موانع استجابة الدعاء

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 12
أهمّیة الدعاء وشروط الإستجابةسورة غافر (المؤمن) / الآیة 64 ـ 66

لقد ذکرت بعض الروایات ذنوباً متعدّدة إذا ارتکبها الإنسان تحول بینه وبین إجابة دعائه، مثل سوء النیة، النفاق، تأخیر الصلاة عن وقتها، اللسان البذیء الذی یخشاه الناس، الطعام الحرام، وترک الصدقة والإنفاق فی سبیل الله تعالى(1).

وفی إطار هذه النقطة بالذات ثمّة حدیث جامع عن الإمام الصادق(علیه السلام) ینقله «الشیخ الطبرسی» فی «الإحتجاج» أنّه سئل: ألیس یقول الله: (ادعونی أستجب لکم) وقد نرى المضطر یدعوه ولا یجاب له، والمظلوم یستنصره على عدوه فلا ینصره؟ قال: «ویحک! ما یدعوه أحد إلاّ استجاب له، أمّا الظالم فدعاؤه مردود إلى أن یتوب، وأمّا المحق فإذا دعا استجاب له وصرف عنه البلایا من حیث لا یعلمه، أو ادخر له ثواباً جزیلا لیوم حاجته إلیه، وإن لم یکن الأمر الذی سأل العبد خیر له إن أعطاه، أمسک عنه»(2).

نعود الآن إلى الآیة الکریمة... فبما أنّ الدعاء وطلب الحوائج من الله تعالى یعتبر فرعاً لمعرفته، لذا تتحدّث الآیة التی تلیها عن حقائق تؤدّی إلى ارتقاء مستوى المعرفة لدى الإنسان، وتزید شرطاً جدیداً لإجابة الدعاء، متمثلا بالأمل فی الإجابة، بل وانتظار تنجز الحاجة وتمامها.

یقول تعالى: (الله الّذی جعل لکم اللیل لتسکنوا فیه).

إنّ ظلمة اللیل وهدوءه وسکونه یعتبر ـ من جانب ـ سبباً قهریاً لتعطیل الحرکة الیومیة لعمل الإنسان السوی ونشاطه، ومن ناحیة اُخرى تمحو عن الإنسان تعب النهار، وتدفعه إلى الإستقرار والرأفة لجسده وأعصابه، فی حین یعتبر النور والنهار أساس الحیاة والحرکة.

لذلک یضیف تعالى قوله تعالى: (والنّهار مبصر).

فی النهار المبصر یُضاء محیط الحیاة وتدب الحرکة والنشاط فی روح الإنسان وکیانه .

والطریف أنّ «مبصراً» تعنی الذی یبصر، وعندما یوصف النهار بهذا الوصف، فإنّه فی الحقیقة نوع من التأکید فی جعل الناس مبصرین. وقد بحثنا فیما سبق بالتفصیل عن فلسفة النور والظلام واللیل والنهار).(3)

ثم تضیف الآیة: (إنّ الله لذو فضل على النّاس ولکنّ أکثر النّاس لایشکرون).

إنّ النظام الدقیق کتناوب اللیل والنهار والظلمة والنور، یعتبر واحداً من مواهب الله تبارک وتعالى وعطایاه لعباده، وسرّ من أسرار الحرکة فی الحیاة وفی منظومة الوجود الکونی.

فبدون النور لیس ثمّة حیاة أو حرکة، ومن دون أن یتناوب اللیل والنهار ـ أو الظلام والنور ـ سیؤدّی إلى تعطیل حرکة الحیاة، بل وجعلها مستحیلة. فشدّة النور ـ مثلا ـ ستشل الموجودات وتعطّل نمو النبات، وکذلک الظلمة الدائمیة لها أضرارها. ولکن الناس ـ وبدواعی العادة والاُلفة ـ لم یلتفتوا إلى هذه المواهب الإلهیّة وما تستبطنه من منافع لهم.

والملفت للنظر أنّ القاعدة تقتضی أن یکون هناک «ضمیر» بدل «الناس» الثانیة، فیکون القول: لکن أکثرهم لا یشکرون، إلاّ أنّ ذکر «الناس» بدلا عن الضمیر کأنّه یشیر إلى أنّ طبع الإنسان الجاهل هو کفران النعم وترک الشکر، کما نقرأ ذلک واضحاً فی الآیة 34 من سورة إبراهیم، فی قوله تعالى: (إنّ الإنسان لظلوم کفّار). (یلاحظ هذا المعنى فی تفسیر المیزان وروح المعانی).

أمّا إذا ملک الإنسان عیناً بصیرة وقلباً عارفاً بحیث یرى النعم الإلهیّة اللامتناهیة فی کلّ مکان یحل به، وینظر إلى فیض النعم والعطایا والمواهب الربانیة، فسیضطر طبیعیاً إلى الخضوع والعبودیة والشکر، ویرى نفسه صغیراً مدیناً إلى خالق هذه العظمة وواهب هذه العطایا. (عن معنى الشکر وأقسامه یمکن مراجعة البحث الخامس فی تفسیر الآیة 7 من سورة إبراهیم).

الآیة التی تلیها تبدأ من توحید الرّبوبیة وتنتهی بتوحید الخالقیة والرّبوبیة. فتقول أوّلا: (ذلکم الله ربّکم) ومربیکم الذی من صفاته أنّه: (خالق کلّ شیء).

ولا معبود إلاّ الله: (لا إله إلا هو).

فی الواقع إنّ وجود کلّ هذه النعم دلیل على الربوبیة والتدبیر، وخالق کلّ شیء عنوان لصفة التوحید فی الربوبیة، لأنّ الخالق هو المالک والمربی. ومن المعلوم أنّ الخلق یستدعی الرعایة الدائمة لأنّ الخالقیة لا تعنی أنّ الله یخلق الخلق ویترکها وشأنها، بل لابدّ وأن یکون الفیض الإلهی مستمراً فی کلّ لحظة على جمیع الموجودات. ولذلک فهذه الخالقیة لا تنفصل عن الرّبوبیة.

ومن الطبیعی أنّ هذا الإله هو الوحید الذی یستحق العبادة، وأن ترجع إلیه الأشیاء.

لذا فإنّ جملة (خالق کلّ شیء) تعتبر الدلیل ل(ذلکم الله ربّکم) وإنّ (لا إله إلا هو)هی النتیجة لذلک.

وتتساءل الآیة فی نهایتها: کیف یسوّغ الإنسان لنفسه الإنحراف والتنکّب عن الجادة المستقیمة؟ فیقول تعالى: (فأنّى تؤفکون)(4).

ولماذا تترکون عبادة الله الواحد الأحد إلى عبادة الأصنام؟

والملاحظ أنّ «تؤفکون» صیغة مجهول، بمعنى أنّها تحرفکم عن طریق الحق، وکأنّ المراد هو أنّ المشرکین فاقدون للإرادة إلى درجة أنّهم یساقون فی هذا المسیر دون أیّ نسبة من الحریة والإرادة والإختیار فی هذا المجال!

الآیة الأخیرة ـ من مجموعة الآیات التی نبحثها ـ تأتی وکأنّها تأکید لمواضیع الآیات السابقة، فیقول تعالى: (کذلک یؤفک الّذین کانوا بآیات الله یجحدون).

«یجحدون» مشتقّة من مادة «جحد» وهی فی الأصل تعنی إنکار الشیء الموجود فی القلب والنفس. بمعنى أنّ الإنسان یقر فی نفسه وقلبه بعقیدة أو بشیء ما، وفی نفس الوقت ینفیه ویتظاهر بعکسه أو یعتقد بعدمه فی نفسه ویثبته فی لسانه.

ویطلق وصف الجحود على البخلاء والذین لا یؤمّل منهم الخیر ویتظاهرون بالفقر دائماً. أمّا «الأرض الجحدة» فهی التی لا ینبت فیها النبات إلاّ قلیل(5).

بعض علماء اللغة أوجز فی تفسیر «جحد» و«جحود» بقولهم: الجحود الإنکار مع العلم(6).

وبناءً على ما تقدّم فإنّ الجحود یتضمّن فی داخله نوعاً من معانی العناد فی مقابل الحق، ومن الطبیعی أنّ من یتعامل مع الحقائق بهذا المنظور لا یمکن أن یستمر فی طریق الحق، فما لم یکن الإنسان باحثاً عن الحقیقة وطالباً لها ومذعناً أمام منطقها فسوف لن یصل إلیها مطلقاً.

لذا فإنّ الوصول إلى الحق یحتاج مسبقاً إلى الإستعداد والبناء الذاتی، أی التقوى قبل الإیمان، وهو الذی أشار إلیه تعالى فی مطلع سورة البقرة: (ذلک الکتاب لا ریب فیه هدىً للمتّقین).


1. معانی الأخبار، طبقاً لما أورده، تفسیر نورالثقلین، ج 4، ص 534، وأصول الکافی.
2. تفسیر الصافی، ذیل الآیة مورد البحث.
3. یونس، 87، والنمل، 86، والقصص، 71.
4. «تؤفکون» من «إفک» وتعنی الإنحراف والرجوع عن طریق الحق وجادة الصواب. ولهذا السبب یقال للریاح المضادة«المؤتفکات». ویعبّر عن «الکذب» بـ «الإفک» بسبب مافیه من انحراف عن بیان الحق.
5. الراغب فی المفردات مادة جحد.
6. لسان العرب نقلا عن الجوهری.
أهمّیة الدعاء وشروط الإستجابةسورة غافر (المؤمن) / الآیة 64 ـ 66
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma