المراحل السبع لخلق الإنسان

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 12
سورة غافر (المؤمن) / الآیة 67 ـ 68 سورة غافر (المؤمن) / الآیة 69 ـ 76

تتمیماً لما تحدّثت به الآیات السابقة عن قضیة التوحید، تستمر الآیات التی بین أیدینا فی إثارة نفس الموضوع من خلال الحدیث عن «الآیات الأنفسیة» والمراحل التی تطوی خلق الإنسان وتطوّره، من البدء إلى النهایة.

الآیة الکریمة تتحدّث عن سبع مراحل تکشف عن عظمة الخالق جلّ وعلا وجزیل مواهبه ونعمه على العباد.

یقول تعالى: (هو الّذی خلقکم من تراب ثمّ من نطفة ثمّ من علقة ثمّ یخرجکم طفلا ثمّ لتبلغوا أشدّکم ثمّ لتکونوا شیوخاً ومنکم من یتوفّى من قبل ولتبلغوا أجلا مسمّى ولعلّکم تعقلون).

یتّضح من سیاق الآیة الکریمة أنّ المرحلة الاُولى أو بدایة الإنسان فی مسیرة الخلق والوجود تکون من التراب، حیث خلق الله أبانا الأوّل آدم(علیه السلام) من تراب،أو أنّ جمیع البشر خلقوا من التراب، ذلک أنّ المواد الغذائیة التی تشکّل قوام الإنسان ووجوده، بما فی ذلک النطفة ـ سواء کانت حیوانیة أم نباتیة ـ کلّها تستمد أساسها واُصولها من التراب.

المرحلة الثانیة، هی مرحلة النطفة التی تشمل جمیع البشر کأصل ثان فی وجودهم عدا آدم وزوجته حوّاء.

المرحلة الثّالثة التی تتکامل فیها النطفة وتنمو بشکل مستمر وتتحوّل إلى قطعة دم فتسمى بمرحلة «العلقة».

بعد ذلک تتحوّل «العلقة» إلى «مضغة» أشبه ما تکون باللحم «الممضوغ» وهی مرحلة ظهور الأعضاء، ثمّ مرحلة الحس والحرکة، والآیة لا تشیر هنا إلى هذه المراحل الثلاث، لکن الآیات الاُخرى أشارت إلى ذلک بشکل واضح.

المرحلة الرّابعة تتمثل فی ولادة الجنین، بینما تتمثل المرحلة الخامسة فی تکامل القوّة الجسمیة التی قیل إنّها تتم فی سن الثلاثین، حیث سیحرز الجسم الإنسانی أکبر قدر ممکن من نموه وتکامل قواه.

وقال البعض: إنّ الإنسان یصل هذه المرحلة قبل هذا السن، ومن الممکن أن تختلف هذه المرحلة عند الأشخاص إلى أن یحرز الإنسان فیها مرحلة «بلوغ الأشد» حسب التعبیر القرآنی.

بعد ذلک تبدأ مرحلة الرجوع القهقری إلى الوراء، فیفقد الإنسان قواه تدریجیاً، فیصل إلى الشیب الذی یعتبر المحطة السادسة من محطات حیاة الإنسان.

أخیراً، تنتهی حیاة کلّ إنسان فی الأرض بالموت والإنتقال إلى العالم الآخر.

بعد کلّ هذه التغیّرات والتطوّرات، هل ثمّة من شک فی قدرة وعظمة مبدىء عالم الوجود، وألطاف الله ومواهبه على الخلق؟!

الطریف أنّ الآیة تستخدم فی الإشارة إلى المراحل الأربع الأولى تعبیر «خلقکم» حیث لایکون للإنسان أىّ دور فیها، حیث یتطور من التراب إلى النطفة ثمّ إلى العلقة فطفلا صغیراً من دون أن یکون له أىّ دور فی هذه التحولات، لکن فی المراحل الثلاث التی تلی الولادة، أی مرحلة الوصول إلى أقصى القوّة الجسمیة ثمّ مرحلة الشیب وانتهاء العمر، استخدمت الآیة تعبیر «لتبلغوا» و«لتکونوا» وفیها إشارة إلى کیان الإنسان الحرّ، وفیها أیضاً ما یشیر إلى الحقیقة التی تقول: إنّ نمو الإنسان ووجوده عبَر هذه المراحل الثلاث، وتقدّمه باطّراد أو تأخّره، یرتبط بشکل أو بآخر بحسن تدبیر الإنسان أو سوء تدبیره، حیث یبلغ من الشیخوخة أو یموت مبکراً، وهذا یدل على مدى الدقّة فی استخدام التعابیر القرآنیة الآنفة الذکر.

وسبق أن أشرنا إلى أنّ التعبیر بـ «یتوفى» الذی یتضمّن معنى الموت، لا یعنی الفناء التام

وفق المنطق القرآنی، بل إنّ ملک الموت یمسک الروح ویقبضها بإذنه تعالى وبحسب الأجل الإلهی المحتوم، فتنقل الأرواح إلى عالم آخر ألا وهو عالم «البرزخ».

إنّ تکرار مفاد هذا التعبیر فی القرآن الکریم، یبیّن بوضوح نظرة الإسلام تجاه الموت، هذا المفهوم الذی یخرج عن نطاق الفهم المادی الضیّق الذی یقرن الموت بالفناء والعدم، بینما الموت لا یعبِّر إلاّ عن انتقال الروح من هذا العالم إلى عالم آخر هو عالم البقاء.

وقوله تعالى: (ومنکم من یتوفّى من قبل) قد یکون إشارة إلى حصول الموت قبل مرحلة الشیخوخة، أو قد یعنی الإشارة إلى المراحل السابقة بأجمعها; بمعنى أنّ الموت قد یصیب الإنسان قبل أن یبلغ إلى مرحلة من المراحل السابقة.

ومن الضروری أن نشیر هنا إلى أنّ جمیع المراحل، عدا المرحلة الأخیرة (أی بلوغ نهایة العمر وحلول الوفاة) قد عطفت بـ «ثم» وهی إشارة إلى السیاق التسلسلی الترتیبی لوجودها فی حیاة الإنسان، فمرحلة «المضغة» لا تسبق ـ مثلاـ مرحلة «النطفة» وهکذا. وفی هذا النوع من العطف إشارة أیضاً إلى وجود الفاصلة بین مرحلة واُخرى.

أمّا عطف المرحلة الأخیرة بـ (الواو) فقد یکون السبب فیه أنّ نهایة العمر لا تکون بالضرورة بعد انتهاء مرحلة الشیخوخة، إذ کثیراً ما یموت الإنسان قبل بلوغه إلى مرحلة الشیوخة (هناک بحث عن «الأجل المسمّى» ذیل الآیة 2 من سورة الأنعام والآیة 34 من سورة الأعراف والآیة 61 من سورة النحل).

الآیة الأخیرة فی هذا البحث تتحدّث عن أهم مظهر من مظاهر قدرة الله تبارک وتعالى متمثلة بقضیة الحیاة والموت، هاتان الظاهرتان اللتان لا تزالان ـ بالرغم من تقدّم العلم وتطوّره ـ فی نطاق الاُمور الغامضة والمجهولة فی معرفة الإنسان وعلمه.

قوله تعالى: (هوالّذی یحیی ویمیت).

إنّ الحیاة والموت ـ بالمعنى الواسع للکلمة ـ بید الله، سواء تعلّق ذلک بالإنسان أو النبات أو أنواع الحیوان والموجودات الاُخرى التی تتجلى فیها الحیاة بأشکال متنوعة.

إنّ نماذج الحیاة تعتبر أکثر النماذج تنوّعاً فی عالم الوجود وکل الکائنات تنتهی بأجل معیّن إلى الموت، سواء فی ذلک الکائن ذو الخلیّة الواحدة أو الحیوانات الکبیرة، أو التی تعیش فی الأعماق المظلمة للمحیطات والبحار، أو الطیور التی تعانق السماء، ومن الأحیاء احادیة الخلیّة السابحة فی امواج المحیطات إلى الأشجار التی یبلغ طولها عشرات الأمتار،

فإنّ لکل واحد منها حیاة خاصّة وشرائط معیّنة، وبهذه النسبة تتفاوت عملیة موتها، وبدون شک فإنّ أشکال الحیاة هی أکثر أشکال الخلقة تنوّعاً وأعجبها.

إنّ الإنتقال من عالم إلى آخر; من الوجود المادی إلى الحیاة، ومن الحیاة فی هذه الدّنیا إلى ما بعد الموت یستبطن أسراراً وعجائب بلیغة تحکی عظمة الخالق ومدى قدرته فی عالم الخلیقة العجیب والمتنوع وکل واحدة من هذه القضایا المعقّدة والمتنوعة لا تعتبر مشکلة وعسیرة بالنسبة إلى قدرة الخالق جلّ وعلا، حیث تتحقق بمجرّد إرادته.

لذلک تقول الآیة فی نهایتها بیاناً لهذه الحقیقة: (فإذا قضى أمراً فإنّما یقول له کن فیکون).

إنّ کلمة «کن» وبعدها «فیکون» هی من باب عدم قدرة الألفاظ على استیعاب حقیقة الإرادة والقدرة الإلهیّة، وإلاّ فلیس ثمّة من حاجة إلى هذه الجملة، لأنّ إرادة الله هی نفسها حدوث الکائنات ووجوده(1) بدون فصل.


1. راجع تفسیر قوله تعالى: (کن فیکون) فی أثناء الحدیث عن الآیة 117 من سورة البقرة.
سورة غافر (المؤمن) / الآیة 67 ـ 68 سورة غافر (المؤمن) / الآیة 69 ـ 76
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma