رابعاً: ما هو العرش الإلهی؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 12
ثالثاً: لماذا تبدأ الأدعیة بکلمة «ربّنا»؟سورة غافر (المؤمن) / الآیة 10 ـ 12

لقد أشرنا مراراً إلى أنّ ألفاظنا ـ الموضوعة أصلا لتوضیح مشخصات الحیاة المحدودة ـ لا تستطیع أن توضّح عظمة الخالق، أو حتى أن تحیط بعظمة مخلوقاته جلّ وعلا، لهذا السبب فلیس أمامنا سوى استخدام ألفاظ ومعانی للکنایة عن تلک العظمة.

وفی طلیعة الألفاظ التی یشملها هذا الوضع، کلمة (العرش) التی تعنی لغویاً (السقف) أو (السریر ذا المسند المرتفع) فی قبال (الکرسی) الذی هو (سریر ذو مسند منخفض). ثمّ استخدمت هذه الکلمة لتشمل (عرش) القدرة الإلهیّة.

وللمفسّرین و علماء الکلام کلام کثیر حول المقصود بالعرش، وما ینطوی علیه من معنى کنائی.

فأحیاناً فسّروا العرش بمعنى (العلم اللامتناهی لله تبارک وتعالى).

واُخرى قالوا بأنّ المعنى هو (المالکیة والحاکمیة الإلهیّة).

وفسّروا العرش أیضاً بأنّه إشارة إلى أىّ واحدة من الصفات الکمالیة والجلالیة لله تبارک وتعالى، لأنّ کلّ واحدة من هذه الصفات توضّح عظمة منزلته جلّ وعلا، کما أنّ عرش السلطان (والأمثال تضرب ولا تقاس) یوضّح عظمته.

فالخالق جلّ وعلا یملک عرش العلم، وعرش القدرة، وعرش الرحمانیة، وعرش الرحیمیة.

وطبقاً للتفاسیر والآراء الثلاثة هذه، فإنّ مفهوم (العرش) یعود إلى صفات الخالق جل وعلا، ولا یعنی وجود خارجی آخر له.

وفی بعض الرّوایات الواردة عن أهل البیت(علیهم السلام)، ما یشیر إلى هذا المعنى، ففی روایة عن الإمام الصادق(علیه السلام) أنّه أجاب عندما سئل عن معنى قوله تعالى: (وسع کرسیّه السّماوات والأرض)(1) أنّ المقصود بذلک علمه تعالى شأنه(2).

وفی حدیث آخر عن الإمام الصادق(علیه السلام) أیضاً أنّه فسّر (العرش) بأنّه «العلم» الذی کشفه وعلّمه الله للأنبیاء علیهم السلام، بینما (الکرسی) هو «العلم» الذی لم یعلّمه لأحد ولم یطلع علیه أحد(3).

وبین أیدینا تفاسیر اُخرى استندت إلى روایات إسلامیة، ففسّرت العرش والکرسی بأنّهما موجودات عظیمة من مخلوقات الله تبارک وتعالى.

قالواـ مثلاـ إنّ المقصود بالعرش هو مجموع عالم الوجود.

وقالوا أیضاً: هو مجموع الأرض والسماء المتجسدة ضمن هذا الکرسی; بل إنّ السماء والأرض کالخاتم فی الصحراء الواسعة مقایسة بینهما وبین (الکرسی) ثم قالوا: إنّ «الکرسی» فی مقابل العرش کالخاتم فی الصحراء الواسعة.

وفی تفاسیر اُخرى تستند بدورها إلى روایات إسلامیة، أطلقوا کلمة (العرش) للکنایة عن قلوب الأنبیاء والأوصیاء والمؤمنین التامین الکاملین، کما جاء ذلک فی الحدیث: «إنّ قلب المؤمن عرش الرحمن»(4).

وفی حدیث قدسی نقرأ قوله تعالى: «لم یسعنی سمائی ولا أرضی، ووسعنی قلب عبدی المؤمن»(5).

أمّا أفضل الطرق لإدراک معنى العرش ـ بمقدار ما تسمح به قابلیة الإنسان واستیعابه ـ فهو أن نبحث موارد استعمال هذه الکلمة فی القرآن الکریم،نتفحص مدلولاتها بشکل متأن.

فی آیات کثیرة من کتاب الله نلتقی مع هذا التعبیر، کما فی قوله تعالى: (ثمّ استوى على العرش)(6). ثمّ یرد تعبیر (یدبّر الأمر) فی بعض الآیات التی تأتی بعد مفاد الآیة أعلاه (آیة العرش) أو ترد جمل اُخرى تعبّر عن علم الله ودرایة الخالق جلّ وعلا.

فی آیة اُخرى من القرآن الکریم یوصف العرش بالعظمة: (وهو ربّ العرش العظیم)(7).

وأحیاناً تتحدّث الآیة عن حملة العرش، کما فی الآیة التی نحن بصددها.

ومن الآیات ما تتحدّث عن الملائکة المحیطة بالعرش، کما فی قوله تعالى: (وترى الملائکة حافّین من حول العرش)(8)

وفی آیة اُخرى نقرأ قوله تعالى: (وکان عرشه على الماء).(9)

من خلال مجموع هذه الموارد، والتعابیر الاُخرى الواردة فی الأحادیث والروایات الإسلامیة، نستنتج بشکل واضح أنّ کلمة (العرش) تطلق على معانی مختلفة بالرغم من أنّها تشترک فی أساس واحد.

فأحد معانی العرش هو مقام (الحکومة والمالکیة وخلق عالم الوجود) إذ تلاحظ أنّ الاستخدام الشائع للعرش یدلل ـ من خلال الکنایة ـ على سیطرة الحاکم على اُمور دولته، فنقول مثلا: «فلان شلّ عرشه» والتعبیر کنایة عن انهیار قدرته وحکومته.

والمعنى الآخر من معانی العرش هو، «مجموع عالم الوجود» لأنّ کلّ الوجود هو دلیل على العظمة.

وأحیاناً یستخدم العرش بمعنى «العالم الأعلى» والکرسی بمعنى «العالم الأدنى».

ویستخدم العرش أحیاناً بمعنى (عالم ما وراءالطبیعة) والکرسی بمعنى (مجموع عالم المادة) بما فی ذلک الأرض والسماء، کما جاء فی آیة الکرسی: (وسع کرسیّه السّماوات والأرض).(10)

ولأنّ علم الخالق لا ینفصل عن ذاته المنزّهة، لذا فإنّ کلمة (عرش) تطلق أحیاناً على «علم الله».

وإذا أطلق وصف (عرش الرحمن) على القلوب الطاهرة لعباد الله المؤمنین، فذلک یعود إلى أنّ هذا المکان هو محل معرفة الذات الإلهیّة المنزّهة، وهو بحدّ ذاته أحد أدلة عظمته وقدرته جلّ وعلا.

من کلّ ذلک یتّضح أنّ کافة معانی العرش ـ التی وردت آنفاًـ توضّح عظمة الخالق جلّ وعلا.

وفی الآیة التی نحن بصدد بحثها یمکن أن یکون المقصود من العرش هو نفس حکومة الله تعالى وتدبیره لعالم الوجود، وحملة العرش یقومون بتنفیذ إرادة الله الحاکمة فی الخلق.

ویمکن أن یکون المعنى هو مجموع عالم الوجود أو عالم ما وراء الطبیعة، أمّا حملة العرش الإلهی فهم الملائکة الذین تقع علیهم مسؤولیة تدبیر أمر هذا العالم بأمر الله تعالى.


1. البقرة، 255.
2. بحار الأنوار، ج 58، ص 28، ح 46 و47.
3. المصدر السابق.
4. المصدر السابق، ص 39.
5. المصدر السابق.
6. الأعراف، 54، ویونس، 3، والرعد، 2، والفرقان، 59، والسجده، 4، والحدید، 4.
7. التوبة، 129.
8. الزمر، 75.
9. هود، 7.
10. البقرة، 255.
ثالثاً: لماذا تبدأ الأدعیة بکلمة «ربّنا»؟سورة غافر (المؤمن) / الآیة 10 ـ 12
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma