عجز المتکبرین عن الادراک الصحیح!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 12
سورة غافر (المؤمن) / الآیة 34 ـ 35 سورة غافر (المؤمن) / الآیة 36 ـ 37

هذا المقطع من الآیات الکریمة یستمر فی عرض کلام مؤمن آل فرعون، ومن خلال نظرة فاحصة فی سیاق الآیات، یظهر أنّ مؤمن آل فرعون طرح کلامه فی خمسة مقاطع، کلّ منها اکتسى بلون من المخاطبة، وشکل من الدلیل، الذی یستهدف النفوذ إلى قلب فرعون والمحیطین به، بغیة محو الصدأ وآثار الکفر السوداء منها، کی تذعن لله ورسالاته وأنبیائه، وتترک التکبّر والطغیان.

المقطع الأوّل: راعى فیه مؤمن آل فرعون الإحتیاط، ودعا القوم إلى الحذر من الأضرار المحتملة من جهتین: (قال لهم: لو کان موسى کاذباً فسینال جزاء کذبه، أمّا لو کان صادقاً فیشملنا العذاب، إذاً علیکم أن لا تترکوا العمل بالإحتیاط).

المقطع الثّانی: وفیه وجّه مؤمن آل فرعون الدعوة إلى التأمّل بما حلّ بالأقوام السابقة وما نال الاُمم الداثرة من المصیر والجزاء، کی یأخذوا العبرة من ذلک المصیر!

المقطع الثّالث: کامن فی الآیات القرآنیة التی بین أیدینا، إذ تذکّرهم الآیات ـ من خلال خطاب مؤمن آل فرعون ـ بجزء من تأریخهم، هذا التاریخ الذی  لا یبعد کثیراً عنهم،

ولم تُمحَ بعد أواصر الإرتباط الذهنی والتاریخی فیما بینهم وبینه ; وهذا الجزء یتمثّل فی نبوة یوسف(علیه السلام)، الذی یعتبر أحد أجداد موسى، حیث یبدأ قصة التذکیر معهم بقوله تعالى: (ولقد جاءکم یوسف من قبل بالبیّنات)(1) وبالدلائل الواضحة لهدایتکم ولکنّکم: (فمازلتم فی شکّ ممّا جاءکم به).

وشککم هنا لیس بسبب صعوبة دعوته أو عدم اشتمالها على الأدلة والعلائم الکافیة، بل بسبب غرورکم حیث أظهرتم الشک والتردد فیها.

ولأجل أن تتنصلوا من المسؤولیة، وتعطوا لأنفسکم الذرائع والمبررات، قلتم: (حتّى إذا هلک قلتم لن یبعث الله من بعده رسول).

بناء على ذلک کلّه لم تشملکم الهدایة الإلهیّة بسبب أعمالکم ومواقفکم: (کذلک یضل الله من هو مسرف مرتاب).

لقد سلکتم سبیل الإسراف والتعدّی على حدود الله تعالى کما قمتم بالتشکیک فی کلّ شیء، حتى غدا ذلک کلّه سبباً لحرمانکم من اللطف الإلهی فی الهدایة، فسدرتم فی وادی الضلال والغی، کی تنتظرکم عاقبة هذا الطریق الغاوی.

والیوم ـ والسیاق ما زال یحکی خطاب مؤمن آل فرعون لهم ـ اتبعتم نفس الاُسلوب حیال دعوة موسى(علیه السلام)، إذ ترکتم البحث فی أدلة نبوّته وعلائم بعثته ورسالته، فابتعدت عنکم أنوار الهدایة، وظلّت قلوبکم سوداء محجوبة عن إشعاعاتها الهادیة الوضّاءة.

الآیة الکریمة التی تلیها تعرّف «المسرف المرتاب» بقول الله تبارک وتعالى: (الّذین یجادلون فی آیات الله بغیر سلطان أتاهم)(2).

هؤلاء یرفضون آیات الله البینات من دون أىّ دلیل واضح من عقل أو نقل، بل یستجیبون فی ذلک إلى أهوائهم المغرضة ووساوسهم المضلّة الواهیة، کی یستمروا فی رفع رایة الجدل والمعارضة.

وللکشف عن قبح هذه المواقف عند الله وعند الذین آمنوا، تقول الآیة: (کبر مقتاً عند الله وعند الّذین آمنو)(3).

ذلک لأنّ الجدال بالباطل (الجدال السلبی) واتخاذ المواقف ضدّ الوقائع والآیات القائمة على أساس الدلیل المنطقی، یعتبر أساساً لضلال المجادلین وتنکّبهم عن جادة الهدایة والصواب، وکذلک فی اغواء الآخرین، حیث تنطفیء أنوار الهدایة فی تلک الأوساط، وتتقوى اُسس ودعائم حاکمیة الباطل.

فی النهایة، وبسبب عدم تسلیم هؤلاء أمام الحق، تقرّر الآیة قوله تعالى:(کذلک یطبع الله على کلّ قلب متکبّر جبّار)(4).

أجل، إنّ العناد فی مقابل الحق یشکّل ستاراً مظلماً حول فکر الإنسان، ویسلب منه قابلیته على التشخیص الهادی الصحیح، بحیث ینتهی الأمر إلى أن یتحوّل القلب إلى مثل الإناء المغلق، الذی لا یمکن افراغه من محتواه الفاسد، ولا ادخال المحتوى الهادی الصحیح.

إنّ الأشخاص الذین یقفون فی وجه الحق وأهله بسبب اتصافهم بصفتی التکبر والتجبر، فإنّ الله تعالى سوف یسلب منهم روح طلب الحقیقة إلى درجة أنّ الحق سیکون مرّاً فی مذاقهم، والباطل حلواً.

وفی کلّ الأحوال، لقد قام مؤمن آل فرعون بعمله من خلال الوسائل التی وقفنا علیها آنفاً، فانتهى ـ کما سیظهر فی الآیة اللاحقة ـ إلى إجهاض مخطط فرعون فی قتل موسى(علیه السلام)، أو على الأقل وفّر الوقت الکافی فی تأخیر تنفیذ هذا المخطط إلى أن استطاع موسى(علیه السلام) أن یفلت من الخطر.

لقد کانت هذه مهمّة عظیمة أنجزها هذا الرجل المؤمن الشجاع، الذی انصبّ جهده فی هذه المرحلة الخطیرة من الدعوة الموسویة على إنقاذ حیاة کلیم الله(علیه السلام). وکما سیتضح لاحقاً من احتمال أنّ هذا الرجل ضحّى بحیاته أیضاً فی هذا السبیل.


1. تعتبر هذه الآیة هی الوحیدة فی القرآن الکریم التی تشیر صراحة إلى نبوة یوسف(علیه السلام)، وإن کنّا لا نعدم إشارات متفرقة لهذه النبوّة فی سیاق آیات قرآنیة اُخرى.
2. «الذین» هنا بدل عن «مسرف مرتاب» إلاّ أنّ المبدل عنه مفرد، فی حین أنّ البدل جاء على صیغة الجمع! السبب فی ذلک أنّ الخطاب لا یستهدف شخصاً معیّناً وإنّما یشتمل على النوع.
3. فاعل «کبر» هو (الجدال) حیث نستفید ذلک من الجملة السابقة، أمّا «مقتاً» فهی تمییز، فیما یرى بعض المفسّرین أنّ الفاعل هو «مسرف مرتاب» إلاّ أنّ الرأی الأوّل أفضل.
4. (متکبر جبار) وصف للقلب، ولیست وصفاً لشخص، بالرغم من أنّها مضافة. اشارة إلى أنّ أساس التکبر والتجبر إنّما ینبع من القلب، ولأنّ القلب یسیطر على کلّ أعضاء ووجود الإنسان، فإنّ کلّ الوجود الإنسانی سیکتسی هذا الطابع الفاسد البذیء.
سورة غافر (المؤمن) / الآیة 34 ـ 35 سورة غافر (المؤمن) / الآیة 36 ـ 37
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma