هل من سبیل للرجعة؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 12
سورة الشورى / الآیة 44 ـ 46 سورة الشورى / الآیة 47 ـ 50

الآیات السابقة کانت تتحدّث عن الظالمین، أمّا الآیات التی نبحثها فتشیر إلى عاقبة هذه المجموعة وجوانب من عقابها.

فهی تعتبرهم من الضالین الذین لا یملکون أىّ ولی، فتقول: (ومن یضلل الله فما له من ولی من بعده).

الملمّون بتعابیر القرآن بخصوص الهدایة والضلالة، یعرفون بوضوح أنّه  لا  الهدایة ولا الضلالة مفروضة وجبریة، إنّما هما نتیجتان مباشرتان لأعمال الناس. فأحیاناً یقوم الإنسان بعمل معیّن وبسببه یسلب الخالق منه التوفیق ویطمس على قلبه ویمنع عنه نور الهدایة ویترکه سابحاً فی الظلمات.

وهذا هو عین الاختیار والحریة، فلو أنّ شخصاً أصر على شرب الخمر واُصیب بأنواع الأمراض، فإنّه هوالذی جلب هذا الوضع وهذه الأمراض إلى نفسه، فالخالق مسبب

الأسباب ویعطی التأثیرات المختلفة للأشیاء، ولهذا السبب تربط النتائج به أحیان(1).

على أیّة حال، فإنّ هذا أحد أکثر العقوبات ألماً بالنسبة للظالمین، ثمّ تضیف الآیة: (وترى الظالمین لمّا رأوا العذاب یقولون هل إلى مردّ من سبیل).

فقد تحدّث القرآن المجید عدّة مرات عن طلب الکافرین والظالمین العودة، فأحیاناً عند الموت مثل الآیة 99 و100 من سورة المؤمنون: (حتى إذا جاء أحدهم الموت قال ربّ ارجعون * لعلّی اعمل صالحاً فیما ترکت).

وأحیاناً عند القیامة عندما یقتربون من الجحیم، کما تقول الآیة 27 من سورة الأنعام: (ولوترى إذ وقفوا على النّار فقالوا یا لیتنا نردّ ولا نکذّب بآیات ربنا ونکون من المؤمنین).

ولکن مهما کانت هذه الطلبات فإنّها ستواجه بالرفض، لأنّ العودة غیر ممکنة أبداً، وهذه سنّة إلهیّة لا تقبل التغییر، فکما أنّ الإنسان لا یمکنه الرجوع من الکهولة إلى الشباب، أو من الشباب إلى الطفولة، أو من الطفولة إلى عالم الأجنة، کذلک یستحیل الرجوع إلى الوراء والعودة إلى الدنیا من عالم البرزخ أو الآخرة.

الآیة الاُخرى تذکر ثالث عقاب لهذه المجموعة حیث تقول: (وتراهم یعرضون علیها خاشعین من الذل ینظرون من طرف خفی)(2).

فالقلق والخوف الشدید یسیطران على وجودهم، والذلة والإستسلام یطغیان علیهم، وانتهى کلّ شیء من التکبّر ومحاربة وظلم وإیذاء المظلومین، وینظرون من طرف خفی إلى النّار.

هذه صورة لحالة شخص یخشى من شیء أشدّ خشیة ولا یرید أن ینظر إلیه بعینین مفتوحتین، وفی نفس الوقت لا یستطیع أن یتغافل عنه، لذا فهو مجبور على النظر إلیه، لکن بطرف خفی.

بعض المفسّرین قالوا: إنّ جملة (طرف خفی) تعنی هنا النظر بعین نصف مفتوحة، لأنّهم لا یستطیعون فتح العین کاملةً من شدّة الخوف والهول العظیم، أو أنّهم من شدّة الإنهیار والإعیاء لا یستطیعون فتح العین بشکل کامل.

فعندما تکون حالة الإنسان هکذا قبل أن یدخل النّار... فماذا سیجری علیه عندما یطؤها ویهوی فی أعماقها؟!

أمّا آخر عقاب ذکر هنا، فهو سماع اللوم والتوبیخ الألیم من المؤمنین، کما جاء فی آخر الآیة: (وقال الذین آمنوا إن الخاسرین الذین خسروا أنفسهم وأهلیهم یوم القیامة).

فهل هناک خسارة أعظم من أن یخسر الإنسان نفسه، ثمّ زوجه، وأبناءه وأقرباءه؟ ونصیبه نار الفراق وهو فی داخل العذاب الإلهی؟!

ثم تضیف: یا أهل المحشر: (ألا إنّ الظالمین فی عذاب مقیم).

إنّه العذاب الذی لیس هناک أمل بانتهائه، ولا یتحدد بزمان معیّن. إنّه العذاب الذی یحرق أعماق الروح وظاهر الجسد على السواء.

ولیس من المستبعد أن یکون القائل لهذا الکلام هم المؤمنون الحقیقیون، وهم الأنبیاء والأولیاء وأتباعهم الخاصین، حیث إنّهم مطهرون من الذنب، والمظلومون الذین اُوذوا کثیراً من قبل هؤلاء الظالمین، ومن حقهم التحدّث بهذا الکلام فی ذلک الیوم (وقد أشارت روایات أهل البیت علیهم السلام إلى هذا المعنى)(3).

ومن الضروری الإشارة إلى هذه الملاحظة، وهی أنّ (العذاب الخالد) لهؤلاء الظالمین، یدل على أنّ المقصود هم الکافرون، کما ورد فی بعض الآیات القرآنیة: (والکافرون هم الظالمون).(4)

الآیة التی بعدها تشهد على هذه الحقیقة، حیث تقول: (وما کان لهم من أولیاء ینصرونهم من دون الله).

فهؤلاء قطعوا أواصر إرتباطهم بالعباد المخلصین والأنبیاء والأولیاء، لذلک لا یملکون ناصراً أو معیناً فی ذلک الیوم، والقوى المادیة سینتهی مفعولها فی ذلک الیوم أیضاً، ولهذا السبب سیواجهون العذاب الإلهی بمفردهم.

ولتأکید هذا المعنى تقول الآیة فی نهایتها: (ومن یضلل الله فماله من سبیل).

وفی الآیات السابقة قرأنا: (ومن یضلل الله فما له من ولی من بعده).

فهناک تنفی الولی، وهنا تنفی السبیل، حیث إنّه ولأجل الوصول إلى الهدف، یجب أن یکون هناک طریق، ویجب أن یتوفّر الدلیل، إلاّ أنّ هؤلاء الضالین محرومون من هذا وذاک.


1. هناک شرح مفصل فی هذا الخصوص فی نهایة الآیة 36 من سورة الزمر، حیث أوضحنا جمیع جوانب هذا الوضوع.
2. «طرف» «بتسکین الراء» مصدر وتعنی دوران العین، وطرفة العین تعنی حرکة واحدة للعین. والضمیر فی (علیها) یعود إلى العذاب، صحیح أنّ العذاب مذکر لکنّه یعنی هنا النّار وجهنم وضمیر المؤنث یعود إلیها.
3. تفسیر نورالثقلین، ج 4، ص 586 من تفسیر على بن ابراهیم.
4. البقرة، 254.
سورة الشورى / الآیة 44 ـ 46 سورة الشورى / الآیة 47 ـ 50
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma