السجود لله تعالى

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 12
سورة فصّلت / الآیة 37 ـ 39  سورة فصّلت / الآیة 40 ـ 42

تعتبر هذه الآیات بدایة فصل جدید فی هذه السورة، فهی تختص بقضایا التوحید والمعاد، ودلائل النبوة وعظمة القرآن، وهی فی الواقع مصداق واضح للدعوة إلى الله فی مقابل دعوة المشرکین إلى الأصنام.

تبدأ أوّلا من قضیة التوحید، فتدعو الناس إلى الخالق عن طریق الآیات الآفاقیة: (ومن آیاته اللیل والنّهار والشّمس والقمر)(1) فاللیل وظلمته للراحة، والنهار وضوءه للحرکة.

وهذان التوأمان یقومان بإدارة عجلة حیاة الناس بشکل متناوب ومنظم، بحیث لو کان أحدهما دائمیاً أو استمر لمدّة أطول، فستصاب جمیع الکائنات بالفناء، لذا فإنّ الحیاة تنعدم على سطح القمر حیث تعادل لیالیه 15 لیلة أرضیة ونهاره بهذا المقدار أیضاً.

إنّ لیالیه المظلمة الباردة تجعل کلّ شیء جامداً، أمّا نهاره الطویل الحار فإنّهُ یحرق کلّ شیء، لذلک لا یستطیع الإنسان وکائنات أرضنا أن تعیش على القمر.

أمّا الشمس فهی مصدر کلّ البرکات المادیة فی منظومتنا، فالضوء والحرارة والحرکة ونزول المطر، ونمو النباتات ونضج الفواکه، وحتى ألوان الورود الجمیلة، کل ذلک یدین فی وجوده إلى الشمس.

القمر یقوم بدوره بإضاءة اللیالی المظلمة، وضوءه دلیل السائرین فی دروب الصحراء، وهو یجلب الخیرات بتأثیره على میاه البحار وحدوث الجزر والمد فیه.

ولعلّ البعض قام بالسجود لهذین الکوکبین السماویین وبعبادتهما بسبب الخیرات والبرکات الآنفة الذکر، فتاهوا فی عالم الأسباب، ولم یستطیعوا الوصول إلى مسبّب الأسباب.

ولذلک نرى القرآن بعد هذا البیان یقول مباشرة: (لاتسجدوا للشّمس ولا للقمر واسجدوا لله الّذی خلقهنّ إن کنتم إیّاه تعبدون)(2).

فلماذا لا تتوجهوا بالسجود والعبادة إلى خالق الشمس والقمر؟

ولماذا تعبدون کائنات هی نفسها خاضعة لقوانین الخلقة ونظام الوجود، ولها شروق وغروب وتخضع للتغیّرات؟

إنّ السجود لا ینبغی إلاّ لله خالق هذه الموجودات! إنّ خالق هذه الموجودات ومودع النظم والقوانین فیها لا یغرب ولا یأفل ولا تمتد ید التغییر إلى محضر کبریائه عزّوجلّ.

وبهذا الشکل تنفی الآیات أحد الفروع الواسعة لانتشار الشرک وعبادة الأصنام المتمثلة فی عبادة الکائنات الطبیعیة النافعة، فینبغی للجمیع أن یبحثوا عن علة العلل وأن لا یتوقفوا عند المعلول; نعم ینبغی البحث عن خالق هذه الموجودات!

إنّ هذه الآیة تستدل ـ فی الواقع ـ على وجود الخالق الواحد عن طریق النظام الواحد الذی یتحکّم بالشمس والقمر واللیل والنهار، وإنّ حاکمیته تعالى على هذه الموجودات تعتبر دلیلا على وجوب عبادته.

قوله تعالى: (إن کنتم إیّاه تعبدون) فیه إشارة إلى ملاحظة، مؤدّاها: إذا کنتم تریدون عبادة الخالق فعلیکم إلغاء غیره من الشرکاء فی العبادة، لأنّ عبادته لا تکون إلى جانب عبادة غیره.

وإذا لم یؤثّر هذا الدلیل المنطقی فی أفکار هؤلاء، واستمروا مع ذلک فی عبادة الأصنام والموجودات الاُخرى، ونسوا المعبود الحقیقی، فالله تعالى یخاطبهم بعد ذلک بقوله: (فإن استکبروا فالّذین عند ربّک یسبّحون له باللیل والنّهار وهم لا یسأمون)(3).

فلیس مهماً أن لا تسجد مجموعة من الجهلة والغافلین حیال جبروت الله وذاته المقدّسة الطاهرة، فهذا العالم الواسع ملیء بالملائکة المقرّبین الذین یرکعون ویسجدون ویسبحون له دائماً ولا یفترون أبداً.

ثم إنّ هؤلاء هم بحاجة إلى عبادة الله ولا یحتاج تعالى لعبادتهم، لأنّ فخرهم وکمالهم لا یتمّ إلاّ فی ظل العبودیة له سبحانه وتعالى.

ولقد ذکرنا أنّ الآیات أعلاه هی من آیات السجدة، وثمّة اختلاف بین فقهاء أهل السنّة فی أنّ السجدة هل تکون واجبة بعد بدایة الآیة الاُولى (تعبدون) أو أنّها تکون کذلک بعد تمام الآیتین (یسأمون)؟

ذهب الشافعی ومالک إلى الإحتمال الأول، بینما رجّح آخرون کأبی حنیفة وأحمد بن حنبل الاحتمال الثّانی.

إلاّ أنّ موقع السجدة الواجبة حسب اعتقاد علماء الإمامیة، وفقاً للرّوایات الواردة عن أهل البیت(علیهم السلام)، هی الآیة الاُولى (تعبدون) والآیة الکریمة هی من آیات السجدة الواجبة فی القرآن الکریم.

وضروری أن نشیر هنا إلى أنّ الواجب هو أصل السجدة، أمّا الذکر فهو مستحب، ونقرأ فی روایة أنّ أقل هذا الذکر فی السجدة هوالقول: «لا إله إلا الله حقّاً حقّاً، لا إله إلا الله إیماناً وتصدیقاً، لا إله إلا الله عبودیةً ورقاً سجدت لک یاربّ تعبداً ورقاً، لا مستنکفاً ولا مستکبراً بل أنا عبد ذلیل خائف مستجیر»(4).

نعود مرّة اُخرى إلى آیات التوحید التی تعتبر الأرضیة للمعاد، وإذا کان الحدیث قد شمل فی السابق الشمس والقمر والآیات السماویة، فإنّ الحدیث هنا یدور حول الآیات الأرضیة.

یقول تعالى: (ومن آیاته أنّک ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا علیها الماء اهتزت وربت).

هذه الأرض المیتة الیابسة الخالیة من الحرکة وآثار الحیاة، أىّ قدرة حوّلتها إلى نبض دائم یمور بالحیاة والحرکة، إنّه الماء، وإنّه لدلیل کبیر على قدرة الله الأزلیة، وعلامة على وجود ذاته المقدّسة.

ثم تنتقل الآیة من قضیة التوحید المتمثلة هنا بالحیاة التی ما زالت تحیطها الکثیر من الأسرار والخفایا والغموض، إلى قضیة المعاد، حیث یقول تعالى: (إنّ الّذی أحیاها لمحی الموتى).

نعم: (إنّه على کلّ شیء قدیر).

فدلائل قدرته واضحة فی کلّ مکان، ومع هذا الوضع فکیف نشکّک بالمعاد ونعتبره محالا، ألیس هذا سوى الجهل والغفلة؟

«خاشعة» من (الخشوع) وتعنی فی الأصل التضرّع والتواضع الملازم للأدب، واستخدام هذا التعبیر بخصوص الأرض المیتة الیابسة، یعتبر نوعاً من الکنایة.

فالأرض الیابسة الفاقدة للماء ستخلو من أىّ نوع من أنواع النبات، فهی تشبه الإنسان الساقط أرضاً أو المیت الذی لا حراک فیه، إلاّ أنّ نزول المطر سیهب لها الحیاة ویجعلها تتحرک وتنمو.

«ربت» من (ربو) على وزن (غلو) وتعنی الزیادة والنمو، والربا مشتق من نفس هذه الکلمة، لأنّ المرابی یطلب دینهُ مع الزیادة.

«اهتزت» من «هز» على وزن «حظ» وتعنی التحریک الشدید.

وحول «المعاد الجسمانی» وأدلته وکیفیة الاستدلال علیه من عالم النبات تقدّم بحث مفصّل فی نهایة سورة «یس» من هذا التّفسیر.


1. ینبغی الإلتفات إلى أنّ السجدة هنا واجبة فی حال سماع الآیة أو تلاوتها.
2. یرجع ضمیر التأنیث فی (خلقهن) إلى اللیل والنهار والشمس والقمر کما یقول علماء اللغة وأصحاب التّفسیر، إذ إنّ ضمیر جمع المؤنث العاقل قد یعود أحیاناً إلى جمع غیر العاقل کما یقال مثلا (الأقلام بریتهنّ) والبعض یعتقد أنّ الضمیر هنا یرجع للآیات التی هی جمع مؤنث لغیر العاقل.
واحتمل البعض أنّ الضمیر یعود على الشمس والقمر فقط باعتبار أنّها جنس تشمل جمیع الکواکب وکأنّها تتمتع بعقل وشعور.
3. (لا یسأمون): من کلمة (السئامة) وتعنی التعب من الاستمرار فی العمل أو فی موضوع معیّن.
ضمناً فإنّ جملة (فإن استکبرو) جملة شرطیة جزاؤها محذوف، والتقدیر هو: فإن استکبروا عن عبادة الله وتوحیده فإنّ ذلک لا یضرّه شیئاً.
4. وسائل الشیعة، ج 4، ص 884، کتاب الصلاة، (باب 46 من أبواب قراءة القرآن، ح 2)، و ج 6، ص 245، ح 7852.

 

سورة فصّلت / الآیة 37 ـ 39  سورة فصّلت / الآیة 40 ـ 42
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma