«البرزخ» ـ کما یدل علیه اسمه ـ هو عالم یتوسّط بین عالمنا هذا والعالم الآخر. وفی القرآن الکریم یکثر الحدیث عن العالم الآخر، ولکنّه قلیل عن عالم البرزخ. ولهذا السبب هناک هالة من الغموض والإبهام تحیط بالبرزخ، وبالتالی لانعرف الکثیر من خصائصه وجزئیاته، ولکن عدم معرفة التفاصیل الجزئیة لا تؤثّر على أصل الاعتقاد بالبرزخ الذی صرّح القرآن بأصل وجوده.
إنّ الآیات أعلاه تعتبر من الآیات التی عبّرت بصراحة عن وجود هذا العالم، حینما قالت: إنّ آل فرعون یعرضون صباحاً ومساءً على النّار قبل القیامة، وذلک کنوع من العقاب البرزخی لهم.
من جانب آخر، فإنّ الآیات التی تتحدّث عن حیاة الشهداء الخالدة بعد الموت، والثواب العظیم الذی ینالهم، تدل هی الاُخرى على وجود (البرزخ).
وفی حدیث عن رسول(صلى الله علیه وآله) قال: «إنّ أحدکم إذا مات عرض علیه مقعده بالغداة والعشی، إن کان من أهل الجنّة فمن الجنّة، وإن کان من أهل النّار فمن النّار، یقال: هذا مقعدک حیث یبعثک الله یوم القیامة»(1).
أمّا الإمام جعفر بن محمّد الصادق(علیه السلام) فیقول عن البرزخ: «ذلک فی الدنیا قبل یوم القیامة لأنّ فی نار القیامة لا یکون غدو وعشی» ثمّ قال: «إن کانوا یعذبون فی النّار غدواً وعشیاً ففیما بین ذلک هم من السعداء، لا ولکن هذا فی البرزخ قبل یوم القیامة، ألم تسمع قوله عزّوجلّ: ویوم تقوم الساعة ادخلوا آل فرعون أشد العذاب»(2).
الإمام(علیه السلام) لم یقل بعدم وجود الصباح والمساء فی القیامة، بل یقول: إنّ نار جهنّم أبدیة خالدة لا تعرف الصباح والمساء، أمّا العقاب الذی له مواقیت فی الصباح والمساء فهو عالم البرزخ، ثمّ یدلل(علیه السلام) على الجملة التی بعدها والتی تتحدّث عن القیامة; على أنّها قرینة بإختصاص الجملة السابقة بالبرزخ.
لقد تعرّضنا إلى عالم البرزخ مفصّلا أثناء الحدیث عن الآیة 100 من سورة «المؤمنون».