرات، 3.
7. التوبة، 108.
8. بحار الأنوار، ج 70، ص 136.
9. نهج البلاغة، الخطبة 16.
10. المصدر السابق، الخطبة 157.
11. المصدر السابق، الخطبة 190.
12. بحارالانوار، ج 70، ص 136.
13. تفسیر مجمع البیان، ج 1، ذیل الآیة 2 من سورة البقرة.
1ـ القیم الحقّة والقیم الباطلةسورة الحجرات / الآیة 14 ـ 15
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma