هذه الآیة ـ أیضاً ـ ترسم جانباً آخر من جوانب قصة الحدیبیّة المهمّة، والقصة کانت على النحو التالی:
رأى النّبی(صلى الله علیه وآله) فی المدینة رؤیا أنّه یدخل مکّة مع أصحابه لأداء مناسک العمرة، فحدّث أصحابه عن رؤیاه فسُرّوا جمیعاً، غیر أنّه لمّا کان جماعة من أصحابه یتصوّرون أنّ تعبیر الرؤیا سیتحقق فی تلک السنة ذاتها ومنعهم المشرکون من الدخول إلى مکّة أصابهم الشک والتردّد... ترى هل من الممکن أن تکون رؤیا النّبی غیر صادقة؟ ألم یکن البناء أن نعتمر هذا العام؟! فأین هذا الوعد؟ وأین صارت هذه الرؤیا الرحمانیة؟!
فکان جواب النّبی لهم: هل قلت لکم أنّ هذه الرؤیا ستتحقق هذا العام؟!
فنزلت الآیة الآنفة فی هذا الصدد والنّبی عائد من الحدیبیة إلى المدینة وأکّدت أنّ هذه الرؤیا کانت صادقة ولابدّ أنّها کائنة... تقول الآیة: (لقد صدق الله رسوله الرّؤیا بالحقّ)(1) فما رآه النّبی فی المنام کان حقّاً وصدقاً.
ثمّ تضیف الآیة قائلة: (لتدخلنّ المسجد الحرام إن شاء الله آمنین محلّقین رؤوسکم ومقصّرین لا تخافون فعلم ما لم تعلمو) وکان فی هذا التأخیر حکمةٌ: (فجعل من دون ذلک فتحاً قریب).