اعتبروا بعاقبة أسلافکم الظالمین

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 12
 سورة غافر (المؤمن) / الآیة 21 ـ 22  سورة غافر (المؤمن) / الآیة 23 ـ 27

إنّ اُسلوب القرآن الکریم فی کثیر من الآیات أنّه بعد أن یتعرّض لکلیات القضایا الحساسة والمهمّة یمزجها ببعض المسائل الجزئیة والمحسوسة ویأخذ بید الانسان لیریه الحوادث الماضیة والحالیة، لذلک فإنّ الآیات التی بین أیدینا تتحدّث عن أحوال الاُمم الظالمة السابقة ومنهم فرعون والفراعنة وما حلّ بهم من جزاء ألیم، وتدعوا الناس للاعتبار بمصیر اُولئک، بعد ما کانت الآیات السابقة قد حدّثتنا عن یوم القیامة وصفاته وطبیعة الحساب الدقیق الذی ینطوی علیه.

یقول تعالى: (أو لم یسیروا فی الأرض فینظروا کیف کان عاقبة الّذین کانوا من قبلهم).

إنّ الذی تحکیه الآیات وتدعونا للاعتبار به لیس تاریخاً مدوّناً نستطیع أن نشکّک فی طبیعة الوثائق والنصوص المکوّنة له، وإنّما هو تاریخ حی ینطق عن نفسه، وینبض بالعبرة والعظة، فهذه قصور الظالمین الخربة، وماترکوه من جنّات وعیون، وهذه مدن الأشقیاء التی نزل بساحتها العذاب والإنتقام الإلهی، وها هی عظامهم النخرة التی یطویها التراب، والقصور المدفونة تحت الأرض... ها هی کلّها تحکی عظة الدرس، وعظیم العبرة، خصوصاً وأنّ القرآن یزیدنا معرفة بهؤلاء فیقول عنهم: (کانوا هم أشدّ منهم قوّة وآثاراً فی الأرض).

کانوا یملکون السلطات القویة، والجیوش العظیمة، والمدنیة الباهرة التی  لا یمکن مقایستها بحیاة مشرکی مکّة.

إنّ تعبیر (أشدّ منهم قوّة) یکشف عن قوّتهم السیاسیة والعسکریة، وعن قوّتهم الاقتصادیة والعلمیة أیضاً.

أمّا التعبیر فی قوله تعالى: (آثاراً فی الأرض) فلعله إشارة إلى تقدّمهم الزراعی العظیم، کما ورد فی الآیة 9 من سورة «الروم» فی قوله تعالى: (أو لم یسیروا فی الأرض فینظروا کیف کان عاقبة الّذین من قبلهم کانوا أشدّ منهم قوّة وآثاروا الأرض وعمروها أکثر ممّا عمروه).

وقد یکون التعبیر القرآنی إشارة إلى البناء المحکم العظیم للاُمم السابقة، ممّا قاموا به فی أعماق الجبال وبین السهول، کما یصف القرآن ذلک فی حال قوم «عاد»: (أتبنون بکلّ ریع آیة تعبثون * وتتّخذون مصانع لعلّکم تخلدون)(1).

ولکن عاقبة هؤلاء القوم، بکل ما انطوت علیه حیاتهم من مظاهر قوّة وحیاة ونماء، هی کما یقول تعالى: (فأخذهم الله بذنوبهم وما کان لهم من الله من واق).

فلم تنفعهم کثرتهم ولم تمنعهم أموالهم وقدرتهم وشوکتهم من العذاب الإلهی عندما نزل بساحتهم.

لقد وردت کلمة «أخذ» مراراً فی القرآن الکریم بمعنى العقاب، وهی إشارة إلى «أخذ» القوم أو الجماعة قبل أن یُنْزل بها العقاب، تماماً کما یقبض أوّلا على الشخص المجرم، ثمّ یتمّ عقابه.

الآیة التی بعدها فیها تفصیل لما قیل سابقاً بإیجاز، یقول تعالى: (ذلک بأنّهم کانت تأتیهم رسلهم بالبیّنات فکفرو). فلم یکن الأمر أنّهم کانوا غافلین ولم یعرفوا الأمر، ولم یکن کفرهم وارتکابهم الذنوب بسبب عدم إتمام الحجّة علیهم، فلقد کانت تأتیهم رسلهم تترا، کما یستفاد من قوله تعالى: (کانت تأتیهم) إلاّ أنّهم لم یخضعوا للأوامر الإلهیّة، کانوا یحطمون مصابیح الهدایة، ویدیرون ظهورهم للرسل، وکانوا ـ أحیاناًـ یقتلونهم!

وحینئذ: (فأخذهم الله) وعاقبتهم أشدّ العقاب: (إنّه قوىّ شدید العقاب). إذ هو فی مواطن الرأفة أرحم الراحمین وفی مواضع الغضب أشدّ المعاقبین.


1. الشعراء، 128 و129.

 

 سورة غافر (المؤمن) / الآیة 21 ـ 22  سورة غافر (المؤمن) / الآیة 23 ـ 27
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma