عاقبة فرعون وأتباعه الوخیمة:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 9
سورة الشّعراء / الآیة 60 ـ 68 1ـ معبر بنی إسرائیل!

فی هذه الآیات یبرز المشهد الأخیر من قصّة موسى وفرعون، وهو کیفیة هلاک فرعون وقومه، ونجاة بنی إسرائیل وانتصارهم!

وکما قرأنا فی الآیات المتقدمة فإنّ فرعون أرسل المدائن حاشرین، وهیأَ مقداراً کافیاً من «القوّة» والجیش، قال بعض المفسّرین: کان ما أرسله فرعون على أنّه مقدمة الجیش ستمائة ألف مقاتل، وتبعهم بنفسه بألف ألف مقاتل «أی ملیون».(1)

تحرکوا فی جوف اللیل لیدرکوهم بسرعة، فبلغوهم صباحاً کما تقول الآیة الاُولى من الآیات محل البحث: (فاتبعوهم مشرقین(2) * فلمّا تراء الجمعان قال أصحاب موسى إنّا لمدرکون).

فأمامنا بحر خضم متلاطم بالأمواج، ومن ورائنا بحر من الجیوش المتعطشة للدماء بتجهیزاتها الکاملة... هؤلاء الغاضبون علینا وهم الذین قتلوا أطفالنا الأبریاء سنین طوالا... وفرعون نفسه رجل دموی جبار... فعلى هذا سیحاصروننا بسرعة، ویقتلوننا جمیعاً بحدّ السیوف، أو سیأسروننا ویعذبوننا، والقرائن جمیعها تدل على ذلک.

وهنا مرّت لحظات عسیرة على بنی إسرائیل... لحظات مُرّة لایمکن وصف مرارتها. ولعل جماعة منهم تزلزل إیمانهم وفقدوا معنویاتهم وروحیاتهم.

إلاّ أنّ موسى(علیه السلام) کان مطمئناً هادىء البال، وکان یعرف أن وعد الله فی هلاک فرعون وقومه ونجاة بنی إسرائیل لایتخلف أبداً ولن یخلف الله وعده رسله!.

لذلک التفت إلى بنی إسرائیل الفزعین بکمال الإطمئنان والثقة و(قال کلاّ إنّ معی ربّی سیهدین).

ولعلّ هذا التعبیر یشیر إلى وعد الله لموسى وأخیه هارون حین أمرهما بإنذار قومهما، إذ قال لهما: (إنّنی معکما أسمع وأرى).(3)

إذ کان موسى یعلم أنّ الله معه فی کل مکان، وخاصّة تعویله فی کلامه على کلمة (ربّی) أی الله المالک والمربّی هذا یدل على أنّ موسى(علیه السلام) کان یدری أنّه  لا یطوی هذا الطریق بخطاه، بل بلطف الله القادر الرحیم.

وفی هذه الحال التی قد یکون البعض سمعوا کلامه دون أن یصدقوه، وکانوا ینتظرون آخر لحظات حیاتهم، صدر أمر الله کما یقول القرآن: (فأوحینا إلى موسى أن اضرب بعصاک البحر...).

تلک العصا التی هی فی یوم آیة إنذار، وفی یوم آخر آیة رحمة ونجاة!

فامتثل موسى(علیه السلام) أمر ربّه فضرب البحر، فإذا أمامه مشهد رائع عجیب، تهللت له أساریر وجوه بنی إسرائیل، إذا انشقَّ البحر (فانفلق فکان کلّ فرق کالطّود العظیم)!

و «انفلق» مأخوذ من «الفَلَق» ومعناه الإنشقاق و«فَرَقَ» من مادة «فرْق» على زنة «حلق» ومعناه الإنفصال!

وبتعبیر آخر، کما یقول الراغب فی مفرداته: إنّ الفرق بین (فلق) و(فرق) هو أنّ الأوّل یشیر إلى الإنشقاق (أو الإنشطار) والثّانی یشیر إلى الإنفصال، ولذا تطلق الفرقة والفِرَق على القطعة أو الجماعة التی انفصلت عن البقیّة!...

«الطود» معناه الجبل العظیم، ووصف الطود بالعظمة فی الآیة تأکید آخر على معناه.

وعلى کل حال، فإنّ الله الذی ینفذ أمره فی کل شیء، وبأمره تموج البحار وتتصرف الریاح وتتحرک العواصف وکل شیء فی عالم الوجود من رشحات فضله وقدرته أصدر أمره إلى البحر، وأمواجه، فالتحمت الأمواج وتراکمت بعضها إلى بعض، وظهرت ما بینها طُرُق سالکة، فمرّتْ کل فرقة من بنی إسرائیل فی إحدى الطرق!

إلاّ أنّ فرعون وأتباعه بالرغم من مشاهدتهم هذه المعجزة الکبرى الواضحة لم یذعنوا للحق، ولم ینزلوا عن مَرکبِ غرورهم، فاتبعوا موسى ورهطه لیبلغوا مصیرهم المحتوم، کما یقول القرآن فی هذا الشأن: (وأزلفنا ثمّ الآخرین).

وهکذا ورد فرعون وقومه البحر أیضاً، واتبعوا عبیدهم القدماء الذین استرقّوهم بطغیانهم، وهم غافلون عن أن لحظات عمرهم تقترب من النهایة، وأنّ عذاب الله سینزل فیهم!

وتقول الآیة التالیة: (وأنجینا موسى ومن معه أجمعین).

وحین خرج آخر من کان من بنی إسرائیل من البحر، ودخل آخر من کان من أتباع فرعون البحر، صدر أمر الله فعادت الأمواج إلى حالتها الاُولى فانهالت علیهم فجأةً، فهلک فرعون وقومه فی البحر، وصار کل منهم کالقشّة فی وسط الأمواج المتلاطمة.

ویبیّن القرآن هذه الحالة بعبارة موجزة متینة فیقول: (ثمّ أغرقنا الآخرین)...

وهکذا انتهى کل شیء فی لحظة واحدة... فالأرقاء أصبحوا أحراراً، وهلک الجبابرة، وانطوت صفحة من صفحات التاریخ، وانتهت تلک الحضارة المشیدة على دماء المستضعفین، وورث الحکومة والمُلکَ المستضعفون بعدهم.

أجل (إنّ فی ذلک لآیة وما کان أکثرهم مؤمنین) فکأنّ فی أعینهم عمىً، وفی آذانهم وقراً، وعلى قلوب أقفالا.

فحیثُ لا یؤمن فرعون وقومه مع ما رأوا من المشاهد العجیبة، فلا تعجبُ إذاً ألاّ یؤمن بک المشرکون ـ یا محمد ـ ولا تحزن علیهم لعدم إیمانهم، فالتاریخ ـ یحمل بین طیاته وثنایاه کثیراً من هذه المشاهد!

والتعبیر بـ «أکثرهم» إشارة إلى أنّ جماعة من قوم فرعون آمنوا بموسى والتحقوا بأصحابه، لا آسیةُ امرأة فرعون فحسب، ولا رفیق موسى المخلص المذکور فی القرآن على أنّه مؤمن من آل فرعون، بل آخرون أیضاً کالسحرة التائبین مثلا.

أمّا آخر آیة من هذه الآیات فتشیر فی عبارة موجزة وذات معنى غزیر إلى قدرة الله ورحمته المطلقة واللامتناهیة، فتقول: (وإنّ ربّک لهو العزیز الرّحیم).

فمن عزته أنّه متى شاء أن یهلک الأمم المسرفة الباغیة أصدر أمره فأهلکها، ولا یحتاج أن یرسل جنوداً من ملائکة السماء لإهلاک اُمة جبّارة... فیکفی أن یهلکها بما هو سبب حیاتها، کما أهلک فرعون وقومه بالنیل الذی کان أساس حیاتهم وثروتهم وقدرتهم، فإذا هو یقبرهم فیه!!

ومن رحمته أنّه لا یعجل فی الأمر أبداً، بل یمهل سنین طوالا، ویرسل معاجزه إتماماً للحجة، ومن رحمته أن یخلص هؤلاء المستعبدین من قبضة الجبابرة الظالمین.


1. کلمة ملیون وأخواتها (ملیار، بلیون الخ) من مصطلحات العصر وهی غیر عربیة، وکان العرب یقولون ألف ألف.
2. قال بعض المفسّرین: المراد من «مشرقین»، أنّ بنی اسرائیل ساروا
نحو الشرق، واتّباع فرعون وقومه بالإتجاه نفسه، لأنّ بیت المقدس یقع شرق مصر!
3. طه، 46.
سورة الشّعراء / الآیة 60 ـ 68 1ـ معبر بنی إسرائیل!
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma