أَجری هو هدایتکم:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 9
سورة الفرقان / الآیة 56 ـ 59 1ـ أجر الرسالة

کان الکلام فی الآیات السابقة حول إصرار الوثنیین على عبادتهم الأصنام التی لا تضرُّ ولا تنفع، وفی الآیة الحالیة الاُولى یشیر القرآن إلى مهمّة النّبی(صلى الله علیه وآله)قبالة هؤلاء المتعصبین المعاندین، فیقول تعالى: (وما أرسلناک إلاّ مبشّراً ونذیر).(1)

إذا لم یتقبل هؤلاء دعوتک، فلا جناح علیک، فقد أدیت مهمتک فی البشارة والإنذار، ودعوت القلوب المستعدة إلى الله.

هذا الخطاب، کما یشخص مهمّة النّبی(صلى الله علیه وآله)، کذلک یسلّیه، وفیه نوع من التهدید لهذه الفئة الضالة، وعدم المبالاة بهم.

ثمّ یأمر النّبی(صلى الله علیه وآله) أن یقول لهم أننی لا اُرید منکم فی مقابل هذا القرآن وابلاغکم رسالة السماء أی أجر وعوض: (قل ما أسألکم علیه من أجر) ثمّ یضیف: إنّ الأجر الوحید الذی أطلبه أن یهتدی الناس إلى طریق الله (إلاّ من شاء أن یتّخذ إلى ربّه سبیل).

یعنی أجری وجزائی هو هدایتکم فقط، وبکامل الإرادة والاختیار أیضاً، فلا إکراه ولا إجبار فیه، وکم هو جمیل هذا التعبیر الکاشف عن غایة لطف ومحبة النّبی(صلى الله علیه وآله) لأتباعه، ذلک لأنّه عدَّ(2) أجره وجزاءَه سعادتهم.

بدیهی أنّ للنّبی(صلى الله علیه وآله) أجراً معنویاً عظیماً على هدایة الأمة، ذلک لأن «الدال على الخیر کفاعله».(3)

و ذکر المفسّرون احتمالات اُخرى أیضاً فی تفسیر هذه الآیة من جملتها:

یرى جماعة من المفسّرین أنّ معنى هذه الآیة هکذا «أنا لا أرید منکم أی جزاء إلاّ ما أردتم من إنفاق الأموال على المحتاجین فی سبیل الله، وذلک مرتبط برغبتکم».(4)

لکنّ التّفسیر الأوّل أقرب إلى معنى الآیة.

اتّضح ممّا قلناه أعلاه، أنّ الضمیر فی «علیه» یرجع إلى القرآن وتبلیغ دین الإسلام، لأنّ الکلام کان فی عدم المطالبة بالأجر والجزاء فی مقابل هذه الدعوة.

هذه الجملة بالإضافة إلى أنّها تقطع حجج المشرکین، فهی توضح أن قبول هذه الدعوة الإلهیة سهل ویسیر جدّاً لکل أحد، بلا مشقّة ولا خسارة.

وهذا بنفسه شاهد على صدق دعوة النّبی(صلى الله علیه وآله)، ونقاء فکره ومنهجه، وذلک لأنّ الأدعیاء الکاذبین لابدّ أن یُدخلوا فی هذا العمل رغبتهم فی الأجر والجزاء بصورة مباشرة أو غیر مباشرة.

و تبیّن الآیة التی بعدها المعتمد الأساس للنّبی(صلى الله علیه وآله): (وتوکّل على الحىّ الّذی لا یموت).

فمع هذا المعتمد والملجأ والمولى الذی ما زال ولن یزال حیاً دائماً،  فلا حاجة لک بأجر وجزاء هؤلاء، ولا خوف علیک من ضررهم ومؤامراتهم.

والآن حیث الأمر على هذه الصورة فسبح الله تنزیهاً له من کل نقص، وأحمده إزاء کل هذه الکمالات (وسبّح بحمده).

من الممکن اعتبار هذه الجملة بمنزلة التعلیل للجملة السابقة، لأنّ تعالى هو المنزّه من کل عیب ونقص، وأهلٌ لکل کمال وجمال، وحقیق بالتوکل علیه.

ثمّ یضیف القرآن الکریم: لا تقلق من بهتان ومؤامرات الأعداء، لأنّ الله مطلع على ذنوب عباده وسیحاسبهم: (وکفى به بذنوب عباده خبیر).

الآیة التالیة بیان لقدرة الخالق فی ساحة عالم الوجود، ووصف آخر لهذا الملاذ الأمین، یقول تعالى: (الّذی خلق السّماوات والأرض وما بینهما فی ستّة أیّام ثمّ استوى على العرش)فأخذ بتدبیر العالم.

إنّ من له هذه القدرة الواسعة یستطیع أن یحفظ المتوکلین علیه من کل خطر وحادثة، فکما أنّ خلق العالم کان بواسطة قدرته، کذلک فإنّ إدارة وقیادة وتدبیر ذلک العالم بأمر ذاته المقدسة.

ضمناً، فإنّ خلق العالم بشکل تدریجی إشارة إلى أنّ الله لا یعجل فی أی عمل، فإذا لم یجاز أعداءک سریعاً، فلأجل أن یمنحهم الفسحة والفرصة حتى یأخذوا بإصلاح أنفسهم، فضلا عن أن من یعجل هو من یخاف الفوت، وهذا غیر متصور بالنسبة إلى الله القادر المتعال.

فی مسألة خلق عالم الوجود فی ستة أیّام، فإنّ «الیوم» فی مثل هذه الموارد بمعنى «المرحلة»، أو الفترة الزمنیة وهذه الفترة من الممکن أن تستغرق ملایین أو ملیارات من السنین، وشواهد هذا المعنى فی الأدب العربی وغیره کثیرة، بحثناه بشکل مفصل فی تفسیر الآیة 54 من سورة الأعراف، وشرحنا هناک هذه المراحل الست.

و أیضاً فإنّ معنى «العرش» وجملة (استوى على العرش) وردت هناک أیضاً.

وفی ختام الآیة یضیف تعالى: (الرّحمن): من شملت رحمته العامّة جمیع الموجودات، فالمطیع والعاصی والمؤمن والکافر یغترفون من خوان نعمته التی لا انقطاع فیها.

والآن، حیث ربّک الرحمن القادر المقتدر، فإذا أردت شیئاً فاطلب منه فإنّه المطلع على احتیاجات جمیع عباده: (فاسأل به خبیر).

هذه الجملة ـ فی الحقیقة ـ نتیجة لمجموع البحوث السابقة. یأمر الله النّبی(صلى الله علیه وآله): أعلِنْ لهم أنّنی لا أرید منکم أجراً، وتوکل على الله الجامع لکل الصفات، القادر، والرحمن، والخبیر، والمطلع، وأطلب منه أی شیء تریده.

للمفسّرین أقوال اُخرى فی تفسیر هذه الجملة، فقد جعلوا السؤال هنا بمعنى الاستفهام (لا الطلب)، وقالوا: إن مفهوم الجملة هو: إذا أردت أن تسأل فی موضوع خلق الوجود وقدرة الخالق، فاسأله هو، فهو العالم بکل شیء.

بعض آخر، بالإضافة إلى أنّهم فسروا «السؤال» بـ «الإستفهام» قالوا: إنّ المقصود بـ

«الخبیر» جبرئیل، أو النّبی، یعنی: إسألهما عن صفات الله.

التّفسیر الأخیر بعید جدّاً بالتأکید، وما قبله أیضاً غیر متناسب کثیراً مع الآیات السابقة، والأقرب هو ما قلناه فی معنى الآیة من أنّ المقصود من السؤال هو الطلب من الله.(5)


1. «نذیر» فی اعتقاد البعض صیغة مبالغة، فی حین أنّ «مبشر» اسم فاعل فقط، هذا التفاوت التعبیری یمکن أن یکون بسبب أنّ النّبی(صلى الله علیه وآله) کان فی مواجهة فئة بلا إیمان وکان لها إصرار بالغ على انحرافها، فلا بد أن یبالغ فی إنذارها. (تفسیر روح المعانی ذیل الآیة مورد البحث).
2. بناء على هذا فالاستثناء فی الآیة أعلاه «استثناء متصل» وإنْ بدا منقطاً لأول وهلة.
3. وسائل الشیعة، ج 16، ص 123، من طبعة آل البیت.
4. الاستثناء فی هذه الحالة «استثناء منقطع».
5. طبقاً لهذا التّفسیر فـ «الباء» فی «به» زائدة، أمّا طبقاً للتفاسیر الاُخرى، فإن «الباء» بمعنى «عن».
سورة الفرقان / الآیة 56 ـ 59 1ـ أجر الرسالة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma