الضجیج فی مقابل صوت القرآن!!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 12
سورة فصّلت / الآیة 26 ـ 29سورة فصّلت / الآیة 30 ـ 32

بعد أن تحدّثت الآیات السابقة عن الأقوام الماضین کقوم عاد وثمود، وتحدّثت عن جلساء السوء وقرناء الشر، تتحدّث المجموعة التی بین أیدینا من الآیات البینات عن جانب من جوانب الإنحراف لمشرکی عصر رسول الله(صلى الله علیه وآله) لقد ورد فی بعض الرّوایات أنّ رسول اللّه(علیهم السلام) ما أن یرفع صوته فی مکّة لیتلو القرآن بصوته الجمیل واُسلوبه الخاشع، حتى کان المشرکون یقومون بإبعاد الناس عنه ویقولون: أطلقوا الصفیر وارفعوا أصواتکم بالشعر حتى لا تسمعوا کلامه(1)!

القرآن الکریم یشیر إلى هذا المعنى فی هذه الآیات، حیث یقول: (وقال الّذین کفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فیه لعلّکم تغلبون).

هذا الاُسلوب فی مواجهة تأثیر الحق ونفوذه بالرغم من کونه اُسلوباً قدیماً، إلاّ أنّه یستخدم الیوم بشکل أوسع وأخطر لصرف أفکار الناس وخنق أصوات المنادین بالحق والعدالة، فهؤلاء یقومون بملء المجتمع بالضوضاء حتى لا یسمع صوت الحق. ومع الالتفات إلى أنّ معنى کلمة «والغوا» المشتقة من «لغو» لها معنى واسع یشمل أىّ کلام فارغ، ندرک جیّداً سعة هذا المنهج المتبع.

فتارة یتمّ اللغو بواسطة الضجة والضوضاء والصفیر.

واُخرى بواسطة القصص الکاذبة والخرافیة.

وثالثة بواسطة قصص الحب والعشق المثیرة للشهوات!

وقد یتجاوز مکرهم مرحلة القول فیقومون بتأسیس مراکز خاصة بالفساد وأنواع الأفلام المبتذلة والمطبوعات المنحرفة الرخیصة، والألاعیب السیاسیة الکاذبة والمثیرة، إنّهم یعمدون إلى الإستعانة بأىّ أسلوب یؤدّی إلى حرف أفکار الناس واهتماماتهم عن الحق.

والأنکى من ذلک طرح بعض البحوث والقضایا الفارغة التافهة فی الأوساط العلمیة لتثار حولها ضجة تهیمن على اهتمامات الناس ووعیهم، وتصدّهم عن التفکیر بالقضایا الأساسیة والاُمور المهمّة.

لکن... هل استطاع المشرکون التغلّب على القرآن الکریم بأعمالهم هذه؟! لقد عمّهم الفناء وذهبت أسالیبهم الشریرة ادراج الریاح، وامتد القرآن واتسع فی تأثیره حتى استوعب أرجاء الدنیا.

الآیة الاُخرى تشیر إلى عذاب هؤلاء فتقول: (فلنذیقنّ الّذین کفروا عذاباً شدید)خاصة اُولئک الذین یمنعون الناس من سماع آیات الله.

وهذا العذاب یمکن أن یشملهم فی الدنیا بأن یقتلوا على أیدی أصحاب رسول الله(صلى الله علیه وآله)أو یقعوا فی أسرهم، وقد یکون فی الآخرة، أو یکون العذاب فی الدنیا والآخرة معاً.

قوله تعالى: (ولنجزینّهم أسوأ الّذی کانوا یعملون).

فهل لهؤلاء عمل أسواً من الکفر والشرک وإنکار آیات الله ومنع الناس وصدّهم عن سماع کلام الحق؟

لکن لماذا أشارت الآیة إلى «أسوأ» بالرغم من أنّهم یرون جزاء کلّ أعمالهم؟

قد یکون هذا التعبیر للتأکید على موضوع الجزاء والتهدید بأشدّ العقاب، و کذلک فیه إشارة لمنعهم الناس عن سماع کلام النّبی(صلى الله علیه وآله).

کما أنّ قوله تعالى: (کانوا یعملون) دلیل على أنّه سیتمّ التأکید على الأعمال التی کانوا

یقومون بها دائماً، وبعبارة اُخرى: إنّ ما یعملونه لم یکن أمراً مؤقتاً بل کانت سنّتهم وسیرتهم الدائمة.

وللتأکید على قضیة العذاب، یأتی قوله تعالى: (ذلک جزاء أعداء الله النّار)(2).

وهذه النّار لیست مؤقتة زائلة بل: (لهم فیها دار الخلد) نعم، فذلک: (جزاء بما کانوا بآیاتنا یجحدون)(3).

إنّهم لم ینکروا الآیات الإلهیّة وحسب، بل منعوا الآخرین من سماعها.

«یجحدون» من «جحد» على وزن «عهد» وتعنی فی الأصل کما یرى «الراغب» فی «المفردات»: إلغاء ونفی شیء ثابت فی القلب، أو إثبات شیء منفی فی القلب. أو هو بعبارة اُخرى: إنکار الحقائق مع العلم بها، وهذا من أسوأ أنواع الکفر (راجع نهایة الآیة 14 من سورة النمل).

إنّ الإنسان عندما یصاب ببلاء معیّن، خاصة إذا کان بلاءاً شدیداً، فإنّه یفکّر بمسببه الأصلی کی یعثر علیه وینتقم منه، وأحیاناً یودّ تقطیعه قطعة قطعة إذا استطاع ذلک.

لذلک تشیر الآیة التالیة إلى هذا المعنى الذی سیشمل الکفّار وهم فی الجحیم فیقول: (وقال الّذین کفروا ربّنا أرنا اللّذین أضلاّنا من الجنّ والإنس نجعلهما تحت أقدامنا لیکونا من الأسفلین).

إنّ اُولئک کانوا ینهونا عن سماع قول النّبی وکانوا یقولون: إنّه ساحر مجنون، ثم کانوا یکثرون من اللغو حتى لا نسمع صوته وکلامه، وبدلا عن ذلک کانوا یشغلوننا بأساطیرهم وأکاذیبهم.

أمّا الآن وقد فهمنا أنّ کلامه(صلى الله علیه وآله) هو روح الحیاة الخالدة، وأنّ نغمات صوته حیاة النفوس المیتة، ولکن «ولات ساعة مندم».

لا ریب أنّ المقصود من الجن والإنس ـ فی الآیة ـ هم الشیاطین، والناس الذین یقومون بالغوایة مثل الشیاطین، ولیس هما شخصان معیّنان.

ولا مانع من تثنیة الفعل عندمایکون الفاعل مجموعتان، کما فی قوله تعالى: (فبأی آلاء ربّکما تکذبان).

قال بعض المفسّرین فی تفسیر قوله تعالى: (لیکونا من الأسفلین): المقصود أنّ المضلین من الجن والإنس سیکونون فی أسفل درک من الجحیم، ولکن الأظهر منه أنّ شدّة غضبهم یدفعهم إلى وضع من أغواهم تحت أقدامهم لیرکلونهم ویکونوا فی أدنى مقام فی مقابل ما کان لهم من مقام ومکانة علیا فی الحیاة الدنیا.


1. تفسیر المراغی، ج 24، ص 125، وتفسیر روح المعانی، ج 24، ص 106.
2. «النّار» یمکن أن تکون «عطف بیان» أو «بدل» لـ «جزاء» أو أن تکون (خبراً لمبتدأ محذوف) والتقدیر هو النّار».
3. «جزاء» یمکن أن تکون مفعولا لفعل محذوف تقدیره «یجزون جزاء» أو أن تکون مفعولا لأجله.
سورة فصّلت / الآیة 26 ـ 29سورة فصّلت / الآیة 30 ـ 32
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma