بحوث

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 12
الإسلام عصارة شرائع جمیع الأنبیاءبحث

وهناک ملاحظات فی هذه الآیة یجب الإنتباه إلیها:

1ـ (شَرَع) من کلمة (شَرْع) وهی فی الأصل تعنی الطریق الواضح، حیث یقال (الشریعة) للطریق المؤدّی إلى النهر، ثمّ استخدمت هذه الکلمة بخصوص الأدیان الإلهیّة والشرائع السماویة، لأنّ طریق السعادة الواضح یتمثل فیها، وهی طریق الوصول إلى الإیمان والتقوى والصلح والعدالة.

وبما أنّ الماء هو أساس النظافة والطهارة والحیاة، لذا فإنّ لهذا المصطلح تناسب واضح مع الدین الإلهی الذی یؤدّی نفس هذه الأعمال من الناحیة المعنویة مع روح الإنسان والمجتمع البشری(1).

لقد أشارت هذه الآیة إلى خمسة من الأنبیاء الإلهیین فقط (نوح وإبراهیم وموسى وعیسى ومحمّد علیهم السلام) لأنّ هؤلاء الخمسة هم الأنبیاء اُولو العزم، أی أصحاب الدین والشرائع، وفی الحقیقة فإنّ الآیة تشیر إلى انحصار الشریعة بهؤلاء الخمسة من الأنبیاء.

فی البدایة ذکرت الآیة نوحاً، لأنّ أوّل شریعة (أو الدین الذی یحتوی على کلّ القوانین العبادیة والاجتماعیة) نزلت عن طریقه، وکانت هناک تعلیمات وبرامج محدودة للأنبیاء الذین سبقوه(2).

ولهذا السبب لم یشر القرآن ولا الرّوایات الإسلامیة إلى الکتب السماویة قبل نوح (علیه السلام).

من الضروری أن نشیر إلى أنّه عند ذکر هؤلاء الخمسة، تمّ ذکر نوح(علیه السلام) فی البدایة ثمّ نبیّ الإسلام(صلى الله علیه وآله) وبعد ذلک إبراهیم(علیه السلام) وموسى(علیه السلام) وعیسى(علیه السلام)، وهذا الترتیب بسبب أنّ نوحاً کان هو البادیء والفاتح، ونبیّ الإسلام ذکر بعد ذلک بسبب عظمته، وذکر الآخرون حسب الترتیب الزمنی لظهورهم.

من الضروری أیضاً أن نشیر إلى هذه الملاحظة، وهی أنّ القرآن یستخدم عبارة: (أوحینا إلیک) بخصوص نبیّ الإسلام(صلى الله علیه وآله)، إلاّ أنّه استخدم عبارة «وصیّنا» بالنسبة إلى الآخرین، وقد یکون هذا الاختلاف فی التعبیر بسبب أهمّیة الإسلام بالنسبة لسائر الأدیان السماویة الاُخرى.

وردت عبارة (من یشاء) بالنسبة إلى کیفیة انتخاب الأنبیاء فی نهایة الآیة، والتی قد تکون إشارة مجملة للمؤهلات الذاتیة للرسل الإلهیین.

أمّا بخصوص الاُمم فقد تمّ استخدام عبارة (من ینیب) «والتی تعنی الرجوع إلى الخالق والتوبة عن الذنب» حتى یتّضح معیار الهدایة الإلهیّة وشرائطها للجمیع، ویعثروا على طریق الوصول إلى بحر رحمته.

جاء فی الحدیث القدسی «من تقرب منّی شبراً تقربت منه ذراعاً، ومن أتانی یمشی أتیته هرولة»(3).

وقد ورد هذا الإحتمال أیضاً فی تفسیر الجملة الأخیرة، وهو أنّ (الإجتباء) لا یختص بالأنبیاء فحسب، بل یشمل جمیع العباد المخلصین الذین لهم المقام المحمود عند الخالق.

وبما أنّ أحد أرکان دعوة الأنبیاء من اُولى العزم هو عدم التفرّق فی الدین، فقد کانوا یدعون لذلک حتماً، لذا فقد یطرح هذا السؤال: ما هو أساس کلّ هذه الاختلافات المذهبیة؟

وقد أجابت الآیة الاُخرى على هذا السؤال وذکرت أساس الاختلافات الدینیة بأنّه: (وما تفرقوا إلاّ من بعد ما جاءهم العلم بغیاً بینهم)، فالإختلافات لم تحدث إلاّ بسبب حب الدنیا والمنصب والظلم والحسد والعداوة.

نعم، فعبید الدنیا الظلمة والحاسدون الحاقدون وقفوا حیال أدیان الأنبیاء جمیعاً، ودفعوا کلّ مجموعة باتجاه معیّن کیما یثبتوا أرکان زعامتهم ویؤمّنوا مصالحهم الدنیویة، ویکشفوا ـ علانیةً ـ حسدهم وعداوتهم للمؤمنین الحقیقیین لدین الأنبیاء، ولکن کلّ هذا حصل بعد إتمام الحجة.

وبهذا الترتیب فإنّ أساس التفرّق فی الدین لم یکن الجهل، بل کان الظلم والبغی والانحراف عن الحق، والأهواء والآراء الشخصیة.

«فالعلماء الذین یطلبون الدنیا» و«الحاقدون من الناس والمتعصبون» إتحدوا معاً لزرع هذه الاختلافات.

وتعتبر هذه الآیة ردّاً واضحاً على الذین یقولون بأنّ الدین أوجد الاختلاف بین البشر، وأدّى إلى إراقة دماء کثیرة على مدى التاریخ، فلو دققوا فی الأمر لوجدوا أنّ الدین دائماً هو أساس للوحدة والإتحاد فی المجتمع (کما حصل للإسلام وقبائل الحجاز وحتى الأقوام فی خارج الجزیرة حیث انتهت الاختلافات وأصبحوا اُمّة واحدة).

إلاّ أنّ السیاسات الإستعماریة هی التی أوجدت الفرقة بین الناس، وحرّضت على الاختلافات، وکانت أساساً لإراقة الدماء، وفرضت سیاساتها وأهوائها على الأدیان السماویة، فکانت عاملا کبیراً آخر فی إیجاد الفرقة، وهذا بحدّ ذاته ینبع من (البغی) أیضاً.

«البغی» کما یکشف أساسه اللغوی، یعنی (طلب التجاوز والانحراف عن خط الوسط والمیل نحو الإفراط أو التفریط) سواء تمّ تطبیق هذا الطلب أم لا، وتختلف کمیته وکیفیته، ولهذا السبب فغالباً ما یستخدم بمعنى الظلم.

وأحیاناً یقال لأىّ طلب بالرغم من کونه أمراً جیّداً ومرغوباً.

لذا فإنّ الراغب فی مفرداته یقسّم (البغی) إلى نوعین: (ممدوح) و(مذموم) فالأوّل یتجاوز حدّ العدالة ویصل إلى الإحسان والإیثار، وتجاوز الواجبات والوصول إلى المستحبات، والثّانی یتجاوز الحق نحو الباطل.

ثم یضیف القرآن الکریم: (ولولا کلمة سبقت من ربّک إلى أجل مسمّى لقضی بینهم)حیث یهلک أتباع الباطل وینصر أتباع الحق.

نعم، فالدنیا هی محل الاختبار والتربیة والتکامل، ولا یحصل هذا بدون حریة العمل، وهذا هو الأمر التکوینی الإلهی الذى کان موجوداً منذ بدء خلق الإنسان ولا یقبل التغییر، إنّ هذه هی طبیعة الحیاة الدنیویة، ولکن ما یمتاز به عالم الآخرة هو أنّ جمیع هذه الاختلافات ستنتهی وسوف تصل الإنسانیة إلى الوحدة الکاملة، ولهذا السبب یتمّ استخدام عبارة (یوم الفصل) للقیامة.

أمّا آخر جملة فتقوم بتوضیح حال الأشخاص الذین جاؤوا بعد هذه المجموعة، أی

الذین لم یدرکوا عصر الرسل، بل جاؤوا فی فترة طبع فیها المنافقون والمفرّقون المجتمع البشری بطابعهم الشیطانی، لذا لم یستطیعوا إدراک الحق بشکل جیّد، حیث تقول: (وإن الذین اورثوا الکتاب من بعدهم لفی شک منه مریب)(4).

وقد ذکروا فی حقیقة معنى کلمة (ریب) أنّ هذه الکلمة تطلق على الشک الذی یتبدل إلى الحقیقة أخیراً بعد أن یزال الستار عنه، وقد یکون هذا الأمر إشارة إلى ظهور نبیّ الإسلام(صلى الله علیه وآله) بالأدلة الواضحة، حیث محى آثار الشک والریب من قلوب طلاّب الحق.


1. لقد جاء هذا المعنى بشکل مجمل فی لسان العرب والمفردات للراغب وبقیة کتب اللغة.
2. هناک شرح أوردناه بهذا الخصوص فی نهایة الآیة 213 من سورة البقرة.
3. التّفسیر الکبیر، ج 27، ص 157، ذیل الآیات مورد البحث.
4. وفقاً لهذا التّفسیر الذی یتناسق بشکل کامل مع الجمل السابقة، فإنّ ضمیر (بعدهم) یعود إلى الاُمم الاُولى التی أوجدت الفرقة بین المذاهب والأدیان، ولیس إلى الأنبیاء المذکورین فی الآیة السابقة (فدقق ذلک).
الإسلام عصارة شرائع جمیع الأنبیاءبحث
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma