بحوث

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 12
نزول الملائکة على المؤمنین الصامدینسورة فصّلت / الآیة 33 ـ 36

فی طیّات هذه الآیات المبینة، والتعابیر القرآنیة القصیرة البلیغة ذات المعانی الکبیرة ; ثمّة ملاحظات دقیقة ولطیفة نقف علیها من خلال النقاط التالیة:

هل نزول الملائکة على المؤمنین المستقیمین یتمّ أثناء الموت والانتقال من هذا العالم إلى العالم الآخر، کما یحتمل ذلک بعض المفسّرین، أم أنّ نزولهم یکون فی ثلاثة مواطن; عند (الموت) وعند (دخول القبر) وعند (الإحیاء والبعث والنشور)، أو إنّ هذه البشائر تکون دائمة ومستمرة، وتتمّ بواسطة الإلهام المعنوی، حیث تستقر الحقائق فی أعماق المؤمنین بالرغم من أنّ بشائر الملائکة فی لحظة الموت ولحظة الحشر تکون أجلى وأوضح؟

یبدو أنّ المعنى الأخیر أنسب، وذلک لعدم وجود قید أو شرط فی الآیة.

ویؤیّد ذلک أنّ الملائکة تقول فی البشارة الرّابعة: (نحن أولیاؤکم فی الحیاة الدّنیا وفی الآخرة) وهذا دلیل على أنّ المؤمنین من ذوی الاستقامة یسمعون هذا الکلام من الملائکة فی الدنیا عندما یکونون أحیاء، إلاّ أنّ ذلک لا یکون باللسان واللفظ، بل یسمعون ذلک بأذان قلوبهم، بما یشعرون به من هدوء واستقرار وسکینة وإحساس کبیر بالراحة عند المشاکل والصعاب.

صحیح أنّ بعض الروایات قیّدت نزول الملائکة وحضورهم عند الموت، إلاّ أنّ ثمّة روایات اُخرى أشارت إلى معنىً أوسع یشمل الحیاة أیض(1).

ویمکن أن نستنتج من مجموع الروایات أنّ ذکر خصوص الموت هو بعنوان المصداق لهذا المفهوم الواسع، ومعلوم أنّ التفاسیر الواردة فی الروایات غالباً ما توضّح المصادیق.

إنّ بشائر الملائکة ستشع فی أرواح المؤمنین وأعماق ذوی الاستقامة حتى تهبهم القوّة والقدرة على مواجهة أعاصیر الحیاة ومشقاتها، وتثبّت أقدامهم من السقوط والإنحراف.

قال بعض المفسّرین فی التفریق بین الخوف والحزن، أنّ (الخوف) یختص بالحوادث التی تثیر القلق لدى الإنسان لکنّها تقع فی المستقبل، فیبقى الإنسان قلقاً حذراً إزاءها ومنتظر وقوعها. أمّا (الحزن) فهو ممّا یختص بالحوادث المؤسفة التی وقعت فی الماضی.

وعلى أساس هذا المعنى یأتی خطاب الملائکة: أن لا تقلقوا من الصعوبات التی تنتظرکم، سواء فی هذه الدنیا أو عند الموت أو فی مراحل البعث، ولا تحزنوا على ذنوبکم الماضیة أو الأبناء الذین سیبقون بعدکم.

وتقدیم (الخوف) على (الحزن) قد یکون بسبب أنّ المؤمن أکثر ما یکون قلقاً إزاء حوادث المستقبل، خاصّةً ما یتعلّق منها بالحشر والجزاء والیوم الآخر.

وقال البعض أیضاً: إنّ (الخوف) من العذاب، بینما (الحزن) على ما فات من الثواب، والملائکة تقوم بزرع الأمل عندهم فی الحالتین بواسطة الألطاف الإلهیّة والمواهب والعطایا الربانیة.

قوله تعالى: (کنتم توعدون) هو تعبیر جامع تتداعى فیه کلّ صفات الجنّة فی ذهن المؤمنین ذوی الاستقامة، بمعنى أنّ الجنّة کلّها وبکل ما سمعتم عنها وعن نعیمها مسخّرة لکم، من حورها وقصورها إلى مواهبها الکثیرة وعطایاها المعنویة التی لا یدرکها الإنسان، ولم تخطر ببال أحد: (فلا تعلم نفس ما أخفی لهم من قرّة أعین)(2).

فی البشارة الرّابعة تعرّف الملائکة نفسها بأنّها تلتزم جانب المؤمنین فی الدنیا والآخرة; تقوم بنصرهم وإنزال السکینة علیهم، وهی صورة تقابل الآیات السابقة من هذه السورة المبارکة عندما وصفت أعداء الله من الکفّار من المعاندین والمکذبین، وکیف أنّهم یتأوّهون من عذا ب النّار ویمتلئون غیظاً وغضباً على من أضلّهم فی الحیاة الدنیا، ویریدون الانتقام منهم.

الفرق بین البشارة الخامسة والسادسة، أنّ فی الخامسة یقال لهم: إنّ ما ترغبونه وتریدونه موجود هناک، فإنّ مجرّد رغبتکم فی شی ما یتزامن مع مثوله أمامکم.

ولکن قوله تعالى فی (تشتهی أنفسکم): یستخدم للإشارة إلى الرغبات واللذات المادیة، وإنّ قوله تعالى فی (ما تدّعون): یشیر إلى ما تریدونه من المواهب المعنویة والعطایا والملذات الروحانیة.

وخلاصة الکلام: إنّ کلّ شیء موجود هناک، سواء کان مادیاً أم معنویاً.

6ـ «نزل» تعنی کما أشرنا سابقاً، ما یقدّمه المضیف إلى ضیفه، بینما فسّرها البعض بأوّل ما یقدّم إلى الضیف. والتعبیر فی کلّ الأحوال یکشف عن أنّ جمیع المؤمنین ذوی الاستقامة هم ضیوف الله ونزل رحمته وجنته ومائدته.

إنّ التدقیق فی هذه البشائر ووعود الحق من قبل الباریء جلّ وعلا، والتی تعطى للمؤمنین بواسطة ملائکة الله الکرام، سوف تحرّک فی وجود الإنسان الدوافع نحو الإیمان والاستقامة، تجعل الروح البشریة تتعشق السیر فی هذا الطریق.

وفی ظل هذه الأجواء المضیئة بالطاعة والبشرى، استطاع الإسلام العزیز أن یصنع من عرب الجاهلیة مجموعة نموذجیة لا تتوانى عن الإیثار والتضحیة بالغالی والعزیز فی سبیل منعة الإسلام والمسلمین، وإنتصارهم على کلّ المشاکل والعقبات.

وینبغی أن ننتبه هنا إلى أنّ «الاستقامة» مثلها مثل «العمل الصالح» هی ثمرة لشجرة الإیمان، إذ الإیمان یدعو الإنسان إلى الاستقامة متى ما نفذ إلى عمق الإنسان، وتأسست قواعد وجوده النفسی على التقوى، کما أنّ الاستقامة تقوی فی الانسان ملکة التقوى والسیر فی طریق الحق والإیمان.

وهکذا یکون لهذین العاملین أثران متبادلان متقابلان.

والذی نستفیده، من الآیات القرآنیة الاُخرى، أنّ الإیمان والاستقامة لا یجلبان البرکات المعنویة والروحیة وحسب، وإنّما یرفل الإنسان من خلالهما بالبرکات المادیة التی تسود عالمنا هذا، إذ نقرأ فی الآیة 16 من سورة الجن قول الله تعالى: (وألّو استقاموا على الطّریقة لأسقیناهم ماءً غدق) وستشملهم فیما یشملهم سنوات ملأى بالخیر والعطاء والبرکة.


1. یمکن ملاحظة ذلک فی تفسیر نورالثقلین، ج 4، ص 546 و547، الروایات، 38 و40 و45 و46.
2. السجدة، 17.
نزول الملائکة على المؤمنین الصامدینسورة فصّلت / الآیة 33 ـ 36
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma