قرناء السوء

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 12
سورة فصّلت / الآیة 24 ـ 25 سورة فصّلت / الآیة 26 ـ 29

فی أعقاب البحث السابق حیث تحدّثت الآیات الکریمة عن مصیر «أعداء الله» جاءت الآیتان أعلاه لتشیران إلى نوعین من العقاب الألیم الذی ینتظر هؤلاء فی الدنیا والأخرة.

یقول تعالى: (فإن یصبروا فالنّار مثوىً لهم)(1) ولا یمکنهم الخلاص منها لأنّها مصیرهم سواء صبروا أم لم یصبروا.

«مثوى» من «ثوى» على وزن «هوى» وتعنی المقرّ ومحل الاستقرار.

والآیة الکریمة هذه تشبه الآیة 16 من سورة «الطور» حیث قوله تعالى: (اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء علیکم).

وکذلک تشبه الآیة 21 من سورة «إبراهیم» حیث قوله تعالى: (سواء علینا أجزعنا أم صبرنا مالنا من محیص).

وللتأکید على هذا الأمر تضیف الآیة: (وإن یستعتبوا فما هم من المعتبین).

«یستعتبون» مأخوذة فی الأصل من (العتاب) وتعنی إظهار الخشونة، ومفهوم ذلک أنّ الشخص المذنب سیستسلم للوم صاحب الحق کی یعفو عنه ویرضى عنه، لذلک فإنّ کلمة (استعتاب) تعنی الإسترضاء وطلب العفو(2).

ثم تشیر الآیة الثانیة إلى العذاب الدنیوی لهؤلاء فتقول: (وقیضنا لهم قرناء فزینوا لهم ما بین أیدیهم وما خلفهم) حیث قام هؤلاء الجلساء بتصویر المساویء لهم حسنات.

«قیضنا» من (قیض) على وزن (فیض) وتعنی فی الأصل قشرة البیضة الخارجیة، ثمّ قیلت لوصف الأشخاص الذین یسیطرون على الإنسان بشکل کامل، کسیطرة القشرة على البیضة.

وهذه إشارة إلى أنّ أصدقاء السوء والرفاق الفاسدین یحیطون بهم من کل مکان، حیث یصادرون أفکارهم، ویهیمنون علیهم بحیث یفقدون معه قابلیة الإدراک والإحساس المستقل، وعندها ستکون الاُمور القبیحة السیئة جمیلة حسنة فی نظرهم، وبذلک ینتهی الإنسان إلى الوقوع فی مستنقع الفساد وتغلق بوجهه أبواب النجاة.

فی بعض الأحیان تستخدم کلمة «قیضنا» لتبدیل شیء مکان شیء آخر، ووفقاً لهذا المعنى سیکون مقصود الآیة، هو أنّنا سنأخذ منهم الأصدقاء الصالحین ونسلب منهم رفاق الخیر، لنبدلهم بأصدقاء السوء والقرناء الفاسدین.

لقد ورد هذا المعنى بشکل أوضح فی الآیتین 36 ـ 37 من سورة «الزخرف» فی قوله تعالى: (ومن یعش عن ذکر الرّحمن نقیّض له شیطاناً فهو له قرین * وإنّهم لیصدّونهم عن السّبیل ویحسبون أنّهم مهتدون).

إنّ التدبّر فی حالات المجتمعات الفاسدة والفئات المنحرفة الضالة ینتهی بنا ـ بسهولة ـ إلى اکتشاف آثار أقدام الشیاطین فی حیاتهم، إذ یحاصرهم رفاق السوء وقرناء الشر من کلّ جانب وصوب، ویسیطرون على أفکارهم ویقلبون لهم الحقائق.

قوله تعالى: (مابین أیدیهم وما خلفهم) لعله إشارة لإحاطة الشیاطین من کل جانب وتزیین الاُمور لهم.

وقیل أیضاً فی تفسیرها أنّ (ما بین أیدیهم) إشارة إلى لذّات الدنیا وزخارفها، (وما خلفهم) هو إنکار القیامة والبعث.

وقد یکون (مابین أیدیهم) إشارة إلى وضعهم الدنیوی (وما خلفهم) إلى المستقبل الذی سینتظرهم وأبناءهم، إذ عادة ما یرتکب هذه الجرائم تحت شعار تأمین المستقبل.

وبسبب هذا الوضع تضیف الآیة بأنّ الامر الالهی صدر بعذابهم وأنّ مصیرهم هو مصیر الاُمم السالفة: (وحقّ علیهم القول فی اُمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس)(3).

ثم تنتهی الآیة بقوله تعالى: (إنّهم کانوا خاسرین).

إنّ هذه الآیات تعتبر ـ فی الواقع ـ الصورة المقابلة والوجه الآخر، وسوف تتحدّث الآیات القادمة عن المؤمنین الصالحین المنصورین فی الدنیا والآخرة بالملائکة التی تبشّرهم بکل خیر، وتکشف عنهم الغم والحزن.


1. یکون التقدیر هکذا: «فإن یصبروا أو لا یصبروا فالنار مثوىً لهم».
2. یلاحظ «مفردات الراغب» و«لسان العرب» فی مادة «عتب».
3. «فی اُمم» متعلّقة بفعل محذوف، وفی التقدیر تکون الجملة: «کائنین فی اُمم قد خلت». ومن المحتمل أن تکون «فی» هنا بمعنى «معَ».
سورة فصّلت / الآیة 24 ـ 25 سورة فصّلت / الآیة 26 ـ 29
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma