أتقتلون رجلا أن یقول ربّی الله!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 12
سورة غافر (المؤمن) / الآیة 28 ـ 29 أوّلا: من هو مؤمن آل فرعون؟

مع هذه الآیات تبدأ مرحلة جدیدة من تاریخ موسى(علیه السلام) وفرعون، لم تطرح فی أىّ مکان آخر من القرآن الکریم. المرحلة التی نقصدها هنا تتمثل بقصة «مؤمن آل فرعون» الذی کان من المقرّبین إلى فرعون، ولکنّه اعتنق دعوة موسى التوحیدیة من دون أن یفصح عن إیمانه الجدید هذا، وإنّماتکتم علیه واعتبر نفسه ـ من موقعه فی بلاط فرعون ـ مکلفاً بحمایة موسى(علیه السلام) من أىّ خطر یمکن أن یتهدد من فرعون أو من جلاوزته.

فعندما شاهد أنّ حیاة موسى فی خطر بسبب غضب فرعون، بادر باُسلوبه المؤثّر للقضاء على هذا المخطط.

یقول تعالى: (وقال رجل مؤمن من آل فرعون یکتم إیمانه أتقتلون رجلا أن یقول ربّی الله).

أتقتلوه فی حین أنّه: (وقد جاءکم بالبیّنات من ربّکم).

هل فیکم من یستطیع أن ینکر معاجزه، مثل معجزة العصا والید البیضاء؟ ألم تشاهدوا

بأعینکم إنتصاره على السحرة، بحیث إنّ جمیعهم استسلموا له وأذعنوا لعقیدته عن قناعة تامة، ولم یرضخوا لا لتهدیدات فرعون ووعیده، ولا لإغراءاته واُمنیاته، بل استرخصوا الأرواح فی سبیل الحق; فی سبیل دعوة موسى، وإله موسى... هل یمکن أن نسمّی مثل هذا الشخص بالساحر؟

فکّروا جیّداً، لا تقوموا بعمل عجول، تحسّبوا لعواقب الاُمور وإلاّ فالندم حلیفکم.

ثم إنّ للقضیة بعد ذلک جانبین: (وإن یک کاذباً فعلیه کذبه وإن یک صادقاً یصبکم بعض الّذی یعدکم).

إنّ حبل الکذب قصیر ـ کما یقولون ـ وسینفضح أمره فی النهایة إذا کان کاذباً، وینال جزاء الکاذبین، وإذا کان صادقاً ومأموراً من قبل السماء فإنّ توعّده لکم بالعذاب حاصل شئتم أم أبیتم، لذا فإنّ قتله فی کلا الحالین أمر بعید عن المنطق والصواب.

ثم تضیف الآیات: (إنّ الله لا یهدی من هو مسرفٌ کذّاب).

فإذا کان موسى سائراً فی طریق الکذب والتجاوز فسوف لن تشمله الهدایة الإلهیّة، وإذا کنتم أنتم کذلک فستحرمون من هدایته.

ولنا أن نلاحظ أنّ العبارة الأخیرة برغم أنّها تحمل معنیین إلاّ أنّ «مؤمن آل فرعون» یهدف من خلالها إلى توضیح حال الفراعنة.

والتعبیر الذی یلیه یفید أنّ فرعون، أو بعض الملأ ـ على الأقل ـ کانوا یؤمنون بالله، وإلاّ فإنّ تعبیر «مؤمن آل فرعون» سیکون دلیلا على إیمانه بإله موسى(علیه السلام) وتعاونه مع بنی إسرائیل، وهذا ما لا یتطابق مع دوره فی تکتمه على إیمانه، ولا یتناسب أیضاً مع اُسلوب «التقیة» التی کان یعمل بها.

و بالنسبة للتعبیر الآنف الذکر (و إن یک کاذباً...) فقد طرح المفسّرون سؤالین:

الأوّل: إذا کان موسى(علیه السلام) کاذباً، فإنّ عاقبة کذبه سوف لن تقتصر علیه حسب، وإنّما سوف تنعکس العواقب السیئة على المجتمع برمّته، فکیف تقول الآیة: «وإن یک کاذباً فعلیه کذبه»؟

الثّانی: أمّا لو کان صادقاً، فستتحقق کلّ تهدیداته ووعیده لا بعض منها، فکیف یقول مؤمن آل فرعون: «یصبکم بعض الذی یعدکم»؟

بالنسبة للسؤال الأوّل، نقول: إنّ المراد هو معاقبة جریمة الکذب التی تشمل شخص

الکذّاب فقط ویکفینا العذاب الالهی لدفع شرّه، وإلاّ فکیف یمکن لشخص أن یکذب على الله، ویترکه سبحانه لشأنه کی یکون سبباً لإضلال الناس وإغوائهم؟

وبالنسبة للسؤال الثّانی، من الطبیعی أن یکون قصد موسى(علیه السلام) من التهدید بالعذاب، هو العذاب الدنیوی والاُخروی، والتعبیر بـ «بعض» إنّما یشیر إلى العذاب الدنیوی، وهو الحدّ الأدنى المتیقّن حصوله فی حالة تکذیبکم إیّاه.

وفی کلّ الأحوال تبدو جهود «مؤمن آل فرعون» واضحة فی النفوذ بشتى الوسائل والطرق إلى أعماق فرعون وجماعته لثنیهم عن قتل موسى(علیه السلام).

ونستطیع هنا أن نلخّص الوسائل التی اتبعها بما یلی:

أوضح لهم أوّلا أنّ عمل موسى(علیه السلام) لا یحتاج إلى ردّة فعل شدیدة کهذه.

ثم علیکم أن لا تنسوا أنّ الرجل یملک «بعض» الأدلة، ویظهر أنّها أدلة معتبرة، لذا فإنّ محاربة مثل هذا الرجل تعتبر خطراً واضحاً.

والموضوع برمّته لا یحتاج إلى موقف منکم، فإذا کان کاذباً فسینال جزاءه من قبل الله، ولکن یحتمل أن یکون صادقاً، وعندها لن یترکنا الله لحالنا.

ولم یکتف «مؤمن آل فرعون» بهذا القدر، وإنّما استمرّ یحاول معهم بلین وحکمة، حیث قال لهم ـ کما یحکی ذلک القرآن ـ : أنّ بیدکم حکومة مصر الواسعة مع خیراتها ونعیمها فلا تکفروا بهذه النعم فیصیبکم العذاب الالهی. (یا قوم لکم الملک الیوم ظاهرین فی الأرض فمن ینصرنا من بأس الله إن جاءن).

ویحتمل أن یکون غرضه: إنّکم الیوم تملکون کلّ أنواع القوّة، وتستطیعون اتخاذ أىّ تصمیم تریدونه اتجاه موسى(علیه السلام)، ولکن لا تغرّنکم هذه القوّة، ولا تنسوا النتائج المحتملة وعواقب الاُمور.

ویظهر أنّ هذا الکلام أثّر فی حاشیة فرعون وبطانته، فقلّل من غضبهم وغیظهم، لکن فرعون لم یسکت ولم یقتنع، فقطع الکلام بالقول: (قال فرعون ما أریکم إلاّ ما أرى) وهو إنّی أرى من المصلحة قتل موسى ولا حلّ لهذه المشکلة سوى هذا الحل.

ثمّ إنّنی: (و ما أهدیکم إلاّ سبیل الرّشاد).

و هذه هو حال کافة الطواغیت والجبّارین على طول التاریخ، فهم یعتبرون کلامهم الحق دون غیره، ولا یسمحون لأحد فی إبداء وجهة نظر مخالفة لما یقولون، فهم یظنون أنّ عقلهم کامل، وأنّ الآخرین لا یملکون علماً ولا عقلا... وهذا هو منتهى الجهل والحماقة.

 

سورة غافر (المؤمن) / الآیة 28 ـ 29 أوّلا: من هو مؤمن آل فرعون؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma