إنّ الکاف فی جملة (لیس کمثله شیء) للتشبیه، وتعنی المثل أیضاً. لذا فإنّ هذا التکرار أصبح سبباً لأن یعتبر الکثیر من المفسّرین أنّها زائدة، وأنّها جاءت للتأکید، وأمثال ذلک کثیر فی الکلمات الفصحى.
ولکن ثمّة تفسیر أجمل، وهو أن یقال أحیاناً: مثلک لا یهرب من ساحة الأحداث. أیّ إنّ الذی یملک الشجاعة والعقل والذکاء مثلک، لا ینبغی علیه الهرب (والخلاصة أنّ من یملک مثل صفاتک یجب أن یکون هکذا وهکذا).
وفی الآیة التی نبحثهاسیکون المعنى هکذا: مثل الخالق الذی ذکرنا أوصافه ـ کالعلم الواسع والقدرة العظیمة اللامتناهیة ـ لیس له مثل.
ذهب أرباب اللغة وعلماؤها إلى أنّ بعض المصطلحات لها نفس معنى (مثل) إلاّ أنّها لیست مثلها فی المفهوم من زاویة عمومیتها وشمولیتها، مثلا: «ند» على وزن «ضد» وتقال عندما یکون القصد من التشبیه الإشارة إلى المشابهة فی الجوهر والماهیة.
«شبه» وتقال عندما یکون الکلام عن الکیفیة فقط.
«مساوی» وتقال عندما یکون الکلام عن الکمیة فقط.
«شکل» وتقال عندما یکون الکلام فی التشبیه عن المقدار والمساحة.
إلاّ أنّ «مثل» لها مفهوم أوسع وأکثر عمومیة، بحیث تشمل جمیع المفاهیم الآنفة الذکر.
لذا فإنّ الله عندما یرید أن ینفی عن ذاته أىّ شبیه أو نظیر یقول: (لیس کمثله شیء)(1).